الغد-محمد الكيالي
نفى المتحدث باسم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، تقارير تحدثت عن أن نتنياهو كان في طريقه إلى القاهرة، لإجراء مفاوضات بشأن صفقة الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وذلك عقب تقرير سابق لوكالة "رويترز" بأنه كان فعلا في طريقه للقاهرة لتنفيذ هذه المهمة، التي يتوقع بأن يوقع عليها خلال الأيام المقبلة، وفق مصادر في المحادثات.
لكن تقارير غربية، أشارت في الآونة الأخيرة، إلى أنه يحاول تأخير إتمام الصفقة رغم موافقته عليها، بينما ذكرت حماس، في بيان لها، أنها أكدت على جدية المناقشات وإيجابيتها في الدوحة مع الوسطاء القطريين والمصريين، مبينة "أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ممكن، إذا امتنع الاحتلال عن وضع شروط جديدة".
وبحسب ما تنشره وسائل إعلامية حول المفاوضات في الدوحة، فإن هناك صفقة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما بين المقاومة والكيان، يطلق فيها سراح أسرى صهاينة مقابل أسرى ومعتقلين فلسطينيين.
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د.خالد شنيكات، بين أنه رغم جهود إنجاز تسوية في قطاع غزة، ورغم أن حماس أبدت مرونة كاملة بشأن العديد من الملفات، كانسحاب الاحتلال وإدخال المساعدات وأعداد الأسرى الفلسطينيين المطلوب الإفراج عنهم، لكن الاحتلال يتمسك بمواقفه.
وأضاف شنيكات "في وقت سيشهد فيه قدوم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب استلام الحكم بالولايات المتحدة في كانون الثاني (يناير) المقبل، يتوقع بأن يشكل ذلك عامل ضغط إضافيا على الاحتلال ويدفعها للتفاوض، خاصة أن ترامب قالها صراحة، إنه لا يود دخول البيت الأبيض والحرب مشتعلة".
واعتبر أن هذا موقف يشكل ضغطا على نتنياهو، لكن ما يقلق الأخير، هو مسألة بقائه في السلطة وبقاء شركائه في الحكومة، بخاصة أن وزيري الأمن الداخلي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموترتش، أبديا معارضة لأي صفقة.
وقال شنيكات "إن نتنياهو يلتزم الصمت، ولا يريد أن تتسرب أي معلومات حول الصفقة -على الأقل- لحين إتمامها"، مؤكدا أن ما يمكن دفع الصفقة للفشل، هو موقف اليمين المتطرف، كما أنه من دون موافقة بن غفير وسموترتش لا يمكن لها أن تمر، فنتنياهو لن يغامر بانهيار حكومته، لأنه إذا ما حدق ذلك، فإن الكيان ذاهب لانتخابات برلمانية جديدة وربما تفتح ملفات تتعلق بالفساد وسوء الإدارة والتحقيق في أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وهذه قضية حساسة بالنسبة له.
واعتبر أن وضع نتنياهو الحالي أفضل مما كان عليه في السابق، لأنه تمكن من احتلال المنطقة العازلة في الجولان، ووسع مساحة الكيان في سورية أكثر من 440 كلم 2، كما أنه في موقف تفاوضي قوي، لذا فهو يريد إيصال رسالة لمجتمعه بأن الجيش له يد طولى في المنطقة، كما أنه تمكن من إنهاء "حزب الله" كقوة عسكرية متحدية له، وأعاد مستوطني شمال فلسطين إلى مستوطناتهم، ما يعتبره إنجازا آخر له.
وأضاف شنيكات "يبقى الإنجاز الذي يسعى له، الحصول على صفقة بأقل كلفة على كيانه. هو يريد استخراج الأسرى، ومن ثم استئناف الحرب"، مضيفا "حتى اللحظة، لا تعطيه حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية هذه الفرصة، مع أنه يضغط بقوة لتحسين شروط التفاوض، والحصول على نصر آخر بإطلاق سراح الأسرى، وإكمال الحرب كما يطالب زعماء اليمين المتطرف".
