عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Aug-2019

حكي بلا جمرك - يوسف غيشان

 

-أيتها السيدات والأوانس والسادة
-أيتها الزميلات
-أيتها الفاضلات
-السيدات والسادة الحضور
-الأخوات والإخوة
الدستور - هذه الكلمات وما يشابهها من أدوات النفاق، أسميها مفاتيح حكي ... حيث يبدأ السادة الذين يجلسون خلف الطاولات المطهمة بالشراشف البيضاء والميكروفونات التي نادرا ما تعمل بسلاسة تشابه سلاسة كلماتهم.يشرعون في الكلمات وهم مفعمون بفيض من الجنتلمانية المتخيلة لمجرد انهم ذكروا الانثى قبل الذكر بداية لهرجهم ومرجهم امام الناس.
كثير من المحاضرين من اقصى اليمين الى اقصى اليسار يستخدمون هذا الأسلوب التطهيري، وقد يكون الرجل ذكوريا متخلفا يستغل عمره في العمل سجانا لمحارمه واللواتي يمون عليهن من القريبات. وقد يكون الرجل رايديكاليا يؤمن بمساواة المرأة بالرجل، وقد يكون وسطيا منقسما حتى على نفسه (لا مع هذول ولا مع هذولاك) يستل خنجره في البيت ويصير ديمقراطيا وحضاريا أمام العشيقات ... للعلم هذه النموذج تقارب نسبته ال 80 % من التقدميين العرب.
هي مجرد كلمات نقولها لنرشو بها الحاضرات ونظهر أمامهن وكأننا اناس في قمة الحضارة والتعامل الصحي والسليم مع الانثى.
 ما يقولونه، على الأغلب، غير نابع من القلب يا سادة يا كرام، والقضية أكثر تعقيدا بكثير من كلمات تقال على سبيل المجاملة او النفاق.... القضية اعقد من مجرد التخلي عن مقاعدنا في الباصات. وأكثر تعقيدا من تكرار عبارة (ليدز فيرست) السخيفة.
القضية قضية جنس بأكمله، يعاني من الاضطهاد الذكوري والهيمنة الأحادية والتسلط الأعمى تحت شعارات ومفاهيم دينية حرفها الذكر لصالحه وموروثات تراثية فرضها الرجل بقنوته وعضلاته.
هي ليست مجرد عبارات تقال دون ان تعني شيئا، بل هي ممارسة عملية حية، على الذكر ان يقف فيها، أولا ضد نفسه وضد غرائز التسلط عنده، ليس من اجل خلاص الأنثى فحسب، بل من اجل خلاصه هو وتحرره هو من ذلك الطاغية الذي يسكن بداخله وينغص عيشته ويحوله الى وحش لا يشبع ولا يرتوي ولا يستمتع بالحياة.
تحرر الرجل من عقده هو تحرير للرجل والمرأة معا، وهو بداية ممارسة الإنسان لإنسانيته الحقّة. وما عدا ذلك هو مجرد سحب افلام وضحك على الذقون وحكي بحكي وسواليف حصيدة.