الإنجاز في مؤشر المعرفة العالمي.. كيف يمكن البناء عليه؟
الغد-آلاء مظهر
منذ مشاركة الأردن في تقرير "مؤشر المعرفة العالمي" منذ إصداره في العام 2017، تبلورت رؤى جديدة وتطويرية للنظام التعليمي الوطني بشقيه العام والعالي، للاستفادة من نتائجه السنوية التي تقدم تحليلا شاملا لتقييم أداء الدول في التعليم والبحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا.
وتجلت هذه الرؤى، وفق خبراء في التربية، بتحسين وتوجيه السياسة الوطنية للتعليم العام والعالي، وتشجيع البحث والابتكار، والتعليم التقني والتدريب المهني، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات، وتطوير الإستراتيجيات لهذه المجالات، تحقيقا للعدالة الاجتماعية بين الملتحقين بالتعليم، والوصول إلى تطور مستدام في النظام التعليمي، والسعي عبر كل ذلك، إلى التوجه نحو المستقبل، في نطاق يواكب الاحتياجات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية.
وأشاروا إلى أن الإنجاز المتقدم للأردن في المؤشر للعام الحالي، يأتي في إطار برنامج التحديث الاقتصادي الذي استند إلى رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني لتوجيه التعليم، نحو الاقتصاد المعرفي في محاوره كافة، ما انعكس على الارتقاء بمستوى النظام التعليمي، وخلق تنمية اقتصادية مستدامة عن طريق أبناء الأردن المتعلمين وطاقاتهم البشرية العاملة، الفاعلة المشاركة في الاقتصاد المعرفي.
واعتبروا أن ما تحقق عبر المؤشر إنجاز مهم، ما يتطلب البناء عليه لتحسين واقع التعليم بمختلف مناحيه، وقد بين الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أنه يمكن للأردن تحسين نتائج المؤشرات الرئيسة والفرعية للقطاعات السبعة التي تضمنها تقرير المؤشر، والبناء على التحسن في المجالات التي أشار إليها، بتبني إستراتيجيات تعتمد على الارتقاء بالأبعاد الرئيسة التي يجري قياسها في التقرير، والتركيز على التعليم المهني والتقني والتوسع فيه، وتطوير البنية التحتية الرقمية.
وأفصح المؤشر في تقريره أمس، عن أن الأردن، تقدم 9 مراتب ليحتل الترتيب 88 من بين 141 دولة العالم الحالي، مقارنة بالمرتبة 97 من بين 133 دولة العام الماضي، إذ أوضحت وزارة التربية والتعليم في بيان صحفي سابق، أن هذا الإنجاز، مرده الجهود الكبيرة في النهوض بمحاور التعليم قبل المرحلة الجامعية، بما يعكس التزام الحكومة بتحقيق أهداف رؤية التحديث الهادفة إلى تعزيز التنافسية عالميا، ودعم اقتصاد قائم على المعرفة.
وأكدت الوزارة في بيانها، أن هذا التقدم يعكس تكامل جهود الجهات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والشركاء الدوليين، والسعي المستمر لتحقيق مزيد من الإنجازات في التعليم والمعرفة والابتكار، معتبرة إياه خطوة مهمة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة، بما يعزز مكانة الأردن عالمياً، في سعيها لبناء اقتصاد معرفي متين يخدم الأجيال القادمة.
Ad
Unmute
مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بالوزارة د.محمد أبو غزلة، أكد أن الأردن منذ مشاركته في التقرير خلال انطلاقه في العام 2017، عمل على الاستفادة من نتائجه، وأجرى تحليلا شاملا للنظام التعليمي العام والعالي.
وأوضح أبو غزلة، أن الأردن وجهت سياسته التعليمية لتحسين جودة التعليم بشقيه، وعلم على تشجيع البحث والابتكار، والتعليم التقني والتدريب المهني، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات، وتطوير الإستراتيجيات في هذا النطاق، سعيا لتحقيق العدالة الاجتماعية بين الملتحقين بالتعليم، وتحقيق تطور مستدام في النظام التعليمي، ووجه بتلبية احتياجات المستقبل، عبر مواكبة الاحتياجات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية.
