عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Sep-2019

المقاربة تقتضي التحالف مع القائمة المشترکة - دورون نبوت
ھآرتس
 
قصة الحملة الانتخابیة الحالیة وعملیة تشكیل الائتلاف ھي بدرجة ما الصراع بین المحافظة والرجعیة. اللیبرالیون والدیمقراطیون یمیلون الى أن یروا فیھما شیئا واحدا ورفضھما. ولكن ھناك بین المحافظین والرجعیین فروقات كبیرة ومھمة من شأنھا أن تقرر مستقبلنا.
المحافظ الحقیقي یرید الحفاظ على النظام القائم وعلى مؤسساتھ. وھو غیر ملزم بصورة دوغماتیة برؤیا معینة، بل ھو یخاف من الفوضى، عدم الاستقرار والتجارب في السیاسة. ھو یفضل التقدم ببطء وحذر من خلال احترامھ لما یعتبره حكمة الاجیال والتجربة. ھو ربما مع التحسین، لكن دائما یكون ضد الثورات. الرجعي في المقابل، یتمسك بمواقف أكل الدھر علیھا وشرب، لكنھ مستعد لأن یغیر من الاساس محیطھ الذي یعیش فیھ والسعي الى تقویض النظام القائم. احیانا ھو یرید أن یدفع الى الامام برؤیا قیمیة باسم ماض متخیل لم یكن موجودا في أي یوم، واحیانا ھو یأمل نظاما تراتبیا كان في السابق ولم یعد موجودا الآن. الاساس ھو أن الرجعي، خلافا للمحافظ، ھو رادیكالي ومستعد لاجراء تغییرات بعیدة المدى.
على مدى سنین اعتبر بنیامین نتنیاھو محافظ أو أحد المحافظین الجدد، وھو في الواقع بدرجة كبیرة كان ھكذا: طالب في الاقالیم المحافظة الامیركیة في السبعینیات، یشجعھ الحزب الجمھوري، یؤمن بصراع الحضارات، منضبط ومقل في استخدام القوة، مؤید كبیر للسوق الحرة ویدفع الى الامام بإصلاحات ترسخ النظام القائم في الغرب – الفردیة، اعادة التنظیم، تقلیص القطاع العام وخفض الضرائب. الى جانب ذلك، عقد تحالف مع الحریدیین الذین في رؤیتھم یعارضون التغییر، ومع المستوطنین الذین یمثلون الماضي القدیم لشعب اسرائیل. بھذه الصورة، مواقفھ الامنیة والاقتصادیة تساوقت مع القوى المحافظة في اسرائیل. ایضا وجوده الطویل في المنصب حولھ الى شيء محافظ یعیش فیھ بسلام.
ولكن نتنیاھو لم یكن في أي یوم محافظ حقیقي، خلافا للمحافظین نتنیاھو لم یحترم في أي یوم النظام الاجتماعي الذي كان قائما في اسرائیل، ھو لم یندمج في أي یوم في نظام الحكم أو قدره.
المؤسسات ھنا أعتبرھا لیبرالیة جدا، والاقتصاد اعتبره اقتصاد مباي، أي صیغة بلشفیة محلیة. مع الاعلام ھو غیر متناغم، وبینھ وبین المؤسسة الامنیة یوجد شك. أي خلاف لمحافظ حقیقي الذي على الاقل یتفق مع ما ھو قائم، وعلى الاغلب حتى یندمج بھ، نتنیاھو لم یندمج في أي یوم في النظام القائم ولم یقدر في أي یوم التدخل الحكومي في الاقتصاد ولم یقدر یساریة وسائل الاعلام والمؤسسة العسكریة. اضافة الى ذلك، العقد الاخیر لنتنیاھو اعطى جائزة لموقفھ السلبي وتحول من شھر الى آخر الى اكثر رجعیة.
ما دفعھ الى ھذه الاماكن المتطرفة ھو النظام الحزبي الذي تبلور ھنا في اعقاب الاحتجاج الاجتماعي في العام 2011 ،نضالھ الشخصي على تشكیل وجھ الاعلام الاسرائیلي، وكما ھو معروف، تورطھ في تحقیقات جنائیة. ھذه التحقیقات لیس فقط تعرضھ للخطر بصورة شخصیة، بل ھي دلیل من ناحیتھ على أن مؤسسات نظام تطبیق القانون لا تستحق الثقة والاحترام. ”نعم، یجب كسرھا!“، كتب معلمھ وسیده جابوتنسكي في العشرینیات. في خلفیة ھذه الامور، تلقى التشجیع من الموجة الرجعیة ”الشعبویة“ التي تمر على كل العالم في العقد الاخیر، ومن خطاب زعماء مثل فكتور اوربان ودونالد ترامب.
ولكن اغلبیة الجمھور، خلافا لنتنیاھو، غیر متورطة في قضایا جنائیة. اغلبیة المواطنین لیسوا كذلك ولم یكونوا رجعیین مثلھ، بل ھم محافظون. بالنسبة لھم، النظام القائم ھو أمر جید بحد ذاتھ. وبالتأكید النظام في اسرائیل. اضافة الى ذلك، في الوقت الذي فیھ عدد من المصوتین لھ محافظون في طبیعتھم، فان عددا آخر من الجمھور، الذي ھو لیبرالي ودیمقراطي ویسعى الى تعمیق المساواة وتغییر طبیعة المجتمع، تحول الى محافظ یخاف من أن تختفي المؤسسات اللیبرالیة.
الأمر الذي تقتضیھ الساعة بالنسبة لھذا الجمھور، والذي ازرق ابیض ربما ھو التجسید الحزبي النقي لھ، ھو الحفاظ على المؤسسات القائمة، ولیس تعمیق الدیمقراطیة والنظام اللیبرالي، رغم أن ھذه اھداف جدیرة في الاوقات العادیة، بل الدفاع عن الدولة وسلطة القانون. منع نتنیاھو من اسقاط المحكمة العلیا والنیابة العامة ومؤسسة المستشار القانوني، كما یفعل في ھذه الایام لمؤسسة مراقب الدولة، ومنع تعمیق التھوید، والحفاظ على ”القائم“ والواقع تحت الھجوم. لذلك، حسب رأیھم، عمیر بیرتس تصرف بعدم مسؤولیة وحتى بأنانیة؛ بدلا من التصرف كمحافظ مثلھم والوقوف بصورة قاطعة في الدفاع عن المؤسسات القائمة، عمل على تعمیق النظام الاشتراكي – الدیمقراطي، الامر الذي یعتبر بالنسبة لھم ترفا في افضل الحالات.
ولكن ربما ازاء عظم التھدید، وعلى الاقل جزء من المحافظین الاسرائیلیین الجدد یدركون، أو سیدركون، بأنھ لیس فقط أنھ یوجد مكان لمن یرید تأسیس اشتراكیة دیمقراطیة، بل ایضا أنھ حان الوقت لعقد شراكة مع القائمة المشتركة. ھذا ھو الوقت لشراكة كھذه، لأن جزءا كبیرا من الجمھور یعتقد أنھ حان الوقت لصد التھدید الاكبر – الثورة الرجعیة لنتنیاھو. ومن اجل فعل ذلك ھناك حاجة الى أیمن عودة.