اشترطت مجموعة دولية تضم دولا غربية الثلاثاء تشكيل حكومية إصلاحية في لبنان لمساعدته اقتصاديا، في وقت يشهد فيه البلد منذ نحو شهرين احتجاجات واسعة أفضت إلى أزمة سياسية.
ففي بيان تلاه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في ختام اجتماع بباريس، عبرت المجموعة، التي تأسست عام 2013، وتضم فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، بالإضافة لممثلين عن المؤسسات المالية الدولية، عن قلقها إزاء ما يواجهه لبنان من أزمة تضعه أمام ما وصفته بخطر الفوضى الاقتصادية وغياب الاستقرار.
وقالت إن الحفاظ على استقرار لبنان وأمنه واستقلاله يتطلب التشكيل الفوري لحكومة، وأضافت أنه يجب أن تكون لتلك الحكومة القدرة والمصداقية للقيام بإصلاحات اقتصادية، وإبعاد البلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية.
وأكدت أن على لبنان تبني إصلاحات مستدامة وموثوق بها لمواجهة التحديات الطويلة الأمد في الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى ضرورة أن تعكس هذه الإجراءات تطلعات الشعب اللبناني.
وقبيل انتهاء اجتماع باريس، اعتصم عشرات اللبنانيين أمام السفارة الفرنسية في بيروت لمطالبة الحكومة الفرنسية بتجميد دفع أي أموال للبنان حتى تشكيل ما وصفوها بحكومة خبراء شرفاء.
وتوجه المعتصمون برسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طالبوه فيها بوقف المساعدات المالية للحكومة اللبنانية المستقيلة التي يجب عليها السعي لتعيين رئيس وزراء نزيه، وتشكيل حكومة من الخبراء لاستعادة الثقة، على حد قولهم.
وقال مراسل الجزيرة في بيروت إن المعتصمين تحدثوا في رسالتهم عن فشل السياسات الاقتصادية لأحزاب السلطة، واستشراء الفساد، والإفلات من العقاب في مؤسسات الدولة، وشل النظام القضائي.
أموال مشروطة
وتعليقا على اجتماع باريس، اعتبر المحلل السياسي ميشال أبو نجم أن الدول الأخرى لن تساعد لبنان ما لم يساعد اللبنانيون أنفسهم عبر إيجاد حل أولا لمعضلة الحكومة.
وقال أبو نجم للجزيرة نت إن المجتمع الدولي لن يقدم أمواله مجانا أو بلا شروط للبنان، مضيفا أن الدول التي ستدعم لبنان تريد أن تعرف كيف ستصرف أموالها و"لا تتعرض لقرصنة منظومة الفساد والنهب في لبنان كما جرت العادة أو في مساعدات سابقة".
من جهته، رأى الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين أن اجتماع مجموعة الدعم الدولية ما هو إلا جرعة مسكنات في الوقت بدل الضائع.
وقال ناصر الدين للجزيرة نت إن المجتمع الدولي يرغب بدعم لبنان حاليا بما يتعلق بالأمن الغذائي جراء وقف اعتمادات المصارف وتوفير الأموال للاستيراد. وأضاف أن الاجتماع الدولي هو نوع من المساعدة بـ"القطارة"، لأن لبنان لم يقدر على القيام بإصلاحات اقتصادية بنيوية.
عون متفائل
من جهته، قال الرئيس اللبناني ميشال عون الثلاثاء إن لبنان سيتجاوز المرحلة الصعبة، مضيفا أن تعميم تهمة الفساد على الجميع أفقد ثقة اللبنانيين في قياداتهم وأثر سلبا على سمعة لبنان في الخارج.
واجتمع عون بكبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال جون لوريمر، حيث أكد له استمرار الدعم البريطاني للجيش اللبناني ورغبة بلاده في تشكيل حكومة لبنانية جديدة لاستكمال التعاون في كافة المجالات.
وكانت القوى الأمنية اللبنانية أعادت فتح طرق فرعية أغلقها محتجون في محافظتي الشمال والبقاع، احتجاجا على تأجيل الرئاسة اللبنانية الاستشارات البرلمانية لتسمية رئيس جديد للوزراء لمدة أسبوع حتى الاثنين المقبل.
اعلان
وفي إطار الاحتجاجات المتواصلة منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جابت مسيرة سيارات مساء الثلاثاء قرب عدد من منازل المسؤولين في بيروت.
وتعرض موكب الناشطين إلى الاعتداء من قبل عناصر أمنية في منطقة فردان قرب منزل رئيس البرلمان، مما أدى إلى سقوط جرحى وتحطيم سيارات. واتهم ناشطو الحراك العناصر الأمنية المكلفة بحماية منزل رئيس البرلمان بالاعتداء عليهم ومنعهم من إكمال مسيرتهم.
المصدر : الجزيرة