عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jul-2023

الأمم المتحدة تُحذر: الرقائق الذكية المزروعة بالدماغ قد تصبح سلاحاً

 لندن ـ «القدس العربي»: حذرت لجنة تابعة للأمم المتحدة من أن تقنية شرائح الدماغ التي ابتكرها إيلون ماسك يمكن أن يساء استخدامها بسبب «المراقبة العصبية» التي تنتهك «الخصوصية العقلية» أو حتى «لتنفيذ أشكال من إعادة التعليم القسري» ما يهدد حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

 
وقالت وكالة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة «اليونسكو» إن التكنولوجيا العصبية مثل شرائح «Neuralink» التي يعمل ماسك على تجربتها وتطويرها حالياً، إذا تركت بدون تنظيم فسوف تؤدي إلى «إمكانيات جديدة لمراقبة العقل البشري والتلاعب به من خلال تقنية التصوير العصبي” كما يُمكن أن يتم استخدامها في عملية «تغيير الشخصية».
وقال تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» إن اليونسكو تعمل الآن على وضع استراتيجية حول «إطار أخلاقي» عالمي لحماية البشرية من الانتهاكات المحتملة للتكنولوجيا، والتي يخشون من تسريعها من خلال التقدم في الذكاء الاصطناعي.
وقالت غابرييلا راموس، مساعدة المدير العام لليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية: «نحن في طريقنا إلى عالم ستمكننا فيه الخوارزميات من فك شفرة العمليات العقلية للناس».
وأضافت راموس إن الآثار المترتبة على ذلك «بعيدة المدى وربما تكون ضارة» وذلك بالنظر إلى الاختراقات في مجال التكنولوجيا العصبية التي يمكن أن «تتلاعب مباشرة بآليات الدماغ لدى البشر والكامنة وراء نواياهم وعواطفهم وقراراتهم».
وتأتي تحذيرات اللجنة بعد أقل من شهرين من منح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لشركة إيلون ماسك لزراعة رقاقة الدماغ «Neuralink» الموافقة الفيدرالية لإجراء تجارب على البشر.
وستعمل التكنولوجيا العصبية على توصيل الدماغ بقوة الحوسبة عبر أقطاب كهربائية تشبه الخيوط المحيطة في مناطق معينة من الدماغ.
وستتواصل أقطاب «Neuralink» مع شريحة لقراءة الإشارات التي تنتجها خلايا خاصة في الدماغ تسمى الخلايا العصبية، والتي تنقل الرسائل إلى خلايا أخرى في الجسم مثل عضلاتنا وأعصابنا.
 
التحكم في التقنيات الخارجية
 
ونظراً لأن إشارات الخلايا العصبية تُترجم مباشرةً إلى عناصر تحكم حركية، فقد تسمح شرائح «نيورالينك» للبشر بالتحكم في التقنيات الخارجية، مثل أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، أو فقدان وظائف الجسم أو حركات العضلات، بأذهانهم.
وقال ماسك «إنه يشبه استبدال قطعة من الجمجمة بساعة ذكية». لكن مسارات الاتصالات هذه، كما حذرت لجنة اليونسكو، تقطع كلا الاتجاهين.
وفي شهر أيار/مايو من العام الحالي، كشف علماء في جامعة تكساس في أوستن أنهم كانوا قادرين على تدريب الذكاء الاصطناعي على قراءة عقول الناس بشكل فعال، وتحويل بيانات الدماغ من موضوعات الاختبار المأخوذة عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي إلى كلمات مكتوبة.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية في اليونسكو مارياغرازيا سكوتشياريني، المتخصصة في قضايا الذكاء الاصطناعي، إلى أن قدرة خوارزميات التعلم الآلي على سحب الأنماط بسرعة من البيانات المعقدة، مثل عمليات مسح الدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي، ستسرع من وصول رقائق الدماغ إلى العقل البشري. وأضافت: «الأمر يشبه وضع التقنية العصبية على المنشطات».
وكانت اليونسكو عقدت مؤتمراً خاصاً بحضور أكثر من ألف مشارك للجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا «IBC» في باريس يوم الخميس قبل الماضي.
وقالت اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا في تقريرها: «إن التطور المذهل للتكنولوجيا العصبية بالإضافة إلى التقنيات الحيوية الجديدة وتقنيات النانو وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات يجعل الآلات أكثر وأكثر شبهة بالبشر، وأصبح الناس أكثر ارتباطاً بالآلات والذكاء الاصطناعي».
وقامت «IBC» بتقييم العديد من السيناريوهات البائسة التي يبدو أنها خرجت من الخيال العلمي في إطار جهودها للمضي قدماً في التهديدات السريعة التي تواجه الأعصاب البشرية والتي لم يتم حتى تدوينها بموجب القانون الدولي.
ولاحظت لجنة الأمم المتحدة أنه «من الضروري توقع آثار تطبيق التكنولوجيا العصبية.. هناك علاقة مباشرة بين حرية الفكر وسيادة القانون والديمقراطية».
ومن بين توصيات اللجنة في تقريرها المؤلف من 91 صفحة، دعت إلى شفافية أوسع في أبحاث التكنولوجيا العصبية من الصناعة والأوساط الأكاديمية، فضلاً عن صياغة «حقوق عصبية» لإدراجها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ووصف التقرير التكنولوجيا الجديدة بعبارات صارخة باعتبارها تحدياً لـ«بعض الجوانب الأساسية لكرامة الإنسان، مثل خصوصية الحياة العقلية أو الوكالة الفردية».
لكن مساعدة المدير العام لليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية، غابرييلا راموس، وضعت القوة المتقاربة للتكنولوجيا العصبية والذكاء الاصطناعي في مصطلحات أكثر وضوحاً.
 
