الراي
وحدَه حلف الشر الصهيوأميركي, هو الذي رفعَ عقيرته, مُندداً ومُتوعِداً المحكمة الجنائية الدولية, قُضاتها وخصوصا المدعي العام فيها/ كريم خان, الذي «تفوّق» على نفسه أخيراً, رغم الشبهات التي دارت حوله قبل «إيصاله» الى موقعه الرفيع هذا, بدعم أميركي وإسرائيلي مُعلن ومُكثف, (تحوّل الدعم الصهيو أميركي لكريم خان, «مؤخراً», الى تلفيق تُهمة له بالتحرش الجنسي بإحدى موظفات المحكمة, لكنه تحدّى وصمد). وكان دعم واشنطن وتل أبيب محمولاً على وعود بالمساعدات وشطب الديون, وصفقات أسلحة ورشى للدول المُوقعة على ميثاق روما. وفي الآن عينه التلويح بتهديدات عديدة, تبدأ بوضعها على قائمة الدول الداعمة للإرهاب ومُعاداة السامية. ما يعني قطع المساعدات والنبذ وغيرها من الأساليب, التي يبرع المُستعمِرون والعنصريون في اختراعها.
ومع ذلك باتت تل ابيب كما واشنطن, معزولتين عن دول العالم أجمع, رغم التردّد والمراوغة والتفسيرات الشيطانية, التي لجأت إليها بعض دول الاتحاد الأوروبي, ناهيك عن الصمت «المُدوّي» الذي لاذت به دول عديدة في آسيا وإفريقيا وبعض الدول اللاتينية.
ما علينا
لن تُغير كثيراً في المشهد الهستيري الصهيو أميركي, الدعوة التي وجًهها رئيس الوزراء الهنغاري (فيكتور اوربان), الى مجرم الحرب (نتنياهو) لزيارة بودابست بـِ«أمان», في تحدٍّ سافر للقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة, رغم ان هنغاريا تتولى حاليا الرئاسة «الدورية» للاتحاد الأوروبي. ناهيك عن تهديد أعضاء من الكونغرس الأميركي.. شيوخاً ونواباً, قُضاة ومُدعي عام المحكمة بـ«معاقبتهم», بعد إصدارهم مُذكرتيّ اعتقال بحق مُجرميّ الحرب/نتنياهو وغالانت, عبر التلويح باستخدام «قانون غزو لاهاي», الذي كان أقرّه النواب والشيوخ في العام/2002» لمُعاقبة الدول التي «قد» تُنفذ أوامر المحكمة.
هنا علينا التحوّل الى دولة العدو الصهيوني, لـ«رصد» والوقوف على ما جاء في صحافتها في «اليوم التالي», لصدور مُذكرَتيّ الاعنقال بحق نتنياهو وغالانت. خاصة أنها تعكس من بين أمور أخرى «تعريضاً» بنتنياهو و«شماتة» به, وإن في شكل مُضمَر, عندما يتّكئ المُحللون وكُتاب الافتتاحيات والمقالات, على قرارات نتنياهو وتصريحاته المتناقضة, ورفضه وقف النار وإصراره على تحقيق «انتصار كامل", ومُضيه قُدما في إفشال أي محاولة لإطلاق أسرى الجانبيْن الفلسطيني والإسرائيلي. ناهيك عن «تغييره» أهداف الحرب المُعلنة منذ بدأت ما أسماها حرب «السيوف الحديدية», لتُصبح «حرب النهضة» أو «الإحياء/الإنبعاث», وغيرها مما يعجّ بها القاموس التلمودي المزيّف.
تقول أسرة تحرير صحيفة «هأرتس» في افتتاحيتها يوم اول أمس/الجمعة... المُعنونة (تجويع. إبادة. قتل. مُلاحقة): (لقد فشلت إسرائيل في كفاحها الدبلوماسي والقضائي لمنع مُذكرتي الاعتقال، منذ أن طلبَ المدعي العام استصدارهما, ولم «يَرّعوِي» حتى من الادعاءات بحقه بـ«التحرش الجنسي». فجهاز القضاء الإسرائيلي، العسكري والمدني ــ تُضيف الافتتاحية ــ لم يفعل شيئا لاستيضاح الشبهات الجسيمة، والحكومة «امتنعت عن إقامة لجنة تحقيق رسمية", يُمكنها أن تستوضح ادعاءات المدعي العام. لا يوجد احتمال سياسي في إسرائيل لمثل هذا الاستيضاح، وحتى لو تم، لكان هذا في اقصى الأحوال دفاعا اجرائيا. فـ«إسرائيل تُواصل العمل في غزة بالاساليب إياها, التي تصفها مُذكرتا الاعتقال», وهي «تُعمِّق فقط سيطرتها على الأرض والتطهير العِرقي للسكان الفلسطينيين»).
وتختم أسرة تحرير «هآرتس» افتتاحيتها بالقول: مُشكلة إسرائيل وكل إسرائيلية واسرائيلي «ليست حرية تجوّل رئيس الوزراء وخصمه المُنحى»، بل «الأفعال الرهيبة لحكومتها وجيشها»، التي تصِفها مؤسسة قضائية دولية. أفعال مُعظم الجمهور الإسرائيلي غير مُبالٍ ومُغلق الحِس تجاهها، وفي أقصى الأحوال «يتهِم بها حماس التي أحدثت مذبحة 7 أكتوبر في غلاف غزة».
أما في صحيفة «معاريف» فيكتب رئيس تحريرها/ بِن كسبيت, اول أمس/الجمعة, مقالة تحت عنوان: «الخطيئة وعقابها». جاء فيها: مع أن إسرائيل تلقّت الكارثة والاخفاق الاكبريْن في تاريخها, الا انها إمتنعت عن إقامة لجنة تحقيق مُستقلة فقط ــ أضافَ كسبيت ــ لان رئيسها يُحاول أن يتملّص من مسؤوليته. وهكذا، مثلما جاء الانقلاب الى العالم كي يفَرّ نتنياهو من ربقة حُكم ملفاته الجنائية، هكذا- تابعَ - لم تأتِ لجنة التحقيق الى العالم, كي يهربَ نتنياهو من مسؤوليته عن 7 أكتوبر
فكِّروا بنتنياهو ــ يلفِتُ كسبيت ــ في اليوم التالي لرئاسة الوزراء. لنفترِض أن تبرأ ساحته، او يسير باتجاه «صفقة قضائية بدون حبس فعلي». الحياة التي خطّط لها لنفسه - أردفَ كسبيت - كان يُفترَض أن تتضمَّن مُحاضرتين - ثلاث مُحاضرات في الشهر، بين نصف مليون ومليون دولار لكل واحدة منها. عضوية في نحو عشرة مجالس إدارة فاخرة، كل واحدة منها تدخل مئات الاف الدولارات. وبالفعل، كل هذا لم يعد ذا صلة. سيتعيّن عليه ــ يستطرِد كسبيت ــ أن ينحشِر بين واشنطن وموسكو. فلا إجازات في لندن، باريس وروما بعد اليوم. وروما، لمن لا يعرِف، هي المَقصد المفضل لدى «السيدة» (يقصِد «سارة» زوجة نتنياهو). لاجل الوصول الى هناك، «يتعيّن عليهما أن يتخفَّيا. في روما، كن رومانيا». يختم رئيس تحرير «معاريف».
ماذا أيضا؟.
نُكمِل غداً.