هآرتس
لم أكن أنا من جاء ومعه انجيل الديمقراطية الاسرائيلية. البشرى هي بشرى رئيس حكومة سابق اسمه اهود باراك. فهو الذي جلب سيناريو مرعب، لكنه سيناريو واقعي بشكل مخيف، يتعلق بما يمكن أن يحدث اذا نجح بنيامين نتنياهو في الانتخابات اليوم في الوصول الى 61 مقعدا لكتلة اليمين – الاصوليين. والبشرى ايضا هي اشارة رئيس اركان سابق اسمه بني غانتس. فهو يحذر من مافيا، أو من عصابة بلفور مثلما سماها آخرون، تنوي ترجيح كفة الانتخابات لصالح كتلة اليمين من خلال نشر الأخبار الكاذبة والتشهير والتحريض. وفي الطريق ستحطم ما بقي من الديمقراطية في اسرائيل.
من يعرف، ربما في هذه اللحظة حقا يتجول أحد الشياطين من عائلة السايبر في النظام، ويشرح للناس بأن حروف ماحل لليكود هي بالفعل حروف القائمة المشتركة أو حروف ازرق ابيض. في الحملة الانتخابية ظهر نتنياهو بملابس جديدة كل يوم. وفي نهاية الاسبوع ظهر برداء شخص يخاف الله ويشجع المسلمين على الحج في مكة. رغم أنه قبل فترة قصيرة ظهر برداء التحريض وحذر في مدونة في فيسبوك بأن نية العرب هي “القضاء علينا جميعا، نساء ورجال واولاد”.
في المقابل، يمكننا التوجه الى اعضاء ازرق ابيض ونحن نحمل كيس مليء بالادعاءات الدامغة حول مشاركتهم المخجلة في احتفال التحريض والتشويه ضد العرب. وجزء من هذه التشهيرات زاد عن الأصل، تشهيرات بنيامين نتنياهو. والآن فقط في الوقت الذي وصلت فيه نار التحريض التي استخدموها ضد العرب الى بيوتهم، بدأوا في التصبب عرقا والصراخ، ليحفظنا الله. في الأصل، من الجيد أن تأتي متأخرا على ألا تأتي أبدا.
هناك من سيقولون بأنه لا يوجد للعرب والديمقراطيين اليهود أي دور في الصراع الشديد الذي يحدث في الطابق العلوي. ولا يوجد أي فرق من ناحية سياسية بين الليكود وازرق ابيض. لذلك، يجب أن نتركهم ينضجون في مرقهم. هذه مقاربة خطيرة لأننا اذا لم نعمل في كل مرحلة ضد الجهة الاخطر فان من يجلسون في الطابق السفلي، ومنهم العرب والمضطهدون في الدولة، سيكونون أول الضحايا لسيطرة التطرف. الآن هذا التطرف يتجسد بـ “عصابة بلفور” وحلفائها مثل ايتمار بن غبير، الذي في فترة اييلت شكيد كان المرجعية لتعيين القضاة.
إن ترف الجلوس جانبا لم يكن في أي يوم من نصيب الوسط العربي في اسرائيل. المواطنون العرب لم يتنازلوا وفي كل مرة نجحوا في شق طريقهم الى متاهة الغابة السياسية. وهكذا حسنوا ظروف حياتهم وضمنوا البقاء في وطنهم. البشرى الجيدة هي أنه اليوم ورغم ظلمة غيوم الكذب والتحريض يمكن الشعور بأن الكثير من الناس، ايضا من يوجدون في الطابق العلوي، يفهمون الآن بأن رياح الخطر تهب بالذات من شارع بلفور وليس من أم الفحم، المهددة بسحب الجنسية من سكانها.
هكذا بدون أن ننتبه سنرى أمامنا مشهد نادر: اعضاء “اسرائيل الاولى”، مثلما يحبون تسميتها، يشبكون الايادي مع اعضاء “اسرائيل الثالثة”، أي المواطنين العرب، من اجل احداث تغيير عميق في دولة اسرائيل. هذا هو آخر الايام في أبهى صوره! امام العدو من بلفور ومن اجل بلاد تحتضن ابناءها، ستذهب تل ابيب مع أم الفحم، ونتانيا مع الناصر، وحيفا مع رهط، وسخنين مع رعنانا. اجل، طرق خير الانسان متعرجة.
توجد هنا رغبة لإحداث تغيير يفيدنا جميعا، وحتى يفيد “اسرائيل الثانية”، نفس الاشخاص الذين هم يد نتنياهو اليمنى. نتان ايشل قال إنهم ينمون ويزهرون على خطاب الكراهية. سيأخذون تلميح آخر من الكراهية وسيصلون الى مرتفعات عنصرية مناوئة للعرب وضد كل ما يبث رائحة ديمقراطية. في الحقيقة هذه نفوس مريضة تنمو في مختبر بلفور، تعتبر الناس ارانب تجارب: وجبة كراهية اخرى وسينقض الشرقيون على معقل سلطة القانون. الفوز في متناول اليد.
يجب على كل ديمقراطي، عربي أو يهودي، الذهاب للتصويت. واقناع الآخرين ايضا بالتصويت حتى لا تكون هذه الانتخابات هي الانتخابات الديمقراطية الاخيرة.