عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Nov-2019

«أولادنا» وصحة عمود دولتنا الفقري! - رمزي خوري

 

الدستور- رجع «أولادنا» الذين اختطفتهم اسرائيل على معبر الملك حسين انتصاراً على ظلم نظام العصابات العنصري وانتصاراً للمواطنة.
ألهمتنا المناضلة البطلة هبة اللبدي عندما أعلنت هجومها الكاسح ضد مختطفيها بمعركة الأمعاء الخاوية فخرج الشارع الأردني لنصرة الحق مطالباً حكومتنا بالتصرف «حالاً» قبل أن يتحقق وعد ووعيد هبة بتحويل الاعتقال الاداري الظالم من اعتقال آخر لإنسان بريء إلى اعتقال جائر لجثتها! وبالطبع خرج أيضاً الشارع  الفلسطيني بالضفة الغربية و»مناطق ال48» لتنتقل قضية هبة وعبد الرحمن مرعي إلى عنوان نضال مؤثر ضد الاعتقال الإداري الذي طال ألوف الأبرياء من أطفال ورجال ونساء.
وانتصرت المواطنة عندما تحركت الدولة الأردنية من وزارة الخارجية للأجهزة الأمنية لإنقاذ المختطفين من براثن الاحتلال منذ اليوم الأول للاختطاف إلى يوم التحرير بالأمس. فالمواطنة هي العامود الفقري للدولة، أي دولة، فإن أصاب هذا العامود الفقري اعوجاج أو كسر أصيبت الدولة باعاقة تتراوح من «العرج» لحالة من «الكسح.» لهذا نرى كافة الدول المدنية الديمقراطية تدافع بشراسة عن حقوق كل مواطن يتعرض للخطر وتتكلف بعض الدول مئات الملايين من الدولارات بعمليات انقاذ لمواطن واحد من مواطنيها معرض للخطر في دولة أجنبية؛ وهكذا عمليات تكون لهدف حماية عمودها الفقري الذي لا تقدر صحته بثمن!
وكان الشعب الأردني «مرعوباً» على صحة دولته بعامودها الفقري منذ قرار «فك الارتباط» بالضفة الغربية وحالات الغاء الأرقام الوطنية لآلاف المواطنين والتي جرت ب»قرارات إدارية» وليس بالقضاء فلم يستطع العديد من المتضررين - الذين اكتشفوا «بليلة ليس بها ضوء قمر» بأنهم لم يعودوا مواطنين - أن يفعلوا شيئاً عملياً للدفاع عن حقوقهم واستردادها! التحرك الكبير للدولة لضمان انقاذ هبة وعبد الرحمن هو بمثابة اعلان بأن المواطن الأردني، أي كل من يحمل الرقم الوطني والذي له ما له من حقوق وعليه ما عليه من واجبات، هو أساس دولة المواطنة المتساوية التي لا تميز بين انسانها على أساس اختلاف الأصول والمنابت أو الدين أو الجندرية أو غيرها من الفروقات الطبيعية بين البشر في أي دولة. طبعاً ما زال علينا المضي بمسار تحقيق كامل لمبدأ المساواة بالمواطنة.
وهنا تأتي العلة بدولة الأبارثايد العنصرية التي لا تعتقل مواطنيها ادارياً ولا تحكمهم عسكرياً – لأنها مدنية وديمقراطية جداً مع اليهود من مواطنيها حتى وان كانوا قتلة ومجرمون - بل تفعل هذا بالأبرياء من الآخرين.
المهزلة بعد انجاز تحرير هبة وعبد الرحمن أن تعلن اسرائيل بأنها وبعد مفاوضات مع الأردن السياسي والأمني ومن أجل الحفاظ على «علاقتها المميزة» مع الدولة الأردنية، قررت تسليم هبة وعبد الرحمن للأجهزة الأمنية الأردنية للتصرف بهم! هدف هذه الكذبة المكشوفة أن تعطي الانطباع لمواطنيها أولاً ومن ثم لمواطنينا بأن الأردن شريك اسرائيل الاستراتيجي حتى بالمس بحقوق الإنسان وسرقة الحريات والطغيان والعنصرية!
رجع «أولادنا» إلى أرض الوطن أبطال أحرار وبالطبع لا مسائلة أمنية أو سياسية أو شعبية.  وان التقت هبة أو عبد الرحمن برجل أمن على جسر الملك حسين عند الوصول أو بأي مكان في أرض الوطن يحق لكل رجل أمن كما يحق لكل مواطن أردني أن يمد يده ليصافح يد البطولة والحرية والانتصار. أما بعد، فعلى أجهزتنا الأمنية والسياسية ومنظمات حقوق الانسان في الأردن وفي الخارج اللقاء مع هبة وعبد الرحمن لدراسة تجربتهم الشخصية منذ الدقيقة الأولى للاختطاف الى الدقيقة الأولى للتحرير، فما زال للأردن 21 أسيرا لدى اسرائيل وعلينا تحريرهم.