عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Aug-2020

شارع طلال.. أسواق تراثية تروي تفاصيل التجارة في وسط المدينة

 

عمان-الدستور-  محمود  كريشان - سنمضي في جولة نرصد خلالها احد ابرز واعرق معالم وسط البلد في عمان «شارع طلال» الذي سمي تيمنا بالملك طلال والد الملك الحسين طيب الله ثراهما.
 
وشارع طلال الذي يمتد من عند موقع المسجد الحسيني الكبير الى مشارف امانة عمان في منطقة رأس العين ويتميز هذا الشارع العريق انه يضم الاسواق التراثية والمحال التجارية التي تتخصص ببيع مستلزمات اهل البادية مثل البسط والشوادر والمقتنيات التراثية والتقليدية.
 
كما يضم شارع طلال اسواقا عديدة تتفرع من جنباته وكل سوق يختص ببيع مقتنيات معينة وتلك الاسواق: سوق البخارية ويقع هذا السوق بالقرب من المسجد الحسيني الكبير على مشارف شارع طلال الذي يرتبط تاريخ تأسيسه ببدايات تأسيس إمارة شرقي الأردن، ويقودك السوق للمعالم القديمة لعمان والتي كانت ولا تزال أحد الشواهد على تاريخ تأسيس العاصمة الأردنية.
 
وتعود قصة سوق البخارية إلى عام 1934 عندما أسس كمال الدين البخاري الاذري السوق الذي استقر في مكانه الحالي عام ,1942 وكان بمحاذاته سابقا سوق السلاح قبل ان ينتقل الى نهاية شارع طلال، ويقول محمد عبده حفيد البخاري مؤسس السوق إن جده حضر من أوزبكستان في رحلة حج مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، وزار القدس كعادة الحجاج في ذلك الزمان، واختار أن يستقر في عمان، ويؤسس السوق الذي تخصص بالمهن التقليدية، مشيرا الى أن جده أسس سوقا تباع فيها الخناجر والأحجار الكريمة وأنواع السبحات والنحاسيات بأنواعها.
 
منعطف هام
 
منعطف هام عاشه السوق، ببضاعته وتجاره وزبائنه، في اربعينيات القرن الماضي، هذا المنعطف تمثل في الزيارات المتكررة التي كان يقوم بها الملك المؤسس عبد الله الاول طيب الله ثراه لسوق البخارية، وتحديدا بعد صلاة الجمعة من كل اسبوع التي كان يحرص على ادائها في المسجد الحسيني الكبير، وتشير الرواية المتداولة ان التجار كانوا يستعدون مبكرا لتلك الزيارة الكريمة قبل موعدها، فيحرصون على توفير كل انواع البضاعة التي قد يحتاجها الملك المؤسس او مستشاروه والعاملون في حكومته، وكان يوم الجمعة اكثر الايام حراكا في اجواء السوق بسبب قدوم اعداد كبيرة من المصلين من خارج محيط وسط البلد، اي من اطرافها البعيدة، لاداء صلاة الجمعة بمعية الملك المؤسس، وكان طبيعيا ان يمثل ذلك حالة انتعاش للسوق.
 
ويتحدث قدامى التجار ايضا ان قائد الجيش، الجنرال البريطاني كلوب باشا، كان يبعث باحتياجاته مكتوبة على ورقة بيد احد مرافقيه، ويقوم التجار بعد ذلك بتجهيز الطلبية وارسالها الى مقره الرسمي. يستمر السوق حتى اليوم في بيع الملابس التقليدية والأحجار القديمة والصناديق التراثية والأدوات الموسيقية البدوية القديمة، ولوازم المهن التقليدية كالحلاقة وسجاجيد الصلاة وغيرها الامر الذي يجعل حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين يقومون بشراء السبح وسجاجيد الصلاة من ذلك السوق وتقديمها كهدايا للزوار عقب عودتهم من الحج ذلك نظرا للاسعار الشعبية التي يتمتع بها السوق ويعتمد في معظم بضائعه على الصناعات التقليدية المستوردة.
 
يعتبر سوق البخارية احد المعالم التراثية في عمان القديمة يقف كشاهد على تاريخ المدينة الحديث الذي تجتاحه الحداثة، وقد اصبح السوق احد أبرز ما يميز عمان القديمة. سوق السلاح وسوق السلاح يقع في نهاية شارع طلال وتأسس في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، عبر متاجر قليلة كان موقعها انذاك، مقابل المسجد الحسيني الكبير، عند بداية شارع طلال، ثم امتد السوق منذ الخمسينيات الى نهاية شارع طلال مع رواج هذه التجارة، وتتضمن بالاضافة للاسلحة بيع وشراء لوازم البدو من بيوت الشعر والسمن البلدي والتمر.
 
وقال خالد الطيب ابوزيد احد اقدم تجار السوق: إن الذي أسس هذا السوق عام 1930 تجار كبار منهم الحاج زكريا وجميل الصالح حتر وابوحسن ابوالسمن ومحمود عبدالهادي ابومطر ومحمد فلاح الطيب ومحمد السباع القيسي ابوعبدالله ومنصور الطيب واخرون.
 
