عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Jun-2020

تصحيح واسع النطاق لأسلوب الحكم

 

افتتاحية- كرستيان سيانس مونيتور
 
تجبر التداعيات الاقتصادية للوباء الحكومات في شتى بقاع العالم على المباشرة بإجراء تحسينات كبيرة في أداء مؤسساتها بسرعة. وتتمثل المطالب الأولى لهذا التطوير في المساءلة والشفافية.
 
لقد دفع الإغلاق الناجم عن الجائحة العديد من الناس إلى القيام بما كان ينبغي عليهم فعله منذ فترة طويلة، كتنظيف الخزانات وإعادة التفكير في الشؤون المالية وتحديد أهداف جديدة. على نحو مماثل، تقوم دول بأكملها في الوقت الراهن بعمليات التصحيح التي طال انتظارها. قبل فترة وجيزة، على سبيل المثال، وافق المشرعون في لبنان على قانون رفع السرية المصرفية عن حسابات المسؤولين الحكوميين. وكانت هذه خطوة أولى نحو كبح جماح الفساد وبداية إصلاحات عديدة فرضت على لبنان بسبب التداعيات الاقتصادية لأزمة وباء كورونا المستجد (كوفيد-19).
 
منذ شهر اذار الفائت، سعت أكثر من 100 دولة مثل لبنان إلى الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي- الذي يعتبر الملاذ الأخير في العالم لطالبي القروض. وعلى الرغم من ذلك، غالبًا ما تأتي المساعدة مصحوبة بعدد من الشروط، مثل المطالبة بمبدأ الشفافية في البنوك أو المساءلة في كيفية إنفاق الأموال العامة. وبالنسبة للدول المحتاجة، يمكن أن تغدو حالة الطوارئ الناجمة عن تفشي الفيروس التاجي بمثابة الطبيب المداوي للجروح القديمة.
 
يقول تقرير جديد عن اتجاهات ما بعد فيروس كوفيد-19 من منظمة الشفافية الدولية، المسؤولة عن مراقبة حالات الفساد: «يُظهر التاريخ أن الأزمات والكوارث تمهد الطريق باستمرار للتغيير نحو الأفضل في غالب الاحيان». في أوائل شهر ايار، أرسلت مجموعة مكونة من 97 منظمة من منظمات المجتمع المدني رسالة إلى صندوق النقد الدولي تطلب منها التأكد من أن ما يمنحه من مساعدات سيكون مرتبطا بتطبيق الإصلاحات. وقالت المجموعة إن المساءلة والشفافية هما عنصران مهمان من أجل «حماية الأرواح وسبل العيش».
 
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الوضع ينطبق بشكل خاص على لبنان، البلد الذي كانت فيه ذات مرة طبقة متوسطة نابضة بالحياة، غير أن أكثر من 50? من سكانه يعيشون في هذه الآونة تحت خط الفقر. كما تشير تنبؤات صندوق النقد الدولي الى أن لبنان سيواجه أحد أسوأ فترات الركود الاقتصادي في العالم خلال هذا العام.
 
لقد اندلعت احتجاجات الجوع في بيروت قبل أسابيع قليلة، وهي موجهة إلى حد كبير إلى البنوك وما لها من دور في تحويل الأموال الفاسدة سراً إلى خارج البلاد. في شهر ايار، بدأ لبنان أخيراً بإجراء محادثات مع صندوق النقد الدولي. وقد قيل لزعمائه إن عليهم المسارعة إلى إجراء إصلاحات من أجل تحقيق «النمو الشامل» وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي. كما يجب على الحكومة أولاً وقف تدفق الأموال غير المشروعة من خلال البنوك، في حال ارادت الحصول على مزيد من الأموال لتلبية الاحتياجات الطبية والتعليمية.
 
من المتوقع أن تبدأ الدول الأخرى في تطبيق إصلاحات مثل تلك الموجودة في لبنان. لقد ورد في تقرير منظمة الشفافية الدولية ما نصه: «قد لا نعود أبدًا إلى العالم الذي تركناه وراءنا قبل تفشي وباء كورونا المستجد». في الواقع، يمكن أن تؤدي الأزمة الصحية إلى إيقاظ الحاجة إلى أسلوب حكم يمتاز بالنزاهة والانفتاح.