ولفت إلى أن ما تحقق من تحسن وفق التقرير، ويظهر وصولنا للترتيب الـ88 من أصل 141 دولة مشاركة فيه، وتحقيق القيمة 44.2 هو إنجاز كبير، أما المتوسط العالمي فوصل لـ47.8، في حين كان ترتيب الأردن في تقرير المؤشر للعام الماضي 97 من أصل 133 دولة، أي بفارق 9 نقاط عن العام الماضي.
وأشار إلى أن المرتبة 87 في التعليم الجامعي التي حصلنا عليها من أصل 141 دولة، بمعدل 61.7، إذ ما قورنت مع ما حصلنا عليه العام الماضي (المرتبة 92) من أصل 133 بمعدل 58.3، تكشف عن فرق قدره 5 رتب، وقيمة مؤشر أعلى.
وأوضح أنه في التعليم التقني والتدريب المهني حققنا الترتيب 101 وقيمة المؤشر 45.17 للعام الحالي، مقارنة بحصولنا على الترتيب 109 بقيمة 42.4 العام الماضي، أي بفارق 8 رتب، وقيمة أعلى
في التعليم العالي، بين أبو غزلة أننا نلنا الترتيب 119 وقيمة المؤشر 34.03 للعام الحالي، مقارنة بالمرتبة 105 وقيمة المؤشر 35.3، وفي مؤشر البحث والتطوير والابتكار حصلنا على الترتيب 82 وبقيمة مؤشر 27.64.
أما في توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فأوضح أبو غزلة أننا نلنا الترتيب 69 والقيمة للمؤشر 49.19 للعام الحالي، مقارنة بالمرتبة 92 والقيمة 38.1، العام الماضي، بمعنى أن هناك تحسنا في الترتيب بهذا المؤشر، إذ ارتفع لـ23 نقطة، وارتفعت قيمة المؤشر.
وأشار إلى أن الأردن نال في مؤشر الاقتصاد المرتبة 69 والقيمة 52.03، مقارنة بحصوله على المرتبة 70 وقيمة 49.7 العام الماضي. أما في مؤشر البيئة التمكينية فحقق الترتيب81 والقيمة 51.8، مقارنة بالترتيب 82 والقيمة 51.5 العام الماضي.
وأكد أبو غزلة، أهمية السعي للبناء على هذا التحسن عن طريق تحليل الأسباب والتحديات التي أشار إليها التقرير، وتتعلق بعدم وجود سياسات وممارسات تشجع على التجارة الإلكترونية، وإلى نسب البطالة بين الشباب الحاصل على تعليم متقدم، وعن نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة مقارنة بالذكور.
وأضاف أبو غزلة، إنه بالنظر لهذه الأسباب أو التحديات التي تؤثر على تحقيق نتائج متقدمة، وبقاء أداء الدولة متواضعا فيها، فنحن بجاحة لمزيد من التحليل للنتائج ووضع حلول لها، ومراجعة السياسات والخطط التحسينية بالتعاون مع المنظمات الدولية التي تجمع مثل هذه البيانات.
كما يمكن للأردن، وفقه، تحسين نتائج المؤشرات الرئيسة والفرعية للقطاعات السبعة التي تضمنها تقرير المعرفة والبناء، على ما جرى من تحسن، عن طريق تبني عدة إستراتيجيات تعتمد على الارتقاء بالأبعاد الرئيسة التي يجري قياسها في التقرير، كالتعليم والبحث والتطوير والتكنولوجيا والأداء الاقتصادي والابتكار، وغيرها، بتحسين منظومة التعليم والتدريب بعناصرها المختلفة في مراحل التعليم العام والعالي، لتواكب التطورات العلمية والتكنولوجية.
