عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-May-2020

وزارة الصحة هي الطفل المشني من والديه - بقلم: عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
في كل العالم يشرح لنا صبح مساء أتباع بنيامين نتنياهو وهم منفعلون من الطريقة التي تواجه فيها إسرائيل أزمة “كورونا”. ما هو صحيح بالنسبة لعدد الوفيات القليل الذي سجل هنا بسبب الفيروس، بالتأكيد غير صحيح بالنسبة للفوضى التامة المتعلقة باستراتيجية الخروج من الازمة التي وصلت إلى ذروتها في الأيام الأخيرة بالتوجيهات المتناقضة والمتغيرة فيما يتعلق بالعودة الى التعليم.
في منتهى السبت وبعد تعديلات كثيرة بدأت الصورة في الاستقرار. التعليم سيستأنف في الصفوف الأول حتى الثالث، وفي الصفوف الحادي عشر والثاني عشر، ولكن ليس في رياض الأطفال مثلما خطط له في البداية. في مؤسسات الحريديين في المقابل سيعودون الى التعليم في الصفوف من السابع وحتى الحادي عشر، ولكن القرار، تبين لاحقا، هو في هذه المرحلة مجرد توصية.
هناك مدن سيستأنف فيها التعليم اليوم (أمس) في مدن اخرى منها تل ابيب وبئر السبع أعلنت البلديات أنها لم تستكمل بعد الاستعداد لاستئناف التعليم، لذلك سيتم تأجيل الموعد لبضعة ايام.
ومثلما على طول الازمة، الحكومة اضطرت الى اتخاذ قرارات في ظروف عدم يقين صعبة. ابحاث جرت في عدة دول في العالم وبحث محدد اجراه معهد غارتنر في اوساط الطلاب في بني براك، لم يعط اجابات واضحة بما فيه الكفاية حول المسائل الاساسية: الى أي درجة الأطفال معرضون للإصابة بالمرض؟ وبأي درجة الطفل، وبالتأكيد الطفل الذي لا تظهر عليه أعراض “كورونا”، يمكن أن يعدي شخصا بالغا؟.
في نفس الوقت “كورونا” تكشف كل الأمراض في نظام الحكم في إسرائيل – استعداد متأخر، تخطيط مرتجل، قرارات تتخذ في اللحظة الاخيرة وخضوع لمجموعات ضغط. هكذا غير يوم الجمعة الماضي التوجيه بخصوص القطاع الأصولي، بمبادرة الوزير آريه درعي (شاس) وأعيد هناك الى التعليم طلاب أكبر سنا، بدلا من طلاب الصفوف الدنيا. الخلاف يعكس مواجهة عميقة بين وزارة الصحة ووزارة التعليم.
الجزء المكمل للصورة الحزينة وفره في يوم الخميس الماضي برنامج ممتع لـ “المصدر” في القناة 13 والذي فيه رافق حاييم ريفلين، مدير عام هداسا، البروفيسور زئيف روتشتاين. روتشتاين يدير مستشفى كامبراطورية خاصة، لا تعطي أي اعتبار لوزارة الصحة. قراره تمكين ريفلين من تسجيل محادثته مع نتنياهو، شخصيات كبيرة في وزارة الصحة ورئيس قسم في الموساد وفرت للمشاهدين نظرة نادرة لما يحدث خلف الجبهة الموحدة المعروضة علينا في المؤتمرات الصحفية. النتيجة كانت كئيبة: صراعات قوى، رفع سكاكين، استخفاف متبادل، حرج وغير قليل من الذعر.
كل هذا لا يعيق استمرار حفل العدوى الذي يجري في الخارج، بفضل التسهيلات التي أعلنت عنها الحكومة تدريجيا في نهاية عيد الفصح. الشوارع وحتى عدد من الشواطيء والمتنزهات تعود مرة اخرى لتضج بالناس، الحفاظ على بُعد اعتبر كتوصية فقط. ارتداء الكمامة؟ احيانا.
الحظر الزائد على النشاط الرياضي لمسافة 500 متر من البيت تم رفعه. ومعه ايضا تم التخلي عن تظاهر الشرطة وكأنها تطبق اللوائح بشأن منع الخروج لمسافة أكثر من 100 متر، بدون غرض الرياضة. النتيجة هي عدد كبير من الناس في الشوارع، الذين عدد كبير منهم يتصرف وكأن “كورونا” هو كابوس بعيد كف عن تعريض حياتهم للخطر.
النتائج ستظهر في الأسابيع القريبة القادمة. جهاز الصحة يتوقع أن يشهد ارتفاعا معينا في الإصابة، التي في هذه الاثناء ما زالت منخفضة جدا – اقل من 200 مصاب جديد مشخص في اليوم، 1.7 % بالمتوسط من الفحوصات اليومية يتبين أنها ايجابية. الفيروس ضرب إسرائيل حتى الآن بقوة أقل من معظم دول الغرب. إذا كان الطقس الدافئ يقلص حقا خطر الإصابة فربما أن زيادة عدد المصابين ستكون منضبطة نسبيا. وإلا فربما سنعود الى نقطة البداية وسيكون لوزارة الصحة مرة اخرى ذريعة من اجل العودة الى اغلاق متشدد. ولكنها ستجد صعوبة في ضمان تعاون المواطنين ازاء التآكل في ثقة الجمهور بالسياسة.
