عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jun-2019

بداية عظيمة للتحرر من الفقر

 

افتتاحية - «كرستيان سيانس مونيتور»
حسبما اورد استطلاع للراي فان اكثر من ثلث سكان قارة افريقيا الذين يبلغ تعدادهم 1.2 مليار نسمة قد فكروا في الاقدام على الهجرة خلال الاونة الاخيرة. والكثير من هؤلاء ينظر إلى اوروبا باعتبارها وجهة جذابة. وليس من الصعب على أي انسان ان يستنتج الاسباب التي تدعوهم لذلك. اذ ان افريقيا تعد موطنا لما يصل إلى 28 دولة من بين الدول الاشد فقرا على مستوى العالم. كما ان ما يناهز نصف عدد سكانها يعيشون في حالة من الفقر. على الرغم من ذلك، هل هناك حل تبرز جدواه من ضمن كل الحلول التي تجري تجربتها في سبيل وضع حد لمعاناة الافارقة والحيلولة ما بين شعوب القارة والهجرة؟
يقول الباحث جاكي سيلرز، رئيس معهد جنوب افريقيا للدراسات الامنية، ان حلا من هذا النوع متاح بالفعل. لقد قام بتحليل الاحصاءات فيما يتعلق باحد عشر وسيلة ممكنة تساعد على الازدهار في القارة السمراء، مثل تحقيق قفزة في مجال التعليم وازدياد الديمقراطية ووضع حد للصراعات العنيفة. وبموجب تكهناته، سيتمثل التاثير الاكبر في انشاء منطقة تجارة حرة تشمل انحاء القارة المكونة من خمس وخمسين دولة. بحلول العام 2050، من الممكن ان تسهم هذه المنطقة التي تعمل على غرار ما يحدث في الاتحاد الاوروبي في تقليل نسبة الفقر اكثر من الخطوات الاخرى. (ويحل في المرتبة الثانية انجاز ثورة في ميدان الزراعة).
ان حساباته تمتاز بتوقيت حسن. قبل فترة وجيزة، دخلت اتفاقية من اجل اقامة منطقة تجارة حرة قارية افريقية حيز التطبيق. وقد صادق عليها ما يقارب نصف الدول، او 24 بلدا، ما يعني انها ستقوم الان بالتفاوض على تفاصيل تنفيذها. وهناك 27 دولة اكتفت بالتوقيع عليها، وربما تنتظر كي ترى ما ستؤول اليه الامور. وقد ألمحت نيجيريا، صاحبة ثاني اكبر اقتصاد في افريقيا، إلى انها تعتزم الانضمام في المستقبل.
في حين ان التخلص من قيود التجارة او ايقاف الواردات المتاتية من الضرائب الجمركية لن يكون امرا سهلا، فان الامكانات التي تتيحها الاتفاقية ضخمة جدا. فمن الجائز ان تقود إلى اكبر منطقة تجارة حرة في العالم، ليس من حيث عدد السكان وحسب، بل من حيث الناتج المحلي الاجمالي للدول مجتمعة. في الوقت الذي ينتظر ان ترحل بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي ويفرض الرئيس ترامب ضرائب حمائية على الكثير من الدول، تسارع افريقيا في الاتجاه المعاكس، صوب مزيد من الشمول والاحساس بالانتماء.
من الاسباب الوجيهة لاختيار هذا المسار ان القادة الافارقة يرون التجارة المتنامية بين دولهم كوسيلة للحد من المخاطر الامنية، كالارهاب والحروب الاهلية على سبيل المثال. بحلول العام 2050، سيكون عدد الشباب في افريقيا اكبر من نظيره في الهند او الصين. اذا لم يجد هؤلاء فرص عمل، كما هي حال الكثيرين في هذه الايام، فسوف يغدون على الارجح تربة خصبة لاولئك الذي يسعون إلى نشوب الصراعات. لا يزال الطريق امام الاتفاقية الجديدة طويلا.
ان حجم التجارة بين دول افريقيا لا يتخطى 15 بالمائة. بالمقابل، تبلغ النسبة ذاتها بين دول الاتحاد الاوروبي 67 بالمائة. كما تمتاز افريقيا بالمساحات الشاسعة، كالتضاريس الوعرة والبنية التحتية متدنية الجودة. وهي تعتمد منذ مدة طويلة على صادرات المعادن التي تبيعها إلى انحاء اخرى من العالم، بالاضافة إلى الاتكال على المعونات الاجنبية. وتشكل الصناعات ما يناهز 9 بالمائة فقط من اقتصاد دول القارة.
ومن الجدير بالذكر ان احد الاثار المباشرة للاتفاقية انها ستبعث برسالة مفادها ان افريقيا قادرة على توحيد صفوفها حول مستقبل مشترك. مثل هذا التحول في الاتجاه سيلقى ترحيبا كبيرا من المستثمرين. ان المستقبل الذي يتضمن منطقة تجارة حرة من القاهرة وحتى كيب تاون ينم عن مستوى مرتفع من الثقة والتعاون- وهو شيء تفتقر اليه انحاء اخرى في العالم.