عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Dec-2019

الآن سيهتفون “الموت للاهاي”

 

هآرتس
 
الادرينالين تدفق بقوة في الشرايين، اليقظة الوطنية وصلت الى عنان السماء، الاهانة الحارقة من جانب القوى الظلامية في العالم ايقظت الشياطين. هكذا بعد ثمانين سنة على ولادة “يديعوت احرونوت”، الصحيفة تضع دولة اليهود في صف واحد مع الايرانيين والسوريين والاتراك. وقد كان العنوان الرئيس في الصحيفة أول من أمس هو “نفاق لاهاي”، حسب تعريفها.
للوهلة الاولى شعرت حقا بالاهانة. وها أنا أطالب باحترام اخواننا في كوريا الشمالية. يجب علينا أن نتعلم من الصديقة الروحية لاسرائيل، نيكي هيلي، السفيرة السابقة للولايات المتحدة في الامم المتحدة، التي تفضلت بالمقارنة بين اسرائيل وكوريا الشمالية. وفي المقابل للأسف، محرر الصفحة الاولى في “يديعوت” لا يعرف التراث العربي، وإلا لكان ذكر المسؤولين عنه والذين هم تحت مسؤوليته، بالمثل العربي الشعبي “قفز بقوة على الحمار لكنه سقط في الجانب الثاني وقال لنفسه هكذا كنت”، بالضبط هكذا، جاء مهنئا وخرج لاعنا.
مع ذلك، يمكننا أن نتفهم وضع المحرر المسؤول، هو منشغل بجلسات ليلية من المساومة مع بنيامين نتنياهو بهدف اغلاق “اسرائيل اليوم”. وبهذه الطريقة أن يحصل على المزيد من المكاسب. ربما أن هذا الشعار، الحصول على المزيد من المكاسب، هو الذي يملي اسلوب “النجدة” في الصفحة الاولى في الصحيفة، الذي يخلق بحماسة هذا النوع من العناوين الغبية التي ترفع مستوى الوطنية الفارغة في اوساط الجمهور.
وطنية تشبه الدهنيات في الدم عندما تتجاوز الحدود المسموحة فهي تتحول الى أمر خطير. ازدياد الدهنيات لدى الانسان تؤدي الى الاصابة بجلطة، في حين أن زيادة الوطنية لدى الجمهور تؤدي الى اغلاق أي نقاش منطقي. ومهاجمة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، تقريبا في جميع وسائل الاعلام في اسرائيل، هي صيغة مهذبة بالنسبة لما يحدث في شوارع طهران مع النداءات التهديدية التي تسمع هناك مثل “الموت لاميركا واسرائيل”. ربما في الغد سيخرج الجمهور بتشجيع من وسائل الاعلام المثقفة هنا بنداءات ايقاعية مثل “الموت للاهاي”.
من يعرف، ربما يكون شعار “الموت للاهاي” هو الشعار الساخن في الحملة الانتخابية القادمة. واذا تبنى حزب الوزير المسؤول عن تعليم اولادنا، عربا ويهود، ايتمار بن غفير فان كل شيء مفتوح. واذا تذكرنا بأنه قبل عشرات السنين كان الليكود هو الذي عمل على سن قانون ضد حركة كهانا، فان الدنيا ستسود في عيوننا. الوضع تدهور الى درجة أنهم في “يديعوت احرونوت” يواصلون طريقهم: اغلاق الشرايين من زيادة الوطنية الفارغة. وسيأتي يوم يصرخون فيه بدهشة: لماذا تمرد المسخ على خالقه؟ الجواب بسيط وهو لأنهم ينقلون الى المسخ المسكين جينات مدمرة.
كان من الافضل لو أن محرر “يديعوت” قام بإعادة نسخ صحيفة أول من أمس الى المطبعة؟ لأنه لو أن العالم تبنى طلبه لكانت المشاكل الصعبة فقط هي من نصيب دولة اسرائيل. وهاكم على سبيل المثال، ايران التي تعاني من اختناق اقتصادي شديد، الامر الذي يجعلها عالقة في كل مجالات الحياة، كل ذلك يضاف الى حسابات بنكية مجمدة للدولة والشخصيات الكبيرة فيها، وملاحقة لشخصيات بارزة في النظام الذين لا يمكنهم التحرك بحرية في العالم.
بدلا من أن نقول للعالم شكرا على العلاقة الدافئة والمحبة للاحتلال الاسرائيلي، الذي منذ خمسين سنة ينغص حياة ملايين الفلسطينيين، وبدلا من أن نقول شكرا للعالم لأنه يصمت على مشروع الاستيطان الضخم على اراضي شعب آخر وعلى حسابه، بدلا من ذلك فإن محرر “يديعوت” جاء ليشتكي للعالم: هو يريد معاملة مشابهة للايرانيين. لقد اضحكتم الزعيم الروحي في ايران، علي خامنئي.