عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Dec-2019

رحلتي من الابتدائية للأستاذية مشواركلية الطب

 

أ. د كميل موسى فرام
رئاسة قسم النسائية والتوليد
الراي - الترقية لرتبة أستاذ مشارك استحقاق أكاديمي بعد جهود بحثية، خبر أسعد أفراد عائلتي؛ الساكن في الفردوس السماوي وهو والدي رحمه االله، ووالدتي منيرة مارديني أطال االله بعمرها، سنديانة نتفيأ بضلالها، زوجتي الجميلة والأنيقة ريندا غريب التي تحملت الكثير، أبنائي الأقرب لفردوس سعادتي؛ فرح ورند وموسى، أفراد عائلتي المتماسكة؛ الدكتور كريم، الدكتور أكرم، المربية إكرام، المهندس أمجد، والإعلامية غدير وعائلاتهم، الأقارب، الأصدقاء المحبون باصالة الاخلاص بعد نسج بساط محبتنا بالصدق والواقع، المقيمون الذين ينهلون ويقدرون بأغلبية قدسية العطاء، فهناك نفر ضئيل من الناكرين بتمرد، إضافة لنفر من الزملاء الذين سيجوا مسيرتي بمحبتهم وطوقوا عنقي بسنسال دعواتهم، وقفوا معي وساندوني حيث كنت أحتاج.
الترقية خطوة موفقة على طريق المجد بترجمة الأحلام، أستاذ مشارك بكلية الطب في الجامعة الأردنية، رتبة عظيمة مستحقة، ساعدتني بصعود درجة على سلم المجد وتحقيق الذات بعد خوض سلسلة من المعارك بمختلف المراحل العمرية والعملية، أهلتني للتقدم بطلب التثبيت بالخدمة الدائمة كإجراء روتيني، وبنفس اللحظة قرار اجتهاد منذ تاريخ الترقية الأولى 2009/04/21 للانخراط بالنشاط البحثي للاستعداد المبكر لرتبة الأستاذية بالوقت المناسب ضمن شروط صعبة، لأن الزمن غدار بسنواته وأحداثه، فذلك قرار البداية الصحيحة للاستعداد للخطوة الحياتية التالية، مدركا حجم الجهد المطلوب والاستعداد للتحدي بخطط أولية وبديلة، فعملت بصمت بخطة محكمة سأوثقها لاحقاً.
استحقاقات الترقية والنجاح، منحتني فرصة متجددة لثقة عميد الكلية الأستاذ الدكتور معاوية البدور، عام 2014 بتكليفي برئاسة قسم النسائية والتوليد، لثقته بقدرتي الشخصية بتولي المهمة الإدارية والتي استمرت لأربع سنوات متتالية، وترددت بالقبول في البداية لأنني اتمتع بالصدامية أحيانا وهذه الشخصيات لا تناسب المسؤولين، ولكن العميد فاجأني بمقولة مشهورة أنقلها على لسانه: هذه المواصفات للشخص الذي أبحث عنه، فوافقت بالرغم من هبوب رياح شغب لم تمطر عواصفها، عاصرت خلال رئاستي للقسم ثلاثة من رؤساء الجامعة الأردنية؛ الأستاذ الدكتور اخليف الطراونة، الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، والأستاذ الدكتور عبد الكريم القضاة، وأربعة من عمداء كلية الطب، واثنان من مدراء مستشفى الجامعة، هما الأستاذ الدكتور أحمد التميمي والأستاذ الدكتور عبد العزيز زيادات حيث تجلى الحرص بترجمة للواقع بعضويتي الفاعلة لللجنة التنفيذية للمستشفى.