بدوره، قال الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد "لا يمكن الحديث بأن المسار الدبلوماسي الذي يتعلق بالهدنة في غزة توقف، رغم أنه قد تأخر بسبب الإجراءات الفنية للاحتلال، وتتعلق بمحاولة تحقيق مكاسب تفاوضية ولو كان ذلك إعلاميا على أقل تقدير، للخروج بصيغة تنقذه من مأزق غزة، وتعكس صورة انتصار له أمام الاحتلال وأمام اليمين المتطرف، الذي يهدد بعدم التصويت على قرار الهدنة، وعلى رأسه سموتريتش وبن غفير".
وأضاف أبوزيد "كل المؤشرات تعزز حاجة طرفي الصراع في غزة لهدنة، فالاحتلال بات يقاتل من دون أي هدف يذكر، كما أن جنرالات الكيان هم أكثر من يدرك حجم خسائرهم في غزة، لذلك هم أكثر من يدفع باتجاه المسار الدبلوماسي".
وتابع، أن أبرز الألوية التي تقاتل حاليا في غزة، بخاصة في شمالها وفي بيت لاهيا، هو لواء جفعاتي في جباليا، وقد تعرض لخسائر كبيرة لم يتم استبدالها منذ 4 أشهر، والسبب أن الاحتلال بات لا يملك ترف الوحدات العسكرية الطازجة التي يمكن أن تستبدل بوحدات جديدة لتقاتل في غزة، موضحا أن 5 فرق للاحتلال استنزفت في جنوب لبنان، وفرقة في الضفة الغربية، وبقية الفرق التي قاتلت في غزة سابقا، يعاد ترميمها.
وقال إن 54 % من قوات الاحتياط، تنهي المدة المقررة للخدمة العسكرية الشهر الحالي، يقابل ذلك، أن كفاءة المقاومة القتالية أيضا انخفضت وتعرضت لضربات كبيرة، وتدمير ممنهج، كل ذلك قد يدفع إلى أن فرص نجاح الهدنة أكبر من فشلها، لكن الطرفين يناوران دبلوماسيا في محاولة لتحقيق مكاسب تنهي الصراع، ضمن معادلة لصالح أي منهما، وهذا الأمر يؤخر المسار التفاوضي.
وقال "في النهاية، يتوقع بأن تكون هناك هدنة خلال الثلث الأخير من الشهر الحالي، وبالتحديد بعد 25 كانون الأول (ديسمبر)، موعد عيد حانوكاه (الأنوار) عند الكيان الصهيوني".
وأشار أبوزيد، إلى أن تصاعد حدة الخطاب الإعلامي للمواقع الإعلامية العبرية بشأن نشر أرقام الإصابات والمعاقين جراء العملية العسكرية في غزة، يشير إلى أن هناك مسارا إعلاميا بموافقة نتنياهو يحاول فيه إيصال إشارات لليمين المتعنت بشأن الهدنة، لعل هذه الأعداد تدفع باتجاه تليين موقف بن غفير وسموتريتش حول الهدنة، إذ نشرت صحيفة هآرتس أن أعداد المعاقين الصهاينة خلال الحرب على غزة، قد تصل لـ100 ألف بحلول العام 2030، بينما أشارت هيئة البث الصهيونية، إلى أن 500 ضابط تخلوا عن الخدمة العسكرية، واللافت أن مثل هذه الأنباء يسمح بنشرها لأول مرة بهذه الكثافة.
المحلل السياسي د.بدر الماضي، لفت إلى أن نتنياهو يواجه تحديات ذاتية من داخل حكومته، كم يواجه تحديات قانونية وتشريعية مع الصهاينة، فهو ما يزال يعتقد أن اسمه وتاريخه السياسي، يجب أن يسجلا إلى جانب القادة الكبار في الكيان، ما يتطلب استمراره بمثل هذه الإنجازات العسكرية لتحقيق هدفه الذاتي.
وتابع "في الجانب الآخر، يعلم نتنياهو أن لديه مشكلة أساسية مع قضاء الكيان وشرطته، فالاتهامات التي طالته، يمكن تحريكها بأي وقت، ما قد يتسبب بمحاكمته وسجنه، فيتحول من بطل قومي لمتهم وسارق وفاسد"، مؤكدا أن نتنياهو وحكومته المتطرفة، لم يتمكنا من حسم من سيأتي بديلاً لحماس، وهذا يزعج حكومته، إذ يمكن إعادة إنتاج جيل مقاوم جديد إذا ما بقيت حماس في القطاع.