عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Dec-2018

الجفاء والعدائية بعلاقة الإخوة غير الأشقاء.. من المسؤول؟

 

ربى الرياحي
 
عمان– الغد- لم يتوقع أحمد أن علاقته بأشقائه من والده تتأثر كثيرا منذ الصغر، رغم تقدم العمر بهم جميعا. ذلك لم يأت من فراغ كما يقول، إنما بسبب العلاقة السلبية التي كانت بين والدته وزوجة أبيه والمشاحنات التي لم تنه سنين طويلة.
ولكن أحمد يقول أن والده الذي توفي منذ عشرة أعوام، كان يخضع للأسف لرغبات زوجته الأولى، فحصل أشقاؤه الآخرون على تعليم أفضل منه، وكانت الامتيازات التي يحصدونها أكبر بكثير، وحتى المستوى المعيشي.
لكن أحمد كما يقول كان متمسكا بهم، وحاول كثيرا أن يتقرب من إخوته وأخواته، لكنهم جميعا كانوا دائمي الرفض له، ولا يحسبونه من العائلة، مستذكرا حينما قام بدعوتهم لحضور حفل زفاف ابنه، لم يلبوا الدعوة، متقصدين مقاطعته، واحراجه أمام الضيوف.
بخجل وتأثر واضحين تصف الثلاثينية مها قاسم شكل علاقتها باخوتها من أبيها بأنها تفتقد للمشاعر وذكريات الحب تلك التي فرضتها وبقوة الخلافات المتأججة بين أمها وزوجة أبيها.
حالة من الجفاء والبعد والتنكر تسيطر على حياة العائلتين، إذ كثيرا ما حاولت أن تتقرب من أخوتها، وتسأل عنهم لكن ما كان يحدث في كل مرة هو إبداء التمنع والتجاهل والاستعلاء من قبلهم لدرجة أنه وصل بهم الحال إلى عدم الاعتراف بها كأخت لهم.
وتبين أنهم في المناسبات العائلية يتعمدون إقصاءها وتهميشها والتصرف على أساس أنها ليست موجودة يحاولون بشتى الطرق ألا تلتقي نظراتهم بنظراتها.
مشاعرهم تجاهها، كما تقول، قائمة على الكراهية والاستهزاء، فهم المميزون عند والدهم وينحاز لهم مرجحا كفتهم على كفتها. لكنها ما تزال تشعر بالوجع والقهر لرفضهم لها رغم رابطة الدم التي تجمعهم. وفي الوقت ذاته تلوم والدها الذي قرر منذ أن كانت صغيرة أن يتعامل معها بقسوة متعمدا حرمانها من حنانه وحبه في حين أنه آثر أن يغدق على بقية إخوتها بكل تلك المشاعر الأبوية الدافئة ويحيطهم برعايته واهتمامه. كل ذلك سببه، “كره والدها لوالدتها”.. متساءلة عن الذنب الذي اقترفته ليتعامل معها بهذه الطريقة؟!
وبسبب ظلم أحد الوالدين أو كليهما، تطغى الكراهية والحقد على علاقة الكثير من الإخوة، إذ أن هنالك مشاهد ومواقف تعكس برود المشاعر بينهم، بسبب الأساليب التربوية الخاطئة والتي تؤدي للهجر والقطيعة.
علاقة الإخوة غير الأشقاء كثيرا ما تكون متوترة مشحونة، يشوبها العداء، وأحيانا أخرى الروتين والجفاء كما أنها قد تصل إلى المقاطعة والخصام لسنوات طويلة بدون أن يكون هناك مبرر واضح.
حنان أكرم أم لثلاث بنات وزوجة ثانية، تتساءل: كيف يحق لإخوة تنكروا لوجود شقيقتهم ورفضوا التقرب منها ومساندتها بعد وفاة الأب، التدخل الآن في حياتها وتقرير مصيرها، لافتة إلى المحاولات الكثيرة السابقة التي بذلتها من أجل أن تقريب المسافات بين ابنتها وأشقائها من أبيها، لكن جميعها باءت بالفشل.
وتبين أنهم أصروا أن يتجاهلوها ويتبرؤوا منها، لكنهم جاؤوا ليعارضوا قرار ابنتها بالزواج من شخص أقل منها ماديا، وذلك زاد من حجم الخلافات وجعل العلاقة تؤول إلى القطيعة الأبدية، مؤكدة على أن الأصل في علاقة الأخوة أن تكون مبنية على الحب والحنان والاحتواء والتشارك في القرارات المصيرية وتقديم النصح بدلا من ذلك التسلط والاستبداد.
واعتبرت أن علاقة الأخوة حتى وإن دخلت فيها بعض الفروقات والتصنيفات غير العادلة، يفترض أن تظل قوية لا تشوهها تلك الأحقاد التي تغذيها الأنانية والغيرة.
ويقول الاختصاصي النفسي د. موسى مطارنة أن علاقة الإخوة من غير الأم يغيب عنها ببعض الأحيان مبدأ العدالة، بسبب تفضيل زوجة على الأخرى أو أبناء على أبناء، أو إساءة للأم القديمة مع وجود الجديدة من قبل الزوج.
ويلفت إلى أن الأب عليه الدور الأساسي بالتخفيف من حدة المشاكل بين الأبناء أو زيادتها، إذ ينبغي عليه أن يزرع بذور الحب بين جميع أبنائه، وعدم التفرقة، وتقريبهم من بعضهم البعض، مبينا أن تفضيل بعضهم على الآخر يؤدي إلى الإحساس بالظلم وزيادة الاحتقان بين الأبناء، وبالتالي تأثيرات نفسية شديدة وحالة من الكره والعداوة والإحساس بفقدان السند.
ووفق مطارنة، لا بد أن يكون في الأسرة نظرة عادلة، لتفادي التأثير النفسي على الأبناء أو ردات الفعل الشديدة والعدائية بينهم. وعلى الأب تفادي الفجوة بين الأبناء وعدم التمييز، واشراكهم بنشاطات خاصة سويا، وإكسابهم مهارات الاحتواء والمحبة والمساندة.