الغد
بدأ العمل والتشريع والرقابة، وعلى لجان مجلس النواب العشرين البالغ عددها 20 لجنة الشروع بتقديم رؤية مختلفة، ورفع سوية عمل اللجان، والارتقاء بعمل اللجان النيابية ومطالعة القوانين الواردة من الحكومة بعين فاحصة، والاستماع لرأي المعنيين بشكل حقيقي وليس بشكل شكلي.
الحكومة بدورها لم تتأخر كثيرا فمجلس النواب وبعد أن استكمل تشكيل لجانه واختار رؤساء تلك اللجان، ونوابهم ومقرريها، فسارعت بإرسال مشاريع قوانين للمجلس بهدف إقرارها، ولأن اللجان النيابية هي بيت التشريع الأول، ومنها تخرج التوصيات المتعلقة بتلك المشاريع من ناحية القبول او الرفض، فان الأمل معقود عليها لرفع سوية النقاش، وتقديم نقاش يختلف عما قدمته لجان مجالس نيابية سابقة كان مهمتها فقط تعديل حروف العطف والجر وغيرها من قواعد الإنشاء.
البداية كانت من خلال اللجنة المالية التي شرعت بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2025، وأول من امس أقرت الحكومة عددا من مشاريع القوانين التي سيتم إرسالها لمجلس النواب، ولعل أهمها وأخطرها، وأكثرها أهمية للمواطن مشروع القانون المعدل لقانون العمل الذي تم طرحه للنقاش والحوار في وقت سابق على الأطراف المعنية، وخاصة النقابات العمالية وغرف التجارة والصناعة.
المشروع شهد ثناء حول تعديلات، ورفضا وخوفا وريبة حول تعديلات أخرى، نظر إليها باعتبارها تراجعا عن حقوق العمال، وخاصة المواد التي تتعلق بالفصل والسماح للمؤسسة القيام بذلك بموافقة الوزير، وهذا ما اعتبرته نقابات عمالية واتحادهم تعديا صارخا على حق العامل في الذهاب للقضاء.
الحكومة تقول إن مشروع القانون جاء لغايات مواكبة تطورات سوق العمل، والمواءمة ما بين قانون العمل والتشريعات النافذة، خصوصا في الموضوعات التي تتعلق بالعمل المرن، وإصابات العمل وغيرها، وبما يحفظ حقوق العاملين ويحقق المزيد من الحماية لهم، وتعزيز دخول المرأة لسوق العمل ومشاركتها الاقتصادية، من حيث زيادة إجازة الأمومة للعاملات في القطاع الخاص من 70 إلى 90 يوما، وينظم آليات استخدام العمالة الوافدة في سوق العمل الأردني بما يضمن الحد من مخالفة أحكام القانون، حيث ينص على عدم جواز تخفيض العقوبات بحق صاحب العمل الذي يشغل عمالة غير أردنية مخالفة، وإلزام العامل غير الأردني كذلك بإصدار تصريح عمل حتى وإن كان حاصلا على شهادة مزاولة المهنة.
ما سبق ينظر إليه بعين إيجابية، ولكن الأطراف المعنية تقف بتوجس أمام ما جاء في التعديل، بإصدار نظام يحدد الحالات التي يعتبر فيها إنهاء خدمة العامل فصلا تعسفيا وهي ما يترتب عليها تحديد استحقاقاته وحقوقه، ويعتقد اتحاد العمال والنقابات العمالية أن ما ورد في مشروع التعديل وخاصة المادة 31 منه والتي تتعلق بالفصل التعسفي، أمر مقلق، ويرون أن ترك الحكم بقضايا الفصل التعسفي بيد السلطة التنفيذية دون القضاء تراجع في غير مكانه، وأن إصدار نظام يحدد الحالات التي يعتبر الفصل تعسفيا ويحدد في النظام حقوق ومستحقات العامل في حال ثبوت أنه فصل تعسفي تراجع عن نص قانوني وتركه لنظام يصدر لذلك، ويعتقدون أن القضاء هو الجهة التي يتوجب أن تتعامل مع قضايا الفصل، كما يرون أن ما ورد من تعديلات بأنه في حال انتهاء فترة العقد المحدد المدة بين صاحب العمل والعمال، واستمرار الطرفين في تنفيذ العقد يتم تمديد العقد لمدة مماثلة ولا يصبح عقدا غير محدد المدة، تراجع عن حقوق مكتسبة للعمال.
المشاريع الأخرى ذات الأهمية لا تقف عند معدل العمل وإنما تصل لمشروع قانون صندوق التكافل للحد من المخاطر الزراعية الذي يأتي لتحقيق التكافل والتعاون بين المزارعين المشتركين في الصندوق في مواجهة المخاطر الزراعية والحد من آثارها، وتشجيع الاستثمار الزراعي وتقليل الخسائر المالية الناجمة عن المخاطر الزراعية، وكذلك مشروع قانون معدل لقانون البناء الوطني الأردني الذي يأتي لتعزيز دور المجلس واللجنة الفنية لكودات البناء الوطني المشكلة بموجب القانون في الحفاظ على السلامة العامة.
ذاك يعني أن لجان المجلس عليها العمل والخروج من قوقعة النظر في النصوص وإدخال تعديلات عليها من ناحية النحو والصرف والذهاب باتجاه إدخال نصوص جديدة وتعديلات مختلفة، وفتح طاقة حوار مع الأطراف المعنية في كل مشروع قانون.