الإعلام في الواجهة والمواجهة*م. فواز الحموري
الراي
تتصدر وسائل الإعلام المشهد وتتسابق لتغطية الأحداث وتسعى وتبحث عن الحقيقة وتجرى العديد من المقابلات وتجمع أطراف المعادلة في حوارات متنوعة وتبث الكثير من اللقاءات مع المواطنين وتعد بعض استطلاعات الرأي حول مواضيع وقرارات محددة.
اتسعت مساحة الإعلام مع تنوع مصادر الاخبار والتوسع في عدد القنوات الفضائية الرسمية والخاصة وامتدت الساحة الإعلامية إلى كل موقع وركن في العالم والقرية الصغيرة كما هو متعارف عليه في لغة الإعلام والتكنولوجيا.
الإعلام اليوم في الواجهة والمواجهة وهذا يتطلب الكثير من العمل والجهد والتفاعل والتمحيص والمصداقية والنزاهة والحيادية ومخافة الله في كل ما يبث عبر وسائل الإعلام وأشكال التواصل.
لم استغرب تشابه أسماء بعض المطلوبين مع أسماء ابطال بعض المسلسلات الهابطة وذات المعنى السطحي لمفهوم الرجولة والبطولة واقتناص الفرص للظهور بدور البطل والمنقذ والمنفذ لعملية وهمية وقتل الأعداء، ولكني استغربت فعلا من قناة إعلامية سوف تبث مسلسلا يعزز العنف والقتل والانتقام في مجتمع عربي شقيق وكأن القانون لا ينظم سلوك الناس.
صدى الإعلام ليس في الاثارة والتهويل واستدراج العواطف، ولكن المصداقية تكمن في المهنية الإعلامية الحقيقية وفي تقديم وعرض ومناقشة المعلومة بشكل مناسب ومع الشخص المناسب ومع المرجع المختص والاخصائي المشهود له بالحكمة والاتزان.
تتنوع المقالات والتي هي من الوسائل الإعلامية في الصحف الورقية والمواقع الالكترونية وتعتبر وسيلة مناسبة للاستفادة من التغذية الراجعة لمجموعة الآراء والتحليلات وردود الفعل من النخب التي تكتب بأمانة الكلمة والرسالة، تلك هي الأقلام الصادقة والجريئة.
الإعلام في الواجهة والمواجهة وجنبا إلى جنب مع الجهود المبذولة لحماية المجتمع من الأخطار الماثلة أمامنا اليوم سواء تلك المحلية منها والخارجية وتلك والله مستهدفة ايانا بشراسة وخبث وتريد نشر السلبية والفوضى في المجتمع.
الانفتاح والتنوع والتخصص مفيد في المجال الإعلامي ولكن المطلوب هو المكاشفة بأسلوب بعيد عن الإثارة والتهويل والاستهانة بذوق المشاهد والمستمع والقارئ، وللحقيقة والإنصاف فان التطور في الإعلام الأردني الرسمي منه والخاص مشهود له بالالتزام والبحث عن الخبر والحقيقة بكل موضوعية وحيادية على مدى السنوات وعلى مدى الافواج الإعلامية التي تعمل بإخلاص وبانتماء ولصالح الأردن والمجتمع.
لا بد من التركيز على البرامج الحوارية الغنية بمن يحاور ويقدم المعلومة المتخصصة ويخاطب فكر وعقل وعاطفة متلقي الرسالة باحترام وأعتقد أن لدينا من الكفاءات الرصينة والقامات الوطنية التي تستطيع قول الحقيقة بشكل إعلامي مميز وبصوت وطني متزن وبحكم رشيد بعيدا عن فرض الرأي واعتبار قرارات الحكومة غير صحيحة دائما.
قد نحتاج إلى الكوميديا السياسية في المدرسة الإعلامية الحديثة ولكن لا نحتاج إلى الهبوط في المستوى والأداء والعبارات السطحية والمناظر المضحكة وحركات الإثارة، نحتاج إلى نقد بناء حتى لو كان بأسلوب ساخر ولكن ضمن الأصول الإعلامية ومدونات السلوك والإعلام السليم.
في المرحلة القادمة نحتاج إلى البعد كل البعد عن دغدغة العواطف ونحتاج إلى كلمة سواء بين جميع الأطراف لنصل إلى الحقيقة المجردة وإلى القرارات السليمة حتى لو لم تكن غير مواتية لنا في ظل الظروف التي نواجهها، لا بد للإعلام من أن يكون في الواجهة والمواجهة؛ المرحلة القادمة ستكون صعبة ومؤلمة.