عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Oct-2025

دمج "التربية الإعلامية" بالمناهج الدراسية.. هل يسهم بمواجهة تحديات الرقمنة؟

 الغد-آلاء مظهر

 بالتزامن مع أسبوع الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وفي ظل التحولات الرقمية المتسارعة وتزايد تدفق المعلومات من مصادر متعددة، تتأكد أهمية تعزيز هذا المفهوم بالمناهج الدراسية، باعتباره أحد المرتكزات الأساسية لبناء وعي طلابي قادر على التعامل مع المحتوى الإعلامي بمهارة ومسؤولية. 
 
 
وبينما يسهم امتلاك الطلبة لأدوات تحليل الرسائل الاعلامية وفهم السياقات التي تنتج فيها المعلومات في الحد من انتشار الاشاعات ومكافحة التضليل، أكد خبراء تربويون واعلاميون، أن التوسع بإدماج مفاهيم التربية الإعلامية في المناهج الدراسية يشكل خطوة استراتيجية لمواجهة تحديات العصر الرقمي، في وقت بات فيه الطلبة محاطين بكم هائل من الرسائل الإعلامية المتنوعة، الأمر الذي يستدعي امتلاكهم مهارات تحليلية ونقدية متقدمة.
وبينوا في أحاديثهم المنفصلة لـ"الغد"، ان التربية الاعلامية تمكن الطلبة من تحليل المحتوى الإعلامي وتقييمه بموضوعية، وتزودهم بالقدرة على التمييز بين المعلومة الدقيقة والمغلوطة، ما يعزز من قدرتهم على اتخاذ قرارات واعية ومسؤولة. 
وأوضحوا إن نجاح عملية دمج مفاهيم التربية الاعلامية في الكتب المدرسية لا يُقاس بمستوى تضمينه بالمناهج، بل بقدرته على إحداث أثر ملموس في المجتمع، وهو ما يستدعي آليات دقيقة لقياس الأثر المجتمعي، وتوظيف التغذية الراجعة من مختلف الفئات المستهدفة لتجويد المحتوى وتطويره بصورة مستدامة، تواكب التحولات المتسارعة في البيئة الرقمية، وتحفظ سلامة الأفراد الفكرية والنفسية، وتعد جيلا واعيا قادرا على التفاعل المسؤول والناقد مع الإعلام والمعلومات
وكان رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، د.محي الدين توق، قال في منشور على الصفحة الرسمية للمركز على موقع التواصل الاجتماعي، "إن تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج الأردنية هو استثمار حقيقي في وعي الطلبة وقدرتهم على التفكير النقدي في عصر تتدفق فيه المعلومات من كل اتجاه، ونسعى عبر هذا التوجه لبناء جيل يمتلك أدوات التمييز بين الحقيقة والتضليل، ويتعامل مع الإعلام بوعي ومسؤولية تعكس قيم المواطنة الراسخة".
"الغد"، تواصلت مع المركز للحصول على المعلومات حول اهمية تعزيز مفاهيم الدراية الاعلامية والمعلوماتية في المناهج الدراسية، وماهي المفاهيم التي يتم تدريسها للطلبة وماهي المباحث الدراسية والصفوف الدراسية التي تدرس مفاهيم التربية الاعلامية، وان كان لدى المركز توجه للتوسع في ادماج مفاهيم التربية الاعلامية في المناهج و الصفوف المستهدفة؟ لكن لم يتسن لها الحصول على اجابات على اسئلتها.
