عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Nov-2021

الأردنيون واغتيال الريف !*د. مهند مبيضين

 الدستور

في القرى الأردنية لا يكاد يبقى فيها بيت أردني تقليدي، إذ إن غالبية البيوت ذات الطراز التقليدي هُدمت، وانتهت إلى اطلال، وكثيراً ما بيعت الدُور بأرضها وما عليها، وانتهت بصورة كارثية، واضحت خرائب.
 
في الريف غير المتمتع بالخدمات أو البعيد عن مراكز الحكم للمحافظات، باتت القرى في حالة بؤس، وانتهى غالبية شباب تلك القرى إلى حالمين بالرحيل لعمان والعمل بها.
 
أسهمت العديد من العوامل والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تهيئة الريف للضياع والهشاشة في البقاء، وانتهت مع حياة الريف القديمة والأيام الخالية في ذاكرة القرى والسمر والتعاليل وكل ما من شأنه ان يكون متحدا اجتماعيا.
 
تخلى أبناء القرى عن قراهم أيضاً، ولم يعودوا مهتمين بالبقاء فيها، مع تفاقم البطالة والفقر والتفكك في نظام المُلكية، وتغير نمط الإنتاج الاقتصادي، حيث انتهت حيازات الأغنام والأراضي الزراعية ومات الاستثمار في الموارد المشركة.
 
هذا الدمار للريف وتغيير شكل البقاء، مضافا إليه عامل الهجرة للمدن، وبخاصة العاصمة، يجب ان يحظى بالدراسة والتحليل، مع الاهتمام بالعامل السكاني، والذاكرة الجمعية وهي مهمة.
 
ربما لا يكفي اليوم القول بان الريف جرى تدميره وضاع من اهتمامات الباحثين، بل ضاعت السيرة العامة للقرى والأرياف، مثلا الحديث عن المعارك على أرض فلسطين ومساهمة أبناء الأردن فيها، والحديث عن الغزو والحديث عن زمن الدولة ودخول الخدمات للقرى ورحلة أبنائها للتعليم في الخارج، فمثلا من هم الذين خرجوا من الريف للعالم ودرسوا خارج الأردن، وماذا عن ذاكرة المرض والجوع؟ كل هذه القضايا جزء من التاريخ الضائع للريف، وإذا دخلنا أكثر بعمق مثلاً في مشروع الإصلاح الريفي وتوطين البدو على حواف القرى في الستينيات من القرن العشرين وغير ذلك من القضايا لوجدنا قصة ضياع كبيرة.
 
لقد بيعت اغلب دور القرى ونقلت احجارها إلى بناء فلل لذوات جدد، أو لمن آلت إلية ملكية الدار بعد حصل الإرث، وغالبتها مبنية بقروض بنكية، في حين كان البناء الأصل في القرى مبني من تعب السنين وعبر أجيال متعاقبة وسكنته عائلات ممتدة وشكلت حول الدار حوش كبير في وسطه بئر من الماء وربما بيوت للرعاة ولخزن الحبوب واعلاف الماشية.
 
نعم لقد دمر الريف وجرى اغتياله بفعل سوء التخطيط للتنمية الريفية وغياب الإصلاح الريفي، وتحوّل الناس إلى موظفين وجرى التخلي عن أنماط الإنتاج التقليدية.
 
ختاماً، وسط هذا الواقع كانت الدراما الأردنية سبيلاً لتوثيق حياة الريف، كانت مسلسلات مثل ام الكروم وقرية بلا سقوف وغريسا وغيرها هي أكثر ما وثق لحظات التحول في حياة الريف وانتهاء الكثير من الاحلام فيه لصالح شكل جديد من الحياة.