عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Jul-2020

“كورونا” وفقدان الوظيفة.. هل يتصدر ذوو الإعاقة قائمة الضحايا؟

 

ربى الرياحي
 
عمان–الغد-  معاناة كبيرة جدا تلك التي عاشها الثلاثيني أيهم جابر “اسم مستعار” قبل أن يسعفه القدر ويمنحه فرصة للعمل في إحدى الجامعات.
 
هو ولأنه يعاني من بتر في يده اليمنى ظل مستبعدا مدة خمس سنوات عن سوق العمل رغم تفوقه وحصوله على شهادات عليا.
 
أيهم حوكم بالإقصاء بسبب إعاقته، ونظرة التمييز التي مورست ضده حرمته من أبسط حقوقه وتجرأت على رغبته في أن يكون شخصا منتجا يعيل نفسه وينفع مجتمعه.
 
إعاقته لم تمنعه يوما من الحلم.. لم تجرده من إصراره على أن يتساوى مع غيره، لهذا السبب كوفئ بصبره ونجح في إثبات نفسه من خلال الوظيفة التي شغلها مؤخرا.
 
هو وبعد انقضاء وقت بسيط على تسلمه لمهامه التي تتناسب ووضعه الصحي فوجئ بتحد جديد أوجدته جائحة كورونا.
 
الظروف الطارئة تلك أثرت عليه مهنيا ونفسيا، خاصة بعد أن طلب منه تقديم استقالته، الأمر الذي رفضه قطعا، فكان القرار البديل الذي تم تبليغه به هو تغيير مجال عمله بهدف الضغط عليه وإجباره على ترك الوظيفة.
 
جاءت أزمة كورونا بتبعاتها لتضاعف من متاعب الأشخاص من ذوي الإعاقة وتزيد من همومهم، هذه الأزمة تحديدا كان لها وقع كبير عليهم على المستوى المهني.
 
صعوبة الوضع الراهن اقتصاديا واجتماعيا عمقت حتما من مخاوف أفراد هذه الفئة، جعلتهم رهائن للانتظار، انتزعت منهم أمانهم وأبقتهم في مهب الريح ينظرون بقلق إلى القادم، محملين بالهواجس التي لم تأت من فراغ بل خلقتها بعض القرارات الجائرة في حق من يريد أن يعيش بكرامة.
 
أما محمود إبراهيم الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة فهو أيضا يواجه مشكلات تهدد أمانه الوظيفي، والسبب أزمة كورونا، وما ترتب عليها من أضرار.
 
هو كشخص من ذوي الإعاقة لم يكن وصوله إلى ما هو عليه بالأمر السهل، بل عانى كثيرا أثناء بحثه عن عمل يستطيع من خلاله أن يحقق ذاته.
 
واليوم وبعد التحديات الكبيرة التي تعصف بالقطاعات ككل، يعيش محمود حالة من التوتر والقلق والترقب. خوفه الحقيقي يكمن في فكرة الاستغناء عنه رغم أنه يقوم بعمله على أكمل وجه.
 
أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة الدكتور مهند العزة، يقول في تصريح خاص لـ”الغد” إن الأشخاص من ذوي الإعاقة فيما يتعلق بمجال العمل والأمان الوظيفي، هم أكثر عرضة للإقصاء والمساس بحقوقهم وإن هناك تحديات كبيرة تقف في طريقهم تمنعهم من التمتع بها.
 
ويضيف “في ظل الظروف الطارئة تكون هذه الاحتمالات أكبر، وبالتالي يصبح هناك انتهاكات تحرم ذوي الإعاقة من البقاء في وظائفهم وتجعلهم عرضة لتجريدهم من مهامهم وممارسة الضغوطات عليهم؛ كتخفيض رواتبهم.
 
وربما أيضا تغيير مجال عملهم لتضييق الخناق عليهم، ومع ذلك يقبلون مرغمين من أجل الحفاظ على مصدر رزقهم وشعورهم بالاستقلالية وبقيمتهم”.
 
ويتابع أن خوفهم من أن يخسروا وظائفهم يدفعهم للسكوت عن كل ما يتعرضون له من معاملة سيئة وتقليل من قدراتهم، وخاصة أنهم في الأصل يعانون كثيرا في الحصول على وظيفة وتشغيلهم يأتي بشق الأنفس.
 
وعدم تطبيق القوانين بالشكل اللازم يجعلهم مغيبين عن سوق العمل.
 
ويبين أنهم في المجلس، وتحديدا خلال أزمة كورونا، أدركوا حجم الخطر الكبير الذي يهدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في مجال العمل، لذا هم في صدد التنسيق مع وزارة العمل والقطاع الخاص والجمعيات لإطلاق برنامج تعزيز التدريب والتشغيل للأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك خلال الفترة المقبلة لتدارك الأضرار التي لحقت بالعاملين من ذوي الإعاقة.
 
ويلفت أيضا “هناك توقع بتزايد الشكاوى التي ستصل إلى المجلس بسبب الظروف الصعبة التي تواجه المجتمع ككل، وذوي الإعاقة بشكل خاص”.
 
ويذهب الخبير الاقتصادي الاجتماعي حسام عايش إلى أن أعلى مستوى بنية فوقية في أي مجتمع يتمثل بكيفية تعامله مع ذوي الإعاقة وتوفير جميع المتطلبات التي تسمح لهم بعدم الشعور بالحاجة.
 
وبالتالي تسهيل اعتمادهم على أنفسهم وتطوير التقنيات المختلفة التي تساعدهم على ذلك، مما يشعرهم بعدم الاختلاف عن الآخرين من حيث أداء متطلبات الحياة.
 
ويضيف أن جميع الدول المتقدمة توفر الوظائف لذوي الإعاقة بالوسائل التي تمكنهم من أدائها، ولا يتم التعامل معهم على أنهم حالة خاصة في المجتمع، ويعاملون كما يتم معاملة الآخرين، مهما كانت الظروف.
 
إلى ذلك، فإن بعض الدول تلجأ إلى اعتبارهم الضحايا الأولى للنتائج الاقتصادية أو الاجتماعية، وتتعامل معهم بروح الشفقة؛ حيث لا يكون هناك أسس أو معايير لجعل هذا التعامل قانونيا ومستمرا فيصبح وجود هذه الفئة في العمل كأنه زائد على الحاجة ويتم التضحية بوظائفهم.
 
ويلفت إلى أن ذوي الإعاقة يدفعون ثمنا في الجوائح والظروف الاقتصادية؛ حيث يتم إعادة هيكلة وظائفهم أو إلغاؤها نتيجة عدم الإيمان بإمكانياتهم وقدرتهم على العمل، وتقديم قيمة مضافة للأعمال والأنشطة.
 
كما أن حماية ذوي الإعاقة تكمن في ضرورة تطوير الأنظمة والقوانين بما يسمح بالتعامل معهم بشكل اعتيادي، كما يجب تطوير الوظائف التي يعملون بها، بحيث تمكنهم من تأديتها من أي مكان.
 
ويؤكد ضرورة إلزام المؤسسات بتوظيف هذه الفئة في عملها، والأهم وجود صناعات تمكنهم من القيام بأنشطتهم وجعل البيئة الداخلية صديقة لهم كاستخدام وسائل النقل العام وتنقلهم بسهولة.
 
وتأكيد أهمية خلق وعي مجتمعي بأهمية هذه المسألة وأن ذوي الإعاقة هم أشخاص طبيعيون مع وجود بعض الظروف وأننا جميعا متساوون.