الاتصال والإعلام بين مطرقة الأحداث وسندان الهوية الوطنية*د. فيصل أحمد السرحان
الراي
تلعب وسائل الاتصال الإعلام بمختلف أشكالها (التلفزيون، الراديو، الصحافة، وسائل التواصل الاجتماعي، الهاتف، البريد، المسرح، والسينما، المحاضرات، المؤتمرات، الندوات، والسيمينار) دورًا كبيرًا في التأثير على وعي الأفراد وتعزيز هويتهم الوطنية. وتُعتبر الهوية الوطنية من أبرز الصور التي تعبر عن انتماء الفرد إلى وطنه، فهي تجسد القيم المشتركة، والتاريخ، والثقافة، واللغة والمصير التي تجمع أفراد المجتمع. وفي هذه الحقبة من حياة الشعوب التي تشهد تطورًا هائلًا في وسائل الاتصال والإعلام، أصبح لهذه الأدوات دوراً أساسياً وفع?الاً في تعزيز الهوية الوطنية وترسيخها في أذهان الجماهير على اختلاف مشاربها. وللاسف بتنا نلمس تشويهاً لهذا الدور في معظم مضامين وسائل الاتصال والاعلام حيث أصبح التركيز حالياً منصبّاً على المحتوى الترفيهي، ونقل أخبار الحروب وما تحمله من معلومات وصور مرعبة ومتوحشة، وأصبحت الملمح الابرز الذي شوّش الافكار وشتّت بوصلتها، الامر الذي أوقعها في بوتقة «سوء المظنة والتقصير». بالمطلق، لا نريد لهذه الوسائل هذه الصورة والسمعة السلبية، فهي مدعوّة وبقوة الآن الى عدم إغفال مسألة تمتين الجبهة الداخلية وتحصينها وتعزيزها لاسي?ما وأننا نشهد (تشقلبات) دراماتيكية غير مسبوقة في كثير من بلدان الجوار والاقليم.
وسائل الاتصال والاعلام مدفوعة بإستمالات الخوف والعاطفة والمنطق معنية الآن وبأولوية غير قابلة للتأخير والتسويف، الى إيلاء قضية تدعيم الهوية الوطنية وتعزيزها كل الجهد بشكل متكرر ومركّز، عبر تبني كل ما يسهم في ترتيب أجندة الجماهير لتشكيل رأًي عام مستنير وثابت تجاه تعزيز الهوية الوطنية من خلال نشر الثقافة الوطنية التي تعرّف الجماهير وخاصة جيل الشباب بالثقافة المحلية والعادات والقيم والرموز الوطنية، والتركز بشدة على التاريخ الوطني من خلال إبراز النشاطات والفعاليات والبرامج الوثائقية والدرامية لتاريخ الوطن ومواق?ه التي تثير الشعور بالفخر والاعتزاز. جماهير أمتنا تئن من وزر ثقل الهموم في هذه الاوقات نتيجة لما تتعرض له من غزو ثقافي وأخبار ومعلومات مزيفة ومضللة وحروب مستمرة وتراجع في مستويات التنمية، ولهذا فإن كل وسائل الاتصال والاعلام معنية في التصدي لتخفيف وقع هذه الصعوبات والتحديات لانها الاقدر على التأثير والاقناع لاسيّما إذا تبنت وبقوة قضايا ومسائل نشر الوعي الوطني والتصدي للافكار الهدّامة، وإبراز الانجازات والمحافظة على اللغة الوطنية. هذه مناشدة وطنية خالصة لكل وسائل الاتصال والاعلام أن تسعى الى إنتاج المحتوى ال?طني الهادف، وتنمية الوعي لدى جيل الشباب، ودعم مختلف المبادرات والحملات الاعلامية والدفع بإتجاه بناء العلاقات المحببة وتمتينها بين طبقات الجماهير المتنوعة.