عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Dec-2025

رام الله في "قبضة" الاستيطان

 الغد- نادية سعد الدين

 شرع الاحتلال في تنفيذ مخططات استيطانية جديدة ضمن محافظة رام الله والبيرة، حيث يقع فيها مقر الرئاسة الفلسطينية، في إطار مساعيه للسيطرة على قلب الضفة الغربية ومركزها الإداري والسياسي والثقافي الرئيسي، عبر نشاط استيطاني زخم متزامن مع تصاعد حملات الاعتقالات والاقتحامات غير المسبوقة.
 
 
وبدأت سلطات الاحتلال أمس بإقامة 1200 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "بيت إيل"، المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، بهدف توسيع المستوطنة ومضاعفة حجمها، كمقدمة للدفع بالعديد من المخططات الاستيطانية.
وتشتمل الخطة على بناء الوحدات الاستيطانية والبنية التحتية والطرق الالتفافية الاستيطانية، بالتوازي مع شق الطريق الرئيسي الضخم الذي يربط شمال فلسطين بجنوبها ويخترق الضفة الغربية، حيث يجري توسيعه ليصبح طريقاً يصل إلى القدس المحتلة.
ونقلت وسائل إعلام الاحتلال عن وزير الحرب في الحكومة المتطرفة، "يسرائيل كاتس"، خلال حفل أقيم في المستوطنة بمناسبة بدء عمليات بناء الوحدات الاستيطانية، تصريح له أكد فيه مساعي الاحتلال لتثبيت مرحلة السيادة العملية على الضفة الغربية، من خلال استغلال الفرص المتاحة لذلك.
وتعمل حكومة الاحتلال، بحسب مزاعمه، على تنفيذ خطوات استيطانية طويلة الأجل من منظور استراتيجي شامل، في إطار الالتزام بالاستيطان في "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية المحتلة)، والحفاظ على قلب الكيان المحتل، وربطهم بالتراث والجذور والإيديولوجية، وفق ما ورد عنه من مزاعم.
وعلى شاكلة أقرانه المستوطنين، مثل الوزير اليميني "بتسلئيل سموتريتش" الذي حضر الحفل برفقة سكرتير حكومة الاحتلال "يوسي فوكس" وكبار مسؤولي الإدارة المدنية في جيش الاحتلال؛ فقد ربط المتطرف "كاتس" بين تعزيز الاستيطان واستقرار الوضع الأمني، باعتبار أن الاستيطان يحمي شريحة كبيرة من المستوطنين، بما يتوجب على الحكومة ضمان حمايتهم أيضاً.
ولعل ذلك يُفسر المفهوم الصهيوني الذي يعتبر المستوطنة جزءاً أساسياً من عملية واسعة النطاق تتمثل في "إزالة وإحباط" التهديدات التي تهدد المستوطنين، في جميع أنحاء الضفة الغربية، أسوة بمنطقة "بنيامين" (وسط الضفة الغربية)، بطريقة استباقية وفعالة، وفق ادعاءات الوزير المتطرف، الذي زعم بأنه يقود "ثورة استيطانية حقيقية".
يأتي ذلك في إطار سياسة الحكومة المتطرفة برئاسة "بنيامين نتنياهو" التي تستهدف التسريع من وتيرة بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، لفرض حقائق على الأرض تمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة.
ومنذ بداية العام 2025، جرى المضي قدماً في بناء أكثر  29,311 وحدة استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية، وهو رقم قياسي في عدد الوحدات الاستيطانية مقارنة بالسنوات الماضية.
ووفق ما يسمى حركة "السلام الآن"، بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية نهاية 2024 نحو 770 ألفاً، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تُصنف على أنها "رعوية وزراعية".
ومنذ بداية حرب الإبادة الصهيونية ضد قطاع غزة في 7 تشرين أول (أكتوبر) 2023، صعد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، حيث يستهدف الفلسطينيين بمختلف أشكال القمع، من اعتقالات وهدم منازل إلى تهجير السكان قسراً، في سياق مخطط فرض السيطرة على الأرض الفلسطينية المحتلة وتهويدها.
يتزامن ذلك مع اقتحام عشرات المستوطنين المتطرفين، أمس، المسجد الأقصى المبارك من جهة "باب المغاربة"، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال.
وأفادت "دائرة الأوقاف الإسلامية" في القدس المحتلة، بأن 209 مستوطنين، بينهم 150 طالبًا يهوديًا اقتحموا المسجد الأقصى، ونظموا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا صلوات وطقوسًا تلمودية في المنطقة الشرقية من المسجد.
وأوضحت أن 62 عنصرًا من شرطة الاحتلال اقتحموا أيضاً ساحات المسجد، فيما شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها وتضييقاتها على وصول المصلين والمقدسيين للمسجد، واحتجزت هوياتهم عند بواباته الخارجية.
 وخلال ما يسمى "عيد الحانوكاه" اليهودي، اقتحم المسجد الأقصى قرابة 2779 مستوطنًا من باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا الطقوس والصلوات التلمودية والغناء والرقص في باحاته.
من جانبها، نددت القوى الوطنية والإسلامية باستمرار عدوان الاحتلال المتصاعد على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
وأكدت القوى، في تصريح لها أمس، أن حرب الإبادة والتدمير والقتل والتجويع ما زالت مستمرة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتتوسع في الضفة الغربية بما فيها القدس من خلال هدم المخيمات وتشريد سكانها، وتنفيذ سياسات القتل اليومي، بالتوازي مع تسارع الاستيطان الاستعماري، في انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية.
وأشارت إلى تصاعد اعتداءات المستعمرين، واستمرار جرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف، وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية، مؤكدة أن ما يجري يمثل حرباً شاملة تستوجب التمسك بوحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده.
ودعت إلى ضرورة تنفيذ إستراتيجية وطنية جامعة تقوم على الوحدة والصمود والمقاومة، ورفض سياسات العقاب الجماعي والتطهير العرقي، مع مواصلة الضغط على المجتمع الدولي لفرض العقوبات على الاحتلال، ومقاطعته وعزله ومحاسبته على جرائمه.
وشددت القوى على ضرورة تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف العدوان على قطاع غزة، بما يشمل فتح جميع المعابر، وعلى رأسها معبر رفح، لخروج الجرحى والمرضى وعودة العالقين، إضافة إلى انسحاب جيش الاحتلال من القطاع. 
وأكدت رفضها القاطع لمحاولات الاحتلال لفصل قطاع غزة أو تقسيمه، مؤكدة أن حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة، هي حقوق ثابتة وغير قابلة للمساس.
كما أكدت القوى أهمية التمسك بحقوق الأسرى وعائلات الشهداء والجرحى، وتأمين حقوقهم المعنوية والمادية كافة، ورفض أي مساس بها، معتبرة أن الوحدة الوطنية الفلسطينية تشكل صمام أمان لحماية حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله في مواجهة الاحتلال.