عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Nov-2019

دراسة التراث المسيحي "العربي".. آفاق الصراع القبطي خوفا على الهوية

 

 
القاهرة - محمود صديق - بدأ شباب من مسيحيي مصر "الأقباط" التحرك في عدة كنائس ومجمعات مسيحية خاصة في الصعيد لمحاولة شرح ما يرونه خطرا على الهوية القبطية في قرار معهد الدراسات القبطية الذي يترأسه البابا تواضروس الثاني بضم قسم لدراسة التراث العربي المسيحي.
 
وقد أثار القرار خلافا قبطيا بين من يراه تأخر كثيرا لأنه ضروري لوصل ما انقطع من تراكم معرفى خطه مسيحيون باللغة العربية، ومن يرى فيه اختراقا لنسق فكري وعقيدي ولاهوتي يسحب المسيحيين المصريين من عمق التراث القبطي نحو الانصهار في التعريب.
 
فما هى أبعاد هذا الخلاف وطبيعته؟ وإلام يستند كل طرف في تدعيم وجهة نظره؟
 
تعريف
يعرف الكاهن اليسوعي المصري سمير خليل أستاذ العلوم الإسلامية والسامية والسيريانية بجامعة القديس يوسف ببيروت التراث العربي المسيحي بكل المؤلفات المسيحية بالعربية بغض النظر عن كونها كتبت أصلا بالعربية أو ترجم إليها من لغات أخرى.
 
ويقول خليل -الذي يعد من أكبر المنظرين لفكرة التراث العربي المسيحي في مقالات نشرها بمواقع قبطية- إن أجزاء كبيرة من هذا التراث ترجمت إلى العربية من اليونانية أو القبطية أو السيريانية، وكلمة عربي لا تعني مسلما بالقطع لأن العربية سابقة على الإسلام، وكان هناك مسيحيون في شبه الجزيرة قبل ظهور الإسلام، كما أن هناك مسلمين لا يتحدثون العربية كالأتراك والفرس الإيرانيين وغيرهم.
 
ويؤكد رئيس الطائفة الإنجيلية د. أندريه زكي إن التراث المسيحي لم يأت من العدم ولا بين عشية وضحاها، وإنما هو تراكم ثقافي يضرب بجذوره خلال قرون عديدة، ومعرفة المسيحيين بماضيهم تساعدهم على معرفة الأفكار التي ساعدتهم على التطور.
 
وأضاف -في تصريحات صحفية سابقة- إن النظر في التراث العربي المسيحي يعلم الأقباط كيفية خلق مستقبل مبني على قيم التعايش والتعاون لصالح الوطن التي أكد عليها المسيحيون العرب في تراثهم الذي يشير إلى الانسجام بين المسلمين والمسيحيين لصناعة السلام داخل الوطن الواحد رغم كل المخطر.
 
ذاكرة مشتركة
يرى الناشط المدني القبطي سامح فوزي أن دبلوم التراث العربي المسيحي الذي أعلن عنه خطوة هامة لصون ما أسماها الذاكرة المشتركة لبناء مصر على أساس من التسامح والمواطنة، مقابل نظرات نمطية تعبر عن ضيق أفق لا يعبر عن سماحة الدينين الإسلامي والمسيحي. 
 
فالمسيحيون العرب -حسب تصريحات فوزي للجزيرة نت- ساهموا في تشكيل الحيوات الثقافية والسياسية والاجتماعية بالمنطقة العربية، والتعمق في دراسة التراث المسيحي العربي يعد دفاعا عن الحق الطبيعي للمنطقة العربية في التنوع وخلق جسور للاندماج أو على الأقل التفاهم بين ذوي المعتقدات الدينية المختلفة.
 
تذويب الهوية
بالمقابل، يرى معارضو الفكرة أنها اختراق للمنظومة الفكرية والعقائدية اللاهوتية، وتذيب المسيحيين المصريين في التعريب على حساب العيش في عمق التراث القبطي.
 
ويؤكد الصحفي والباحث القبطي سليمان شفيق أنه ليس ضد دراسة التراث العربي للمسيحيين، لكنه في الوقت نفسه ينفي عن الأقباط المسيحيين كونهم عربا، وأن اتباع منهج الراهب اليسوعي (خليل) والمنادين به سيؤدي -في ظل ثورة المعرفة والاتصالات- إلى القضاء على الهوية القبطية.
 
وأبدى شفيق -خلال مقال صحفي له- اندهاشه أن تصدر تلك الدعوات في الوقت الذي تنسحب فيه بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دفاعا عن هويتها، وإقرار محرك البحث غوغل للغة القبطية، واتجاه جامعات مصرية لإضافة الحقبة القبطية لمناهج التدريس بها. 
 
حملات مسعورة
من ناحيته هاجم المحامي والباحث القبطي هاني رمسيس ما وصفها بحملات مسعورة لإقناع الشعب المسيحي بشيء يسمونه التراث العربي المسيحي، مشيرا إلى أن القسم الخاص بدراسة هذا التراث موجود بمعهد الدراسات القبطية منذ عام 1959 ولم تكن هناك حساسية بدراسته إلى أن ظهرت النظرية الجديدة التي تبناها القس خليل والتي تمثل خطرا على الهوية القبطية، ويذيب خصوصية ثقافتها.
 
وأشار رمسيس للجزيرة نت إلى أن مكونات الهوية تتمثل في أربعة أمور: اللغة والفن المرئي (الأيقونات والصور) والفن المسموع (الألحان) والتراث الشعبي، فإذا أردت القضاء على أمة فاقض على لغتها، وهذا ما يحاولون فعله.     
 
وقال أيضا إنه ليس ضد تدريس كل الحقب التاريخية المكتوبة بالعربية "بشكل لا يمس هويتينا القبطية" فالأقباط يمتد تاريخهم لأكثر من ألفي عام، تسبقها سبعة آلاف سنة حضارة مكانية لأنهم الورثة للقدماء المصريين من ألحان وفنون وموسيقى.
 
تحركات شبابية
رغم أن التيار الغالب بالكنيسة يؤيد تدريس التراث العربي المسيحي، فقد ظهرت عدة تحركات شبابية تمثلت في محاولة وقف ما يرونه خطرا محدقا على هويتهم القبطية، فبادر شباب رافضون للفكرة بعمل زيارات للكنائس لأماكن التجمعات القبطية خاصة بالصعيد لشرح وجهة نظرهم في هذا الرفض.
 
وبدأ نشطاء منهم في تدشين صفحات ومجموعات على مواقع التواصل لشرح وجهة نظرهم، ونشر فيديوهات لقساوسة مشهورين يرفضون الفكرة ومن أبرزها مجموعة "كشف خدعة التراث العربي المسيحي".
 
خطابات البابا
قال الناشط السياسي الصحفي صمويل العشاى إن العديد من الشباب -وهو منهم- بعثوا برسائل مكتوبة للبابا تواضروس يطالبون بوقف تدريس الدبلومة الخاصة بالتراث العربي المسيحي "فمن غير المعقول أن نتحدث عن تراث عربي ونترك تراثا يمتد سبعة آلاف عام.
 
فالكنيسة المصرية -حسب كلام العشاى للجزيرة نت- حافظت على التراث الفرعوني المتمثل في الألحان والفولكلور واللوحات والنقوش وحتى طرق البناء مستوحاة من الحضارة الفرعونية، مؤكدا أن هناك ألحانا فرعونية ترتل بالكنيسة حتى الآن، وهذا ما ذكره في خطاب أرسله للبابا.
 
المصدر : الجزيرة