عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Mar-2020

التشابه بين الشائعات والفيروسات - الدكتور فايز أبو حميدان

 

الدستور- شهدت الآونة الأخيرة انتشاراً سريعاً للشائعات وتداول معلومات مغلوطة من خلال بعض المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تعد بيئة خصبة للنشر والتداول على نطاق كبير يصل لمختلف دول العالم، حيث انتشرت فيديوهات وصوتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي و»الواتساب» وتم مشاركتها على نطاق واسع أثارت بدورها حالة من الرعب والقلق بين الناس خاصة في ظل تزايد أعداد الإصابات والوفيات. 
 
فوجه الشبه بين الشائعات و الفيروسات انها تنتشر بسرعة وتُحدث أضراراً كبيرة فلا يكاد يخلو أي حديث بين الناس أو على مواقع التواصل الاجتماعي من آخر أخبار ومستجدات مرض الكوفيد 19 بل أصبح يتسابق الناس في نشر أية أخبار جديدة دون أي محاولة للتدقيق أو التحري في صحة تلك الأخبار، فالكل أصبح مراسلا إخباريا ومحللا صحيا واقتصاديا، فالإشاعات التي تنتشر بين الناس تؤدي حتماً الى اضطرابات وعواقب تكون وخيمة في بعض الأحيان وتمس أمن واستقرار الدول فالهلع الذي نشأ بسبب انتشار بعض الشائعات الخاطئة  وغير المنطقية حول الكورونا أدى الى اتباع الناس سلوكيات ضارة بل و تسببت أحيانا في رفع نسبة الإصابة بين الناس.
 
فالإشاعات مثلا بأن الكوفيد 19 مجرد أنفلونزا عادية كالانفلونزا الموسمية وسوف ينتهي قريباً أدى الى استهتار الكثيرين بالمرض بل أن بعض رجال السياسة تأخروا لهذا السبب في اتخاذ إجراءات احترازية مبكرة كما حدث في ايطاليا وبريطانيا مما أدخل هذه الدول في أزمة حقيقية ورفع نسبة الوفيات فيها وأدى الى أضرار فادحة على المستوى العالمي بسبب انتقال المرض الى دول أخرى.
 
ان تداول اشاعات من شأنها إقحام السياسة بالمرض كاتهام الجيش الأمريكي في إدخال الفيروس الى الصين وايران واتخاذه سلاحا بيولوجيا، ومحاولة دفع العالم الى أزمة اقتصادية يستفيد منها البعض بهدف بيع العقاقير والسيطرة على العالم وتغيير أقطاب السياسة ما هو الا وهم وضربٌ من الخيال، فأمريكا هي المتضرر الأول في العالم من ناحية عدد الإصابات والانتشار فقد وصلت العدوى بالفيروس الى حاملات الطائرات الأمريكية في المحيط الهندي وكون اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر اقتصاد عالمي فهي بذلك المتضرر الأول من مرض الكورونا.
 
أما فيما يخص الوقاية والعلاج فالاجتهادات الشخصية بالافتاءات كثيرة ولا حصر لها فقد ثبت بأن أهم عناصر الوقاية هو المواظبة على غسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية وتعقيم اليدين بالمطهرات الكحولية وهنا لا يلعب نوع الصابون أو المعقم دوراً  فكلها تؤدي الغرض المرجو من ذلك، وان الحجر الصحي أيضا من الطرق المثلى في كبح تفشي الفيروس، كما أن ارتداء الكمامات ضروري لتجنب وصول الرذاذ الناتج عن السعال والعطس مِن والى الآخرين. 
 
كما أنه ليس من الصحيح أن الفيروس لا يظهر في البلدان ذات الطقس الحار فمن الخطأ الاعتقاد بأن الفيروس سيختفي خلال فصل الصيف وأنه  يفقد  قدرته على الانتقال مع ارتفاع درجة حرارة الطقس ولو كان ذلك صحيحا فلماذا يوجد حالات في أستراليا و جنوب أمريكا ومناطق أخرى حارة.  
 