أزعم وبشهادة مستحقة من الزملاء أنني كنت ربانا ناجحا بقيادة المركب وإعادة الهيبة، متسلحا باحترام الكل لأسباب عديدة أذكر منها؛ وقوفي على مسافة واحدة من الجميع، إيلاء الطلبة العناية الكبرى لايماني أن المسار الأكاديمي والتعليمي توأمان ووظيفيتي الأساسية أنني عضو هيئة تدريس بالكلية قبل أن أكون مستشارا بالمستشفى، أعادة ترتيب داخلية للقسم وتحسين الخدمات التعليمية والعلاجية، الاهتمام بالمرضى وتقديم الخدمة لهم بصورتها المثلى التي تضاعف رصيد التقدير والاحترام لمقدم الخدمة، توفير الأجهزة الحديثة لمختلف وحدات القسم التي تسهل الخدمة، إعادة الجزء المقتطع من قسم النسائية لصالح أجنحة المستشفى بعد انتفاء المهمة بنقاش استطعت خلاله بحجة المنطق اقناع السادة أعضاء اللجنة التنفيذية بالمستشفى برئاسة المدير العام الأستاذ الدكتور أحمد التميمي، تعيين اثنين من الزملاء كأعضاء هيئة تدريس للاستفادة من خبراتهم، صيانة الأقسام والعيادات وتغيير الأثاث حيثما استحق التغير، تجهيز قاعة محاضرات حديثة، إعادة دفء العلاقات العائلية كأسرة واحدة داخل القسم بمختلف مكوناتها، بالرغم من هبوب رياح الممانعة أحياناً.
إن تطبيق الديمقراطية لواقع فلسفة مثالية يتغنى فيها الكثيرون، ويمتلك حدثها القليلون، برؤية تنفيذ على أرض الواقع تتسامى أدواتها، وتمنح القوة للتقدم وترجمة الأحلام أيا كان تصنيفها لواقع إيجابي. للنجاح ضريبة مستحقة وتضحيات، فأداء الوظيفية الإدارية واكتساب ثقة ومحبة الجميع بمؤوسستنا لم يتقاطع مع خدماتي العلاجية والشفائية للمرضى، فقبولي بتحمل المسؤولية لرئاسة القسم، جذوره قناعة راسخة بقدرتي وحرصي على نيل العلامة الكاملة بالرغم من التحديات وهبوب رياح الشد العكسي أحيانا كقاعدة للفشل، جنبا إلى جنب مع الأداء المهني المتميز؛ ودعوني أعترف أن ذلك الجهد المضاعف للحصول على الدرجة النهائية بامتحان صعب كان له ثمن يصعب تحديده؛ التأخر اليومي لفترات طويلة بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي، خسارة منضبطة باسهم الواقع الصحي، تقصير عائلي على كافة المستويات، عضويات في اللجان المختلفة في الكلية والمستشفى، ولجان خارجية وأهمها عضوية اللجنة العلمية للمجلس الطبي الأردني للإشراف على امتحانات الاختصاص، ولكل مما ذكرت واجبات واجتماعات بأوقات مختلفة لأنني أرفض الدور المهمش، لاكتمال النصاب بدون رأي مبني على المعرفة والاطلاع ويناقش.
ربما أكون ضعيفا بحق نفسي لرصد ووصف علاقتي بالمرضى ودرجة احترامهم، فعياداتي المزدحمة تفرض أحياناً تأخيراً عفويا غير مبرمج لتتمكن المريضة من مقابلتي، حيث ترصد صفحات الذاكرة عبر السنوات افتقار وقت العيادات من أي تذمر أو عصبية، بل الاحترام المتبادل الذي يوفر وقودأ لعجلة المحبة، أحرص دائما ومنذ البدايات بالمهنة على رسم ابتسامة كعنوان لا يفارقني إلا ما ندر لظروف لحظية، وانعكس ذلك على اتساع دائرة الباحثين عن الخدمة الطبية المميزة التي تقدم لهم، ويسعدني الاعتراف أن ذلك الأمر بصعوبته قد احتل مساحة من شخصيتي وحياتي، وربما هنا مناسبة للقول أنني رفضت عروضا للعمل بجامعات عربية مرموقة تقدر الأبحاث العلمية وأداء الأشخاص وحتى الساعة، فقناعتي أن الوطن أولى بتقديم خدماتي، لأنه وفّر لي السمعة ومنحني فرصة التميز بمهاراتي التي صقلتها بعرق جبيني وللحديث بقية.