ماراثون القراءة.. ماراثون للحياة* د.نهلا عبدالقادر المومني
الغد
شهد يوم الخميس الموافق 29 أيلول لعام 2022 تنفيذ فعالية ماراثون القراءة من قبل مكتبة عبدالحميد شومان وذلك تزامنًا واليوم الوطني للقراءة الذي تم اعتماده مؤخرًا في التاريخ ذاته بقرار من قبل رئاسة الوزراء.
ماراثون القراءة فعالية تهدف الى نشر ثقافة القراءة والاحتفاء بها في سياقات مختلفة، بعيدا عن التقليدية في الطرح وقريبًا من اهتمامات الأفراد ومخاطبة الفئات كافةً وخاصةً فئة الأطفال واليافعين والشباب بلغة وأنشطة تجعل من القراءة فعلًا محببًا وسبيلًا نحو مزيد من المعرفة.. فعالية بدأت بدائرة صغيرة عام 2020 وتوسعت مداركها وجغرافيتها عام 2022.
فعالية مهمة ونوعية ونادرة على مستوى المملكة الأردنية الهاشمية، أهميتها تنبع من مضامينها التي تنطلق من ادراك عميق متجذر ومؤمن بفكرة الحق في الثقافة وحق الأفراد في الوصول الى المعارف وأن يتمكنوا في الوقت ذاته من هذا الوصول من خلال أماكن وأدوات متاحة.. في الواقع ما يقتضي التوقف مطولًا هو خروج مكتبة عبدالحميد شومان من مساحة الدور التقليدي للمكتبات المتمثلة في إعارة الكتب وارجاعها، لتصنع عالمًا خاصًا قوامه الكتاب والقارئ والتفاعل في المساحة والفضاء الفاصل ما بينهما.
كنت قد أشرت في مقال سابق بعنوان»درب المعرفة نموذجًا» أنّ مكتبة عبدالحميد شومان تؤكد الحقيقة بأنّ كفالة الحقوق وإن كانت مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، إلا أنّ قطاع الأعمال الذي يُضمن سياساته العامة نهجا قائما على تحمل المسؤولية المجتمعية والمساهمة في تعزيز حقوق الإنسان هو أداةٌ رئيسيةٌ وفاعلة في احداث تغيير على مستوى حياة الأفراد وتمكينهم، هذا الدور الذي يتوجب ان يقوم به قطاع الأعمال أكدّ عليه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة عام 2015، في اطار حديثه حول دور قطاع الأعمال في حماية وتعزيز حقوق الإنسان بأن: «التحدي الذي يواجهنا هو التأكد من أنّ قطاع الأعمال ليس جزءًا من المشكلة بل مصدر للحلول». وهو الأمر ذاته الذي أكدت عليه المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة بأنّ قطاع الأعمال بمختلف أشكاله عليه أن يقوم بتبني سياسة عامة واجراءات تنفيذية تعكس التزامه ومسؤوليته في احترام وتعزيز حقوق الإنسان.
هذا الدور الذي يلعبه القطاع الخاص او من المفترض أن يضطلع به في اطار المسؤولية المجتمعية وحقوق الإنسان، هو الدور الغائب عن أجندة الكثيرين في أردننا الحبيب والذي لا يدرك أهميته ومحوريته العديدون من القائمين على رسم السياسات العامة وتنفيذها.
خلاصة القول ماراثون القراءة هو ماراثون للحياة، لحياة متجددة بالثقافة والعلم وإحياء دور المكتبات في إنماء الشخصية الإنسانية على مفاهيم الكرامة وقبول الآخر وتقبل الأختلاف والتسامح الذي يكتسبه الفرد من خلال الأفق الواسع لعالم القراءة.