حتى إذا مرت الفترة القادمة دون تفشي دراماتيكي للفيروس فستتواصل العودة التدريجية للاقتصاد للعمل، مع متابعة مراكز تفشي محددة. الفجوة بين بلدات واحياء كهذه، وهي اصولية بالاساس، وبين باقي الدولة تتسع وتحتد. الافتراض السائد، حتى هذا مجرد تقدير، هو أنه يتوقع تفشي اكثر شدة للكورونا في الخريف القادم، وربما باندماج مع الانفلونزا الموسمية. وحتى ذلك الحين، حدد جهاز الصحة لنفسه هدف سبعة آلاف جهاز تنفس اصطناعي، هذا عدد كبير، لكن الى جانبه توجد حاجة الى طواقم مدربة تعرف كيفية تشغيل هذه الاجهزة.
في المفاوضات المتواصلة بين الليكود وأزرق أبيض، فان وزارة الصحة تواصل كونها الطفل الذي لا يتحمس أحد الوالدين لتولي حضانته. الوزير يعقوب ليتسمان استمر في شغل هذه الوزارة بأمر من الحاخام المعلم، بعد أن كشفت “كورونا” كبر فشله في هذه الوظيفة. غابي اشكنازي لا يسارع الى التطوع. والآن يطرح مرة اخرى اسم شخص مهني هو مدير عام مستشفى تل هشومير، البروفيسور اسحق كرايس، الذي ترشحه ذكر هنا في نهاية شهر آذار(مارس) كمرشح من قبل أزرق أبيض.
السبب لمخاوف السياسيين من وزارة الصحة واضح. في الظروف الحالية، هذه الوزارة تظهر مثل شرك قاتل سياسيا. الازمة الاقتصادية التي يتوقع فقط أن تشتد في الاشهر القريبة القادمة ستعزز مكانة وزارة المالية في عملية اتخاذ القرارات. بالتأكيد عندما سيدخل الى الوزارة وزير جديد فهو سيحتاج الى أن يتبع تقليص في الميزانية مقابل زيادة العجز. وتبعية وزارة الصحة لوزارة المالية مرتفعة جدا، حتى في الاوقات العادية. وكل عملية شراء لجهاز ام.آر.آي جديد تحتاج الى توقيع قسم الميزانيات. وسيطرة وزارة المالية ستزداد في ظل وجود الازمة بصورة ستحول وزارة الصحة الى نوع من المقاول الثانوي الذي يعتمد على فضائل وزارة المالية.
اضافة الى ذلك، من المتوقع أن تبدأ مفاوضات على اتفاق أجور جديد للاطباء. في الاتفاق الذي وقع في بداية العقد السابق سجل الاطباء انجازات كبيرة عملت على تحسين الأجور، خاصة كبار الاطباء من بينهم. عدم الاستعداد الذي ظهر في بداية ازمة “كورونا” سيركز النقاش الآن على الزيادة في أسرة الشفاء وأسرة العناية المكثفة واجهزة التنفس الاصطناعي رغم أن التفشي المحدود للفيروس حتى الآن لم يضع جهاز الصحة أمام أي اختبار دراماتيكي ولم يقربه من الانهيار الذي خافوا منه.
“كورونا” هو حدث استثنائي ونادر جدا، سيناريو متطرف يتحقق للمرة الاولى. وقريبا سيتطور نقاش: هل الفجوات التي تم الكشف عنها تقتضي زيادة الاستعداد في الوضع الروتيني، أو من الافضل توجيه الموارد الى قنوات اخرى والاعتماد على قدرة الارتجال للجها، مثلما حدث عمليا خلال الازمة الحالية؟.
رغم المليارات التي تم تخصيصها لوزارة الصحة في الاشهر الاخيرة، إلا أن المعضلات ستبقى على حالها. حتى الآن نحن لا نعرف ما هي التكلفة المالية للضرر الصحي الذي وقع على اشخاص لم يتم تشخيصهم أو علاجهم في الفترة التي كان فيها الجهاز الصحي غارق في محاربة “كورونا”. جسر الفجوات سيستمر لفترة وسيكلف أموالا باهظة في حين أن الميزانية لزيادة الأسرة أو عدد الاطباء ستأتي في السنة القادمة على حساب سلة الادوية. الضائقة المالية يتوقع أن تبقى على حالها، حيث وزارة المالية يجب أن تهتم ايضا بحاجات اخرى مثل مساعدة العاطلين عن العمل والمشاريع الصغيرة. الوزراء المحتملون يدركون هذه المشكلات، لذلك فان طابور المرشحين لهذه الوظيفة قصير جدا.