البداية من المدارس
وبالسياق، قال نقيب الصحفيين الزميل طارق المومني، ان الواقع اليوم وما نشهده من تأثير كبير لوسائل التواصل الاجتماعي على مختلف الفئات العمرية التي تتابع تلك الوسائل ساعات طويلة، وخصوصا الاطفال والشباب، بات يفرض علينا تعزيز الوعي في اهمية التأكد من صحة المعلومات ودقتها، والتبصير بمدى خطورة تلك الوسائل إذا ما استخدمت بعكس غاياتها وأهدافها، لاسيما ونحن في عصر الثورة المعلوماتية واحد إفرازاتها الذكاء الاصطناعي، ما ساهم بزيادة التضليل، ونشر المعلومات المزيفة وبالتالي التأثير على المجتمعات الامر الذي يتطلب توعية الطلبة. 
وأضاف، ان التوسع بإدماج مفاهيم التربية الإعلامية بالمناهج الدراسية يمثل خطوة استراتيجية لمواجهة تحديات العصر الرقمي، حيث بات الطلبة محاطون اليوم بكم هائل من الرسائل الإعلامية المتنوعة، التي تتطلب منه مهارات تحليلية ونقدية متقدمة. 
ودعا لأهمية ان تكون التربية الاعلامية مبحث دراسيا مستقلا، يعكف على تدريسه اهل الاختصاص بغيه تحقيق الهدف المنشود الذي وضع من اجله لجهة التوعية والتثقيف بأهمية الاعلام ودوره في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تأثيرًا كبيرا للإعلام وتوجيها للرأي العام.
وتابع، أن مسألة التثقيف والتوعية، يجب أن تبدأ من المدارس باعتبار ان هذا الجيل الاكثر استخداما لوسائل التواصل الاجتماعي وتأثرا به ، لذلك لا بد أن تبدأ التربية الصحيحة بهذا الاطار من المدرسة، وتمتد للجامعة، بالتالي توعية المجتمع بخطورة الاعلام وتأثيره إذا ما استخدم بطريقة خاطئة، مع الإشارة إلى ان نشر العلومات غير الصحيحة يعمق الأزمة ويزيد تفاعلاتها على المجتمع، فضلًا عن خطاب الكراهية الذي يحدث خللا في المجتمعات.
وشدد على ضرورة التوسع بتعزيز مفاهيم التربية الاعلامية بالمناهج الدراسية الى جانب تدريسه لمختلف الصفوف لما للإعلام من خطورة، والذي يشهد تطورًا كبيرًا في ظل الثورة المعلوماتية.
تحديات غير مسبوقة
بدوره، قال المدير السابق للمركز الوطني لتطوير المناهج، د.عمر ابو غليون، إن العالم شهد في العقود الأخيرة تحولات جذرية في بيئة الاتصال والإعلام، فرضت تحديات غير مسبوقة على النظم التعليمية والثقافية، وأبرزت الحاجة لتمكين الأجيال الناشئة من التعامل الرشيد مع المحتوى الإعلامي والمعلوماتي ومصادر المعلومات، ومواجهة الاستخدامات الضارة لها، والمحتوى غير الملائم الذي تقدمه.
واضاف، ان هذه البيئة في ذات الوقت وفرت فرصا جديدة تحتاج لتمكين الأجيال الناشئة من استغلالها؛ ولذلك عدت كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية، أحد المجالات الأساسيّة ضمن مهارات القرن 21 المشار إليها في إطار بيزا العالمي لكفايات التعليم، الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ابتداء من عام 2018. 
وبين، ان الاستخدام غير الحكيم لوسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأخبار الكاذبة شكل دافعا وطنيا، لتبني رؤية شاملة للتربية الإعلامية متمثلة بإقرار "الخطة الوطنية التنفيذية للتربية الإعلامية والمعلوماتية" عام 2020، لتصبح المملكة أول دولة عربية تعتمد خطة متكاملة بهذا الشأن، تشمل المدارس والجامعات والمؤسسات الشبابية والمجتمع المدني. 
وشملت الخطة، بحسب ابو غليون، أربعة مجالات مترابطة، تمثلت في إدخال مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية للنظام التعليمي في المدارس والجامعات، إلى جانب نشر هذه المفاهيم عبر المؤسسات الشبابية والثقافية، وكذلك عبر المجتمع المدني والمجال العام في المدن، بما يضمن وصولها إلى مختلف شرائح المجتمع.