كما يمكن أيضا، وفق أبو غزلة، التركيز على التعليم المهني والتقني والتوسع فيهما وفي تخصصاتهما بالجامعات والمدارس عن طريق مشروع "بي تك"، لإعداد الشباب لدخول سوق العمل على نحو أفضل، مع التركيز على المهارات التي يتطلبها الاقتصاد المعرفي، وتطوير البنية التحتية الرقمية، لتيسير الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي، وتطوير منصات التعلم الرقمي لزيادة الوصول إلى التعليم، وتعزيز التعلم الذاتي والبحث العلمي والابتكار، وزيادة الانفاق والاستثمار والتعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية، واحتضان الجامعات للشركات الناشئة والمبدعين.
ودعا أبو غزلة، إلى التعاون مع الشركات في القطاع الخاص لتوفير التمويل لدعم المشاريع الابتكارية في المجالات كافة، ومنها تحسين خدمات البنية التحتية التمكينية، والتركيز على مشاريع الاستدامة.
بدوره، قال المستشار التربوي فيصل تايه، إن ما تحقق من إنجاز للأردن في المؤشر، يأتي في إطار رؤية التحديث الاقتصادي التي استندت إلى الرؤية الملكية بتوجيه التعليم نحو الاقتصاد المعرفي في محاور التعليم قبل الجامعي والعالي والمهني وتكنولوجيا المعلومات والبحث العلمي والابتكار، بالإضافة للبيئة التمكينية والاقتصاد، ما انعكس على الارتقاء بالنظام التعليمي لمواكبة المتطلبات والاحتياجات وخلق تنمية اقتصادية مستدامة، عبر المتعلمين وطاقاتهم البشرية القادرة على المشاركة الفعالة في الاقتصاد المعرفي.
وبين تايه، أن هذا الإنجاز يأتي ضمن تكامل جهود الجهات الحكومية ذات العلاقة والمؤسسات الأكاديمية والشركاء الدوليين، للسعي المستمر لتحقيق مزيد من الإنجازات في التعليم والمعرفة والابتكار، عبر إعادة توجيه أهداف السياسات والإستراتيجيات، بما يستجيب لحاجات المتعلمين والمجتمع وفقا لمتطلبات اقتصاد المعرفة.
وأشار أيضا إلى تطوير عمليات صنع القرارات بمساندة القرار التربوي عن طريق وزارة التربية، بتطوير البرامج والممارسات التربوية، لتحقيق نتاج تعليمي يتلاءم مع اقتصاد المعرفة، بهدف تطوير مناهج ونظم قياس تعلم الطلبة، تكون مبنية على رؤى مشتركة وإستراتيجية تربوية، مشيرا إلى أن الوزارة سعت لإعداد نشء لمجتمع المعرفة، اعتبرته بوابة للتنمية الإنسانية بمفهومها الشامل والحجر الأساس في بناء صورة المجتمع الذي يستثمر رأس المال المعرفي، لتحقيق شروط النهضة والإسهام في الحضارة الإنسانية.
ولفت تايه، إلى أن هذا التقرير عادة، يسلط الضوء على تحدياتنا وملامح قوة مجتمعنا المعرفي، ويتبع حالة النشئ في المحاور الثلاثة التي ضبطها، كركائز أساسية لإعدادهم، وهي المهارات والقيم والبيئات التمكينية.
وأوضح تايه، أن ثلاثية المهارات والقيم والتمكين التي استندت رؤية التقرير عليها، تستدعي منا قراءة شاملة فاحصة للمشهد المعرفي الوطني ومقارباته مع المشاهد العربية والعالمية، فعلى صعيد المهارات نتطلع إلى تمكين أكبر للأجيال في المهارات اللازمة لاقتصاد المعرفة، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الارتقاء بجودة التعليم وتدريب المعلمين، والتركيز على التعليم الذاتي والعمل الجماعي وتعزيز روح الإبداع والمبادرة، استنادا على إستراتيجيات تعلم وتعليم جديدة.
