عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Nov-2024

الفوضى في "عين العالم"*مكرم أحمد الطراونة

 الغد

لا يمكن فصل حادثة الرابية الإرهابية عمّا يجري في غزة ولبنان من حرب إبادة جماعية، والتي أدت مشاهد الدم والدمار والتهجير طيلة عام كامل إلى شحن عاطفي وسياسي لن ننتهي منه حتى وقت طويل.
 
 
حالة الشحن هذه ليست مقتصرة على الأردن فحسب، وإنما تتعداه إلى جميع أنحاء العالم، الذي بات في حكم المؤكد أنه يقترب أكثر فأكثر من الفوضى. إنها المعادلة نفسها التي أكد عليها الأردن، وعلى مدار سنوات طويلة، على لسان جلالة الملك الذي لم يترك مناسبة إلا وأكد أن بديل السلام هو الفوضى، لكن حكومة الاحتلال المتطرفة لم تؤمن بهذا الأمر، كما أن المجتمع الدولي لم يعمل بجد لتحقيق السلام الذي سوف يضع حدا لمعظم أشكال التطرف.
 
صحيح أن منفذ العملية الإرهابية بالأمس يحمل قيودا جرمية، ولم يثبت حتى كتابة هذا المقال أن له ارتباطات سياسية أو دينية، إلا أن العملية؛ بتوقيتها ومكانها وطبيعة الهدف الأمني منها، تؤكد أنها نوع من الارتداد السياسي والعاطفي على ما يحدث من مجازر وتطهير عرقي وإبادة جماعية في قطاع غزة والضفة الغربية.
الشحن العاطفي والسياسي ليس مقتصرا على الأردن، كما أسلفت، لأن دولا عديدة شهدت خلال الفترة الأخيرة أحداثا من الفوضى الناتجة عن الأسباب ذاتها، ومن جميع أطراف الحرب، فهولندا عاشت أياما عصيبة على خلفية مواجهات بين صهاينة ومؤيدين لفلسطين خلال مباراة كرة قدم، وهؤلاء المؤيدون الرياضيون ليس لهم ارتباطات سياسية أو عقائدية، وإنما هم، ببساطة، لم يتحملوا سلوك المشجعين الصهاينة، لذلك ثاروا على ما رأوا أنه سلوك عنصري ينبغي التصدي له.
فرنسا، كذلك، عاشت فترة عصيبة هي الأخرى، خوفا من تبعات استضافة مباراة تجمع المنتخب الفرنسي ونظيره الصهيوني.
في الأثناء، تعمّ المسيرات شوارع معظم الدول الغربية، للضغط على حكوماتهم للإسهام بوقف المجزرة الصهيونية التي ترتكب بحق الأطفال والنساء في قطاع غزة، في الوقت الذي قتل فيه حاخام صهيوني بالإمارات، كنوع من رد الفعل على ما يجري، رغم أن دولة الاحتلال سارعت باتهام إيران بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
لا يمكن فصل ما يجري من مجازر بحق الفلسطينيين واللبنانيين وتبعاتها، عمّا يجري في العالم، الذي يشهد أيضا تصعيدا عسكريا غير مسبوق بين روسيا وأوكرانيا، والاقتراب من بوابة الحرب العالمية الثالثة إذا لم يتم احتواء هذا التصعيد ومنع الأحداث من التسارع والتطور.
المجتمع الدولي الغافل عن كل ذلك سيدفع ثمن استهتاره، وغياب إرادته بإنهاء الحرب على غزة ولبنان، فالفوضى لا شك سوف تنقل إليه في داخل مدنه، مهددة أمنه وسلامة مواطنيه.
اليوم، لا بد من استعادة الرؤية الأردنية التي شخّصت الأزمة التي تعيشها المنطقة، وبيّنت أسس تفاقمها، وآليات إنهائها، فمن وجهة النظر الأردنية لا يمكن جلب الاستقرار من دون تحقيق السلام العادل والشامل، الذي يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. من دون هذا الحل لن يكون هناك استقرار، وستظل المنطقة مشتعلة بالنزاعات والعنف والتطرف، وسوف تصدر كل ما لديها إلى العالم أجمع.