واوضح، ان المركز الوطني لتطوير المناهج اضطلع بدور محوري في تنفيذ هذه الخطة، حيث أصدر عام 2022 "الإطار الخاص لإدماج كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج الأردنية"، وهو وثيقة غير مسبوقة عربيًا، تهدف لدمج المفاهيم والمهارات الإعلامية في كتب المباحث الدراسية من رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة، دون استحداث مبحث مستقل، بما ينسجم مع فلسفة التكامل التربوي.
ولترجمة هذا الإطار عمليا، شكل المركز فريقا متخصصًا لدعم مؤلفي الكتب المدرسية في تضمين مفاهيم التربية الإعلامية في أكثر من 24 كتابًا في مباحث متعددة، منها الدراسات الاجتماعية واللغة العربية والتربية الإسلامية والمهارات الرقمية، وفق ابو غليون.
ولفت، الى ان هذه الجهود ركزت على تعزيز التفكير النقدي، واحترام الخصوصية، والتمييز بين الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية، وتنمية مهارات إنتاج المحتوى الإعلامي، والالتزام بأخلاقيات التواصل الرقمي، بحسب ابوغليون.
ورأى أن نجاح عملية دمج مفاهيم التربية الاعلامية في الكتب المدرسية لا يُقاس بمستوى تضمينه في المناهج، بل بقدرته على إحداث أثر ملموس في المجتمع، وهو ما يستدعي آليات دقيقة لقياس الأثر المجتمعي، وتوظيف التغذية الراجعة من مختلف الفئات المستهدفة لتجويد المحتوى وتطويره بصورة مستدامة، تواكب التحولات المتسارعة في البيئة الرقمية، وتحفظ سلامة الأفراد الفكرية والنفسية، وتُعِدّ جيلًا واعيًا قادرًا على التفاعل المسؤول والناقد مع الإعلام والمعلومات.
وأكد أن التوسع بإدماج مفاهيم التربية الإعلامية في المناهج الدراسية يمثل خيارا استراتيجيا لمواكبة متطلبات العصر الرقمي، فإكساب الطلبة مهارات التفكير النقدي والتحليل العميق للرسائل الإعلامية، يمكنهم من التعامل الواعي مع الكم الهائل من المعلومات التي تحيط بهم يوميًا، ويعزز قدرتهم على التمييز بين الموثوق والمضلل.
ولفت الى أن هذه الخطوة ستسهم ببناء جيل أكثر وعيا ومسؤولية، قادر على المشاركة الفاعلة في المجتمع الرقمي وصناعة المستقبل بثقة ورصانة.
من جانبها، قالت د. آية عبد الرحيم/ جامعة البترا، ان التربية الإعلامية تمثل ركيزة أساسية ببناء وعي الفرد والمجتمع في عصر تتدفق فيه المعلومات من مصادر متعددة ومتباينة المصداقية. 
واضافت، ان التربية الاعلامية تمكن الطلبة من تحليل المحتوى الإعلامي وتقييمه بموضوعية، وتزودهم بالقدرة على التمييز بين المعلومة الدقيقة والمغلوطة، ما يعزز من قدرتهم على اتخاذ قرارات واعية ومسؤولة، كما تسهم بحماية الطلبة من مخاطر التضليل الإعلامي والمحتوى المضلل أو غير الآمن، من خلال تنمية الحس النقدي وتعزيز الوعي الرقمي لديهم. 
وأوضحت أن التوسع بإدماج مفاهيم التربية الإعلامية في المناهج المدرسية يُسهم في إعداد جيل يمتلك مهارات التفكير النقدي والتواصل الفعّال، ويستطيع توظيف الإعلام كأداة للتعلم والإبداع والمشاركة المجتمعية الإيجابية.