موجة تصعيد بالقدس مع موسم الأعياد اليهودية ومخطط لفصل شمالها عن الضفة بالاستيطان
الغد-نادية سعد الدين
تشهد مدينة القدس المحتلة موجة جديدة من تصعيد ما يسمى "جماعات الهيكل"، المزعوم، في ظل حشّد المستوطنين لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك وتنظيم المسيرات الصهيونية للاحتفاء بما يُعرف "عيد الأنوار" اليهودي أو "الحانوكا" المزعوم، الذي بدأ أمس ويستمر ثمانية أيام، وسط استنفار أمني لقوات الاحتلال لقمّع الغضب الفلسطيني.
يأتي ذلك بالتزامن مع مخطط استيطاني جديد يهدف إلى فصل شمال القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني، وتعميق سياسة تقطيع أوصال المدينة، بما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وفق محافظة القدس.
في حين أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بأن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك، أمس، من جهة "باب المغاربة"، ونظموا جولات استفزازية في باحاته، تلبيةً لدعوات متطرفة أطلقتها "جماعات الهيكل" المزعوم لتنفيذ اقتحامات واسعة "للأقصى"، وإحياءً أول أيام ما يسمى عيد "الأنوار" اليهودي.
وأوضحت أن المستوطنين أدوا صلوات وطقوسًا تلمودية في المنطقة الشرقية من المسجد، وتلقوا شروحات عن "الهيكل" المزعوم.
في حين شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها وتضييقاتها على وصول المصلين والمقدسيين للمسجد، واحتجزت هوياتهم عند بواباته الخارجية، ومنعتهم من المرور في مسار المستوطنين، كما نصبت الحواجز العسكرية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، لتأمين اقتحامات المستوطنين.
وانطلقت دعوات فلسطينية لتكثيف الحشد والتواجد الواسع في المسجد الأقصى والقدس المحتلة، للتصدي لمخططات المستوطنين واعتداءاتهم المتواصلة على المسجد، رغم قيود الاحتلال المفروضة على الفلسطينيين.
وتستغل الجماعات المتطرفة مواسم أعيادهم الدينية المتوالية المزعومة لتكثيف اقتحام المسجد الأقصى ومحاولة فرض وقائع مُغايرة للواقع التاريخي والقانوني فيه، وسط تحذيرات فلسطينية من مخططات لفرض طقوس دينية غير مسبوقة داخل المسجد، في إطار مساعٍ لتكريس سيادة الاحتلال عليه وطمس هويته العربية والإسلامية.
وتنشط "جماعات الهيكل" المزعوم عبر حملات مكثفة على مواقعها لاستقطاب المستوطنين لاقتحامات واسعة "للأقصى" وإقامة طقوس وصلوات تلمودية مزعومة داخل باحاته طيلة أيام عيد "الحانوكا" الذي يستمر لثمانية أيام، تحت حماية قوات الاحتلال، وبغطاء سياسي من خلال مشاركة مسؤولين في الحكومة المتطرفة وأعضاء "كنيست" الاحتلال، لإكساب تلك الطقوس طابعاً رسمياً، في محاولة منها لفرض طقوس مختلفة عن السابق.
وتسعى الجماعات المتطرفة لإدخال "القرابين" المزعومة إلى المسجد الأقصى وأداء طقوس مركزية أبرزها إشعال "الشمعدان" الليلي، خلال الاحتفاء بعيدهم المزعوم، أسوة بما فعلت مؤخراً خارج مواسم أعيادهم المزعومة، بما يشي بمحاولاتهم المتواترّة لفرض واقع جديد داخل المسجد، وسط قيود مشددة تفرضها قوات الاحتلال على دخول الفلسطينيين للمسجد.
كما تشمل الإجراءات نشر رموز دينية يهودية ضخمة في محيط القدس وشوارعها، في إطار محاولات تهويد المدينة، وتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وفرض حقائق تهويدية جديدة على الأرض.
