عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Nov-2019

لم يكفه أي شيء - الوف بن

 

هآرتس
 
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتفاخر في خطاباته بأنه حارب من اجل دولة إسرائيل وأنه أصيب من اجلها وعمل على تعزيز أمنها واقتصادها ومكانتها الدولية. حتى يوم أمس الساعة الثامنة والنصف مساء، في خطابه المتباكي في شارع بلفور غير نتنياهو التوجه وأعلن بأنه ينوي تدمير الدولة ومؤسساتها، ردا على لائحة الاتهام التي قدمها ضده المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت. بالنسبة لنتنياهو، استمرار حكمه هو فوق كل شيء، ومن يشكك فيه فهو خائن ومتآمر. ومن تجرأ على التحقيق معه وتقديمه للمحاكمة يجب أن يتم التحقيق معه، حسب رأي نتنياهو، وبالضرورة يجب أن يذهب الى السجن بسبب المس بأمن الدولة.
في رده على لائحة الاتهام بتلقي الرشوة والتحايل وخيانة الأمانة، اتهم نتنياهو النائب العام المستقيل شاي نيتسان ومحققي الشرطة الذين لم يذكر أسماءهم بالقيام بانقلاب في الحكم ضده، ليس أقل من ذلك. يجب الاصغاء إلى اقواله مرة تلو الاخرى وتنظيف الأذنين وفرك العينين والتصديق بأن نيتسان بالذات، الذي وصف دائما بأنه شخص رمادي والأكثر اخلاصا من بين جميع موظفي الدولة، هو الذي يقف على رأس من اقتحموا الباستيل واحتلوا القصر الشتوي وألقوا براميل الشاي. وأن نيتسان هو في الحقيقة فوضوي ومتطرف، وهو الذي حرض في اعقابه مندلبليت وعدد من ضباط الشرطة من اجل العمل على تغيير حكمه في القدس.
حقا بيبي؟ هل أنت حقا تصدق هذه الهراءات، التي تظهر في صفحات رسائل عبيدك السياسيين وأبواقك في كل وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية؟ هيا نتخيل الوضع ونكتب السيناريو. نيتسان يجلس في مكتب في شارع صلاح الدين في القدس. وهو مصاب بالملل بدرجة كبيرة بسبب الأوراق الكثيرة والجلسات المتعبة وادارة مئات المحامين الجنائيين والمدنيين. عندها انقلب، مسح نظاراته وأحكم ربطة العنق وقال لمقربيه: “سأذهب الى التقاعد في نهاية 2019، هيا نعمل حتى ذلك الحين فوضى، نقوم بازاحة نتنياهو ونحصل على عناوين اخبار متعاطفة”. ومندلبليت يسمعه، تحرك في كرسيه، وتردد وفي النهاية قال: لم لا. هيا نخترع ملف ما وسنتطور.
هذه القصة غير مقنعة. حتى المؤيدين المتحمسين لنتنياهو الذين يرددون صبح مساء كل عيوب النيابة العامة، يجب أن يسألوا انفسهم وبأمانة: ما هو دافع المدعين العامين ورجال الشرطة للمس برئيس الحكومة؟ ماذا اعتقدوا أنهم سيستفيدون من ذلك؟ حيث أنه حتى لو استقال نتنياهو فان نيتسان لن يجلس مكانه على رأس جلسة الحكومة، ولا المفتش كورش برنور الذي تبين من خلال محاضر الاستجواب بأنه مستجوب من الدرجة الاولى. على الاكثر، نيتسان سيقوم بالتحليل في احد الاستوديوهات وسيكسب الرزق من المحاماة في القطاع الخاص الى أن يتم تعيينه في منصب قاض. وكورش سيحل محل يعقوب ادمون في تقديم “اسئلة شخصية” في “صوت الجيش”. لا بأس في ذلك، ولكن هل من اجل ذلك يقومون بثورة؟.
لا يا بيبي، قصتك غير مقنعة وغير صادقة. أنت ضحية ولكن ليس لرجال الشرطة أو مدعين مارقين، بل للبحث عن الاحترام الذي لم يعرف الشبع. لقد تم انتخابك اربع مرات لرئاسة الحكومة، وحطمت الارقام القياسية لاحتلال هذا المنصب، وظهرت أكثر من أي اسرائيلي آخر في بلاط زعماء العالم، في الكونغرس الأميركي وفي الأمم المتحدة. ولكن ذلك لم يكن كافيا لك في أي يوم. كل هذه المكانة تقزمت في نظرك أمام ملاحظة انتقادية لمحلل تلفزيوني، أو عنوان انتقادي في “يديعوت” أو مقال هجومي لصاحب عمود في “هآرتس”. التعويض الذي لم يكن كافيا لك في أي وقت، كان عروض ثمينة من المليونيرات وهوس السيطرة على وسائل الإعلام وتحديد ما يظهر في العناوين وكيف ستظهر الصورة وأين سيتم وضع الخبر.
رئيس الحكومة عرض حكمه وحريته للخطر، ليس بسبب محاربة اعداء اسرائيل أو القفز بالاقتصاد الى الامام وحل مشكلات المجتمع الاسرائيلي، بل بسبب صور عاطفة مع سارة في “واللاه” ونشر مقالات متملقة في “يديعوت”. الحقيقة محزنة. واكثر من ذلك هو أن نتنياهو تمسك بالكرسي وهو الآن مستعد لتحطيم جهاز الدولة من اجل البقاء عليه.