عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jul-2024

هل سيتنحى جو بايدن؟‏

 الغد-‏‏‏ترجمة: علاء الدين أبو زينة

ميغان جيبسون*‏ - (ذا نيو ستيتسمان) 18/7/2024
‏هل يمكن أن يقدم "كوفيد" للرئيس ذريعة للانسحاب والتقاعد بكرامة؟‏
 
من المستحيل الهروب من الشعور بأن التاريخ، الذي يُفترض أنه انتهى قبل عقود عدة، يتكشف مرة أخرى وبسرعة منذرة. في غضون أقل من أسبوع، تأثر الرجلان اللذان يتنافسان على أربع سنوات أخرى في البيت الأبيض بلمسات القدَر. في 13 تموز (يوليو)، في تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، أطلق مسلح يبلغ من العمر 20 عامًا النار على دونالد ترامب واقترب إلى بضعة سنتمترات فقط من اغتياله. وبعد أربعة أيام في لاس فيغاس، أعلن فريق جو بايدن أن الرئيس مصاب بـ"كوفيد"، ومن المحتمل أن تكون هذه الإصابة كارثة لرجل ضعيف مسبقًا يبلغ من العمر 81 عامًا، وأنهم ألغوا أحداث حملته القريبة. العنف والمرض -طاعون على مجلسي الطيف السياسي الأميركي. ‏
 