واضاف: كانت معظم الاسلحة المعروضة في السوق ألمانية وانجليزية و(عصملية)، فيما كان ابناء السعودية والعراق وسوريا ابرز الزبائن الذين يتزودون بالسلاح من تلك المتاجر، بالاضافة للبدو في الاردن الذين كان كلوب باشا يغض النظر عنهم في السماح لهم باقتناء الاسلحة، حتى يكسب صداقتهم ويتقي الاصطدام معهم نظرا لشجاعتهم وفروسيتهم.
 
واشار الطيب الى إن الناس في تلك الحقبة كانوا يرغبون باقتناء السلاح بعيد المرامي لحماية بيوتهم وارضهم، بالاضافة لسعي شيوخ العشائر في تلك الفترة لتسليح افراد قبائلهم لحماية الاراضي والاعراض والحلال، وكانت ابرز تلك الاسلحة التي تتوفر بمتاجر السوق بواريد الصواري الالمانية والعصملية التركية، والمسدسات من ماركة ابوعجلين و الباربيلو ومسدس الطاحونة ابو صندتين والمنشر الالماني و الماوزر و الميم ون، وهي صناعات المانية وفرنسية وبلجيكية وانجليزية وتركية، مبينا ان سعر البندقية كان يصل حينها من (10-15) دينارا اردنيا يتضاعف سعرها ثلاث مرات عند الحروب، وكان البدوي يبيع اغنامه ليشتري السلاح، بالاضافة لكونه من تقاليد الزي البدوي والتجند بالسلاح ومجالد الفشك.
 
سوق البلابسة
 
هذا السوق الذي يقع بمحاذاة سوق البخارية ويتشابهان الى حد كبير في التصميم ونوعية المواد والمقتنيات التي يبيعانها مثل الاكسسوارات وازرار الملابس ولوازم العبادة من سجاجيد صلاة ومسابح وسواك وعطور ومقتنيات خياطة وتطريز والاحزمة الجلدية والمحافظ الجزادين والقداحات والاقلام وانواع الكالونيا القديمة والمقصات ولوازم الحلاقين والتحف الشرقية التي يقبل على شرائها السياح الاجانب. الخبر المشؤوم وقد استقبل الناس في عام 2009 نبأ الحريق الهائل الذي اندلع في سوق البلابسة وفيلادلفيا والبخارية بحزن شديد حيث امتدت النيران الى الطابق الثاني والثالث من المبنى الذي يضم سوق البخارية الذي هو اصلا مركزه الطابق الارضي، اما الطوابق العليا المنكوبة فهي تسمى سوق فيلادلفيا ويستخدمها التجار كمستودعات للالبسة والبضائع.
 
وكان ذلك بسبب تماس كهربائي جراء شبكة التمديدات الكهربائية الخارجية المهترئة وتم اعادة تأهيل الاسواق المتضررة من قبل امانة عمان. سوق اليمانية وسوق اليمنية او اليمانية يعتبر من الاسواق العريقة جدا ويقع على مقربة من المسجد الحسيني الكبير وسط العاصمة، ويعمل هذا السوق منذ اربعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، ويتميز السوق بأنه يلبي حاجات ذوي الدخل المحدود من مختلف أنواع الملابس، خاصة المعاطف الشتوية الاوروبية المستعملة والبدلات والملابس الاجنبية الفاخرة الستوك. وينتشر في هذا السوق محال الخياطة وتقييف الملابس وتفصيلها بالاضافة الى انتشار لافت لصالونات الحلاقة.
 
قصة قومية
 
ويقول الزميل جمال شتيوي ان اصل تسمية السوق بهذا الاسم يعود لليمنيين الذين حاربوا في صفوف الثورة العربية الكبرى، وبقي نفر منهم في مدينة عمان واشتغلوا في الاعمال البسيطة التي كانت متوفرة في تلك الفترة. وانه خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) اشتغل اليمنيون في بيع ما يعرف بالملابس المستعملة البالة وكان ذلك يناسب الحالة الاقتصادية البسيطة لشريحة كبيرة من سكان العاصمة. وقد اختار اليمنيون وآخرون ان يتجمعوا في مكان وسط البلد، حيث بنوا محلات سقائف بسيطة جدا لبيع الملابس، ولكن بعد سنوات شب حريق هائل في هذا السوق؛ ما دعا صاحب المكان الشركسي ميرزا باشا إلى ان ينشئ بنايات من الاسمنت ليعود الباعة أنفسهم إلى محلات دائمة استمرت حتى وقتنا الحالي. سوق فيلادلفيا ويقع في الطابق العلوي لسوقي البخارية والبلابسة ويبيع البضاعة نفسها مثل الاكسسوارات التي تباع في البخارية والبلابسة ولكن يتم البيع فيها بالجملة للتجار فقط. ثمة اسواق اخرى في شارع طلال تختص ببيع الملابس للاطفال والنساء وباسعار شعبية جدا ومن ضمنها: سوق عجاج وسوق غرناطة وسوق الحميدية وسوق طلال وسوق الحلواني وفي تفرعاته الاخرى سوق الندى المختص ببيع الالعاب والمفرقعات والورود الصناعية ولوازم اعياد الميلاد وغيرها.