أما ما يتم تداوله حول العلاجات السحرية للكورونا بالطب العربي و الأعشاب كالثوم و البصل و اليانسون والطب الصيني فهذه مجرد ادعاءات غير منطقية ولا تستند الى أسس علمية مطلقا كما انها غير مجدية، فالجميع عرضة للإصابة بهذا الفيروس لكن تزداد شدة اعراضه لدى البعض نتيجة ضعف مناعة أجسامهم، لذا يجب تقوية مناعة الجسم من خلال تناول المأكولات الصحية وشرب المشروبات المفيدة التي تعزز من صحة جهاز المناعة. كما أن علاج الملاريا بالهيدروكسي كلوروكوين كما أقترحه الرئيس الأمريكي ترامب غير مبني على أسس علمية بل وربما تكون مضاره أكثر من فوائده  وخاصة لدى مرضى القلب. 
 
أما اشاعة أن التدخين يقي من المرض فهذا أمر خاطئ ولا يمت للصحة بصلة فالإحصاءات الحالية تثبت بأن المدخنين الذين ثبتت إصابتهم بالكورونا حالتهم حرجة ويعانون من صعوبات أكثر ونسبة الوفيات لديهم أعلى، وذلك لأن مرض الكورونا يصيب الرئة بالأساس وهنا تكون فرص المدخنين بالشفاء والاستجابة للعلاج ضئيلة وهذا ينطبق على مدمني الكحول أيضاً.
 
وبالنسبة للشائعة التي مفادها بأن الكورونا لا يصيب الأطفال فهي خاطئة لأن هذا الفيروس الفتاك لا يستهدف فئة عمرية معينة ويصيب جميع الأعمار بما فيها الأطفال و لكن أمكانية المقاومة في النظام المناعي لدى كبار السن قليلة، يضاف الى ذلك وجود أمراض مزمنة أخرى لديهم مرتبطة بالتقدم بالسن، فعلى سبيل المثال لا الحصر السمنة وضغط الدم المرتفع والسكري تعتبر عوامل سلبية وذلك لعدم مقدرة الرئة لدى هذه الفئة من الناس من تزويد الجسم بالأكسجين اللازم عند الإصابة بالمرض بسبب تعطل وإعاقة عمل الرئة. 
 
لذا علينا أخذ الحيطة والحذر قبل تصديق الإشاعات والأخبار المتداولة، فبعض العقول تعشق اختلاق الشائعات لتثير الرعب بين الناس خاصة في هذه الأوقات الحرجة التي يشهدها العالم، كما انه من الضروري أن يكون لدينا قدر كاف من الوعي الصحيح بحقيقة هذا المرض وطرق انتشاره والوقاية منه، وأن نتجنب السلوكيات الخاطئة التي يتم الترويج لها وان نلتزم بتلك التي من شأنها الوقاية من المرض أو تساعد على مقاومته كالسلوكيات التغذوية الصحيحة لتعزيز جهاز مناعة الجسم. ففي ظلّ ما يعيشه العالم من مخاوف حول وباء الكورونا علينا ان نقف يداً بيد لمواجهة هذه الأزمة التي تعصف بدول العالم أجمع ونكافح الشائعات من خلال انتقاء وسائل أخبار موثوقة.
 
كما ان السلطات الحكومية وأجهزة الدولة ووسائل الإعلام المختلفة تحرص على نفي الشائعات المتداولة وتقوم ببيان واثبات  عدم صحتها أولا بأول، كما أنها بدأت الآن باتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق الأشخاص الذين يقومون بترويج أو نشر أو إعادة نشر أو تداول مثل تلك الأخبار والإشاعات غير الصحيحة و الكاذبة حول المرض، باعتبار هذا التصرف يهدد الأمن القومي وعقوبة هذا التصرف من الناحية القانونية ستكون رادعة وقاسية جدا.