 
‏بالنسبة للملايين من الأميركيين، لم يعد العنف والمرض أحداثًا غير عادية، وإنما ظواهر شائعة بطريقة محبطة. في السنوات الأخيرة، انخفض متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة بشكل حاد، هابطًا من 78.8 سنة في العام 2019 إلى 76.1 سنة في العام 2021 -وهو أكبر انخفاض يشهده البلد منذ الحرب العالمية الثانية. ولا يقتصر الأمر على أن الناس في الولايات المتحدة يموتون في سن أصغر من المقيمين في أي دولة غنية أخرى، بل أصبحوا يموتون أيضًا أصغر من أولئك في كوبا ولبنان.
من الواضح أن جائحة "كوفيد" لعبت دورًا كبيرًا في هذا الانخفاض -حتى في العام 2022، قال ‏‏غالبية الأميركيين‏‏ إنهم يعرفون شخصياً أحدًا تم نقله إلى المستشفى أو مات بسبب الفيروس- لكن الفيروس بعيد كل البعد عن أن يكون القاتل الوحيد. لقد عملت أمراض القلب، والجرعات الزائدة من المواد الأفيونية، والسرطان وحوادث السيارات معًا لتقصير حياة الأميركيين.
‏ثم هناك الأسلحة، حيث وجد ‏‏بحث جديد نشر‏‏ في وقت سابق من هذا الشهر أن الرضع والأطفال، وهي مجموعة نادرًا ما تتأثر بشكل مباشر بـ"كوفيد"، أصبحوا يموتون الآن بمعدلات أعلى في الولايات المتحدة مقارنة بالدول الغنية الأخرى. لكن الأطفال يتأثرون أيضًا بشكل مباشر بالعنف المسلح -وهو ‏‏الآن السبب الرئيسي لوفاة‏‏ الأطفال والمراهقين الأميركيين. في الولايات المتحدة يُقتل أكثر من ‏‏50 شخصا‏‏ً يومياً بالأسلحة النارية. ويقع ما معدله عمليتا إطلاق نار جماعيتان كل يوم في البلد. وفي 25 حزيران (يونيو)، ‏‏أعلن الجراح العام في الولايات المتحدة‏‏ أن العنف المسلح يمثل أزمة صحية عامة. وبعد أقل من ثلاثة أسابيع، فتح شخصٌ النار على تجمع لترامب.‏
لقد تأثر كلا الرجلين بالأوبئة القاتمة في البلاد. لكن من المرجح أن غالبية الأميركيين يفضلون رؤية أنفسهم في ترامب، بدلاً من بايدن.
لقد كان ترامب، بعد كل شيء، هو الذي تمكن من الهروب من الموت العلني والعنيف بسبب الحظ المطلق، وأدار رأسه عن غير قصد في اللحظة المناسبة تمامًا لتجنب الرصاصة. ولأنه كان دائمًا رجل الاستعراض، فقد استجاب على الفور بتحد، ورفع قبضة غاضبة في الهواء حتى عندما كان الدم يقطر من أذنه، وابتعد عن الموت وهو يصرخ: "قاتلوا، قاتلوا، قاتلوا!". وبعد أيام ظهر على خشبة المسرح في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي، بضمادة تغطي أذنه، أقوى سياسياً من أي وقت مضى.
على النقيض من ذلك، يعزل بايدن نفسه في منزله في ريهوبوث بولاية ديلاوير، حيث يعاني من "أعراض خفيفة"، بما في ذلك سيلان الأنف والسعال و"الشعور العام بالضيق"، وفقًا للسكرتير الصحفي للبيت الأبيض. وبعيدًا عن الرأي العام، لا يمكن للأميركيين سوى أن يتخيلوا كيف يؤثر الفيروس على الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا. إنه رجل بدا في الأسابيع الأخيرة ضعيفًا ومرتبكًا بشكل مثير للقلق في ظهوره العلني. وبين مناظرته الكارثية مع ترامب في حزيران (يونيو)، وإجاباته المتقلبة وغير المتماسكة في المقابلات مع الصحافة، وتقديم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه "الرئيس بوتين" في قمة الناتو، أصبح من الصعب مشاهدة حملة بايدن في الأسابيع الأخيرة. وقد أخبرني أكثر من شخص أنهم أصبحوا الآن يجدون الاستماع إلى بايدن أمرًا لا يطاق. وبينما يجاهد لإنهاء عباراته، تنجرف إجاباته إلى هراء، وتطغى عليها مشاعر لا تطاق من الشفقة والإحراج لدى الذين يشاهدون.
من المحتمل تمامًا أن يتعافى بايدن بسرعة من "كوفيد" وألا يعاني من أي أعراض طويلة المدى، جسدياً أو عقلياً. ثم مرة أخرى، بالنظر إلى مدى غموض فريق بايدن بشأن صحته حتى هذه اللحظة -حيث يصرون على أنه حاد الذهن كما كان دائمًا، على الرغم من الأدلة الواضحة على عكس ذلك- من الصعب تخيل أن الإعلان عن الشفاء التام سيهدئ أي شكوك.
‏كان القلق بشأن تراجع حدة بايدن الذهنية كبيرًا حتى أن جامعي التبرعات البارزين وكبار الديمقراطيين ضغطوا على الرئيس -علنًا وسرًا- للانسحاب من السباق، وإفساح المجال لمرشح آخر. وحتى الآن، رفض بايدن الاستماع إلى جورج كلوني أو تشاك شومر أو نانسي بيلوسي. فهل يمكن لـ"كوفيد" أن يدعم قضيتهم؟‏
‏تشير التقارير إلى ‏‏أن بايدن أصبح، إلى حد ما على الأقل، "أكثر تقبلاً" لحجة ضرورة تنحيه. وفي مقابلة مسجلة مسبقًا تم بثها في 17 تموز (يوليو)، قال بايدن أيضا إنه قد يفكر في الانسحاب إذا "كانت لديَّ بعض الحالات الطبية التي تظهر، إذا جاء أحد ما، إذا جاء الأطباء وقالوا لي، لديك هذه المشكلة وتلك المشكلة". ومن الممكن تمامًا أن يوفر له "كوفيد" الفرصة للانسحاب بكرامة والتقاعد براحة، حيث تكون صحته مرة أخرى مسألة خاصة، وليست أزمة عامة. 
 
‏*ميغان جيبسون Megan Gibson: المحررة التنفيذية، ومحررة الشؤون الأجنبية لمجلة "نيو ستيتسمان".‏
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Will Joe Biden step down?