أما على صعيد القيم، فبالرغم مما حققه التقرير من تقدم ما تزال أمامنا فرصة كبيرة لإعادة بناء منظومة القيم اللازمة، عن طريق تعزيز قيم المواطنة والانتماء والاعتزاز بالوطن، ومدخلنا إلى ذلك التعليم الذي ينطلق من التربية ولا يتقدم بمعزل عنها.
وعلى صعيد التمكين، بين تايه أنه من الضرورة بمكان تعظيم الاستفادة من القيمة المضافة للبيئات التمكينية المتاحة عبر التخطيط الشامل الذي يتناول الناشئة من حيث إنهم رأس المال البشري؛ لتوجيه برامج وتطوير القدرات، والتمكين من المهارات دون إغفال للجانب السلوكي في بناء الشخصية المتكاملة، مضيفا أن الأردن يولي التعليم اهتماما بالغا، ويؤمن بأنه أساس بناء مجتمع متقدم طموح، يسعى للارتقاء والاتجاه نحو اقتصاد المعرفة.
ولفت إلى أن نتائج المهارات المعرفية، أظهرت تقدما لدى النشئ، وهنا تبرز أهمية دور الأسرة، المؤسسة الأولى بالنسبة للطلبة في بناء وتعزيز المهارات المعرفية، إلى جانب المؤسسة التربوية، إضافة إلى أهمية دور المناهج بتشجيع الطلبة على التوجه نحو مجتمع المعرفة، إلى جانب دور الإعلام بدعم مهارات هذا المجتمع، وتعظيم القيم الإيجابية عند أجيال المستقبل.
من جانبه، قال الخبير التربوي عايش النوايسة، إن التقدم الذي حققه الأردن في المؤشر إنجاز مهم، يسجل للحكومة ووزارة التربية، مبينا أن خطة التحديث الاقتصادي تضمن مجموعة برامج ومنهجيات تخدم تحول التعليم لاقتصاد معرفي، يتواءم مع متطلبات المرحلة الحالية وسوق العمل على نحو كبير جدا، لذلك جاء التقدم كبيرا جدا في التعليم قبل الجامعي، أي التعليم المدرسي.
وأوضح النوايسة، أنه برغم استمرار تداعيات تأثير جائحة كورونا على نطاقات عديدة في حياتنا، وبخاصة التعليم بمراحله كافة، إلا أننا تمكنا من التقدم 9 مراتب في المؤشر العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، لنصل إلى الترتيب 88، وهذا إنجاز يسجل لنا، ويدلل على أن هناك أنشطة تكاملية نفذتها الجهات المعنية كافة، وعلى رأسها وزارة التربية.
وأشار إلى أن ما أحرز في المؤشر، يمنحنا انطباعا بأن رؤية التحديث الاقتصادي كرؤية وأهداف، تسير في الاتجاه السليم، بخاصة فيما يتعلق ببناء منظومة المعرفة، وبالتالي تطويرها وتوظيفها في الحياة، مبينا أن المؤشر الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أداة عالمية لتقييم أداء الدول في التعليم والبحث العلمي والابتكار، والتكنولوجيا، وبالتالي فهذه الأدوات الأساسية الحالية التي يجري الاعتماد عليها في عمليات التطوير المستمر، معتبرا بأن هذا الإنجاز يسجل للوزارة، لذا لا بد من البناء عليه.
وأوضح النوايسة، أنه برغم التحديات والصعوبات التي تواجه الجهات ومنها وزارة التربية والتعليم العالي والهيئات الرقمية، لكنا حققنا إنجازات برؤى ملكية لتطوير حقيقي مبني على خطط منهجية، تعتمد على استشراف المستقبل، وبالتالي بناء على منظومة متكاملة مترابطة في كل القطاعات، أكانت تتعلق بالتعليم وما يترافق معها من قطاعات مساندة لها في الجوانب الرقمية والتقنية والاقتصادية، وبما يحقق الاستثمار الأمثل في المورد البشري، الذي هو العنصر الأساس الذي يعتمد على إنتاج المعرفة وإعادة توظيفها في الحياة.