تجارب زراعة دماغ بشري
 
وبينما ركزت خطط إيلون ماسك على الفوائد الصحية المحتملة للشرائح الذكية والمساعدة في علاج مجموعة من الحالات من السمنة والتوحد إلى الاكتئاب والفصام، ركز المنظمون الفيدراليون في الولايات المتحدة بدلاً من ذلك على قدرته على إحداث ضرر.
وكان المفتش العام بوزارة الزراعة الأمريكية يحقق، بناءً على طلب المدعي الفيدرالي، في الانتهاكات المحتملة لقانون رعاية الحيوان من قبل شرائح «نيورالينك».
ويحكم القانون الفيدرالي كيفية السماح للباحثين بمعالجة أنواع معينة من الحيوانات، في إطار الدراسات الطبية وأنواع أخرى من التجارب العلمية.
وكانت «Neuralink» موضوع تدقيق في الكونغرس أيضاً، حيث حث المشرعون الأمريكيون المنظمين في أيار/مايو الماضي على التحقيق فيما إذا كانت اللجنة التي تشرف على التجارب على الحيوانات في «Neuralink» قد ساهمت في تجارب فاشلة ومتسرعة.
وجاءت موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الأخيرة بعد أن تفاخر ماسك سابقاً بأن شركته للأجهزة الطبية ستبدأ تجارب بشرية لزراعة دماغ بشري في أربع مناسبات على الأقل منذ عام 2019.
وعلى مدار تلك السنوات الأربع، رفضت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية العديد من طلبات «نيورالينك» للموافقة على التجارب البشرية، وكان آخرها في أوائل عام 2022.
وأكد ماسك على قدرة «نيورالينك» على علاج الحالات الشديدة مثل الشلل والعمى، وأحياناً تطبيقات مثل تصفح الويب أو التخاطر.
لكن لجنة «IBC» التابعة لليونسكو لفتت الانتباه بشكل خاص إلى التهديد الذي تشكله تقنيات رقائق الذكاء الاصطناعي «ذات الاستخدام المزدوج» والتي يمكن بسهولة إعادة برمجتها أو إعادة تجهيزها لتلائم تطبيقات أقل من الخير على العقل البشري.
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن «حجة الاستخدام المزدوج، التي أثارها عموماً المحافظون الحيويون للتأكيد على المخاطر، يتم استخدامها الآن من قبل التقدميين البيولوجيين لتبرير بعض أساليب التطوير».
ووفقاً للجنة يجب اتخاذ تدابير للحماية من أن تكون التقنيات العصبية مفتوحة للاستخدام المزدوج، وبالتالي فإن التكنولوجيا العصبية المفيدة طبياً يجب أن لا تصبح ملتوية من قبل المتسللين أو الشركات المستفيدة أو حتى الأنظمة الاستبدادية.
وقالوا: «تتمتع التكنولوجيا العصبية بإمكانية تحقيق فوائد هائلة في مجالات الصحة والتعليم والعلاقات الاجتماعية، ولكنها تمتلك أيضاً القدرة على تعميق التفاوتات الاجتماعية وإلحاق الضرر بخصوصية الأفراد وتوفير أساليب للتلاعب بالأفراد».
وأعرب معظم المتحدثين في مؤتمر اليونسكو عن دعمهم القوي لإنشاء إطار عملي بشأن التكنولوجيا العصبية على غرار توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وكما عبرت غابرييلا راموس، مساعدة المدير العام لليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية، فإن «التطورات الرائدة في مجال التكنولوجيا العصبية توفر إمكانات غير مسبوقة. لكن يجب أن نظل على دراية بتأثيره السلبي إذا تم استخدامه لأغراض ضارة». وقالت: «يجب أن نتحرك الآن لضمان عدم إساءة استخدامها وألا تهدد مجتمعاتنا وديمقراطياتنا».