وتدّعي الجماعات المتطرفة أن "طقوس العيد مرتبطة بإعادة تدشين الهيكل الثاني في القدس المحتلة، لتتخذ من هذه الذكرى ذريعة لتكثيف اقتحاماتها للمسجد الأقصى، حيث يُعدّ إشعال الشمعدان أبرز طقوس العيد، إذ يحرص المستوطنون على ترديده خلال اقتحاماتهم، إلى جانب تنظيم مسيرة "المكابيين" التي تجوب أزقّة البلدة القديمة ومحيط الأقصى.
وتحاول "الصهيونية الدينية"، وفي القلب منها "منظمات الهيكل" المتطرفة، توظيف هذا العيد ضد الأقصى، ومحاولة تحويله إلى محطة لفرض "السيادة الصهيونية" الكاملة على المسجد.
يأتي ذلك بالتزامن مع تحذير محافظة القدس من مخطط استعماري خطير تدفع به سلطات الاحتلال لإقامة مستعمرة ضخمة على أراضي مطار القدس الدولي شمال القدس المحتلة، معتبرة أنه يشكّل تصعيداً خطيراً لسياسة الاستعمار، ويستهدف بشكل مباشر فصل شمال القدس عن امتدادها الفلسطيني.
وقالت المحافظة، في تصريح لها أمس، إن المخطط يضرب التواصل الجغرافي والديموغرافي الفلسطيني بين القدس ورام الله، في محاولة لفرض وقائع استعمارية جديدة تقوض أي أفق سياسي قائم على حل الدولتين، وتمنع تطور القدس المحتلة كمركز حضري وسياسي للدولة الفلسطينية.
وأوضحت أن المخطط الاستعماري يهدف إلى إنشاء نحو 9 آلاف وحدة استعمارية في قلب فضاء حضري فلسطيني كثيف، يضم كفر عقب وقلنديا والرام وبيت حنينا وبير نبالا، ما يشكّل تهديداً مباشراً للحيّز الحضري الفلسطيني المتكامل شمال القدس المحتلة، ويعمّق سياسة الفصل والعزل المفروضة على المدينة ومحيطها.
وبيّنت محافظة القدس أن أغلبية أراضي المخطط مصنفة كـ"أراضي دولة" منذ فترة الانتداب البريطاني، رغم وجود مساحات واسعة من الأراضي الخاصة الفلسطينية، التي يعتزم الاحتلال إخضاعها لإجراءات توحيد وتقسيم قسرية دون موافقة أصحابها، في انتهاك واضح لحقوق الملكية الخاصة.
وحذّرت محافظة القدس من أن تنفيذ هذا المخطط سيؤدي إلى إنشاء جيب استعماري يفصل شمال القدس عن محيطها الفلسطيني، ويعمّق سياسة تقطيع أوصال المدينة، مؤكدة أنها ستواصل فضح المخطط ومخاطبة المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية، باعتباره انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وبالتزامن، واصل المستوطنون المتطرفون، أمس، اقتحام مقامات دينية وتنفيذ هجماتهم على ممتلكات الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
واقتحم المستوطنون، مقامات دينية إسلامية في بلدة عورتا جنوب شرق نابلس، على وقع اقتحام قوات الاحتلال القرية وإجبار أصحاب المحلات التجارية على إغلاق أبوابها، قبل اقتحام عدة حافلات تقل مئات المستعمرين للمقامات الدينية، حيث أدوا طقوساً تلمودية.
وبالتزامن، هاجم المستوطنون قرية الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، وأطلقوا نيرانهم العدوانية تجاه منازل الفلسطينيين لبث الرعب والذعر في نفوسهم، وفق محافظة القدس.
وأضافت أن قوات الاحتلال اقتحمت القرية بالتزامن مع هجوم المستوطنين، وانتشرت في محيط مساكن الفلسطينيين، واتخذت الإجراءات المشددة لحماية المستوطنين أثناء تنفيذ اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين.