متفائلون.. ولكن!*أحمد حمد الحسبان
الراي
نستذكر بعضا من أدبياتنا الشعبية، وفيها ما يدعونا إلى التمسك بالأمل، والحرص على قدر من التفاؤل بأن المستقبل سيكون جميلا، أو ـ على الأقل أفضل مما نحن عليه، ونصر على تلك الفرضية، معتبرين أن ما مر بنا من صعوبات هو الاستثناء.
ففي بداية أي عام جديد، نتمسك بالأمل، وندعو الله أن يكون «عام خير وبركة»، وعند كل تشكيل حكومي نتمنى أن تطوي الحكومة الجديدة صفحة سابقتها، وما تركت على تلك الصفحة من «حفر» ندعي أنها مجرد بصمات اعتقادا بأن ذلك يخفف من حدتها.
اليوم، ونحن نمارس حالة من الفرح بقدوم الحكومة الجديدة، فإننا نتلمس ما يمكن أن يعزز أمنيتنا. ونبحث في كل تفاصيل المشهد ما يعزز الرغبة بأن يكون «القادم أفضل».
فمن حيث المبدأ، لا نغفل الأسماء، ونشير هنا إلى أن اسم دولة الرئيس من الأسماء التي تدعو إلى التفاؤل، وأن سيرته الذاتية من السير النظيفة التي لا يوجد بها ما يجعلنا نخشى المستقبل، وأسرته من الأسر السياسية ذات التاريخ النظيف.
والرئيس الجديد ينتمي إلى أسرة سياسية معروفة، وفي تاريخها محطات نعتز بها، فوالده الأستاذ هاني الخصاونة كان وزيرا للإعلام في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الفائت، ويعرفه كل الصحفيين في تلك الفترة. ويسجل له القرار التاريخي بتأميم الصحف المحلية «$ والدستور»، بالتعاون والتنسيق مع نقابة الصحفيين ونقيبها في ذلك الوقت الأستاذ راكان المجالي.
الخطوة وكنت شاهدا عليها تعتبر إنجازا عظيما في تلك الحقبة، وإن كانت هناك من تحفظات عليها، فهي تحفظات متأخرة وتشكلت في ضوء إساءة الحكومات اللاحقة التعامل مع القرار. فالواقع الحالي للصحف المحلية لا يمكن تحميله للخطوة التاريخية، ولا لمن اتخذها بشجاعة، وإنما للتدخلات الحكومية الفجة اللاحقة في شؤون الصحف، وتحويل المواقع في تلك المؤسسات الى جوائز ترضية لبعض المتنفذين وتابعيهم. وكل ذلك يدعونا إلى التفاؤل بالرئيس الجديد وبفريقه الذي اختاره.
أما الوجه الآخر من الصورة، والذي يجري التعبير عنه ب«ولكن»، فيتعلق ببعض التفاصيل الخاصة بالتشكيل ويتم التعبير عنه على شكل تساؤلات تحتاج إلى رد أو توضيح.
فمن حيث المبدأ تثير مسالة العدد الكبير لأعضاء الحكومة «32 وزيرا» الإحساس بتراجع الاهتمام بترشيق الجهاز الحكومي، ودمج الوزارات، وتقليص عددها كمشروع جرى الحديث عنه في أكثر من مناسبة، ومن قبل أكثر من حكومة، وانعكاسات الخطوة على عملية ترشيد الإنفاق.
وبالتوازي، تساؤلات حول كثرة وزراء الدولة في الحكومة، وما يثير ذلك من حساسية في نفوس الذين يعتقدون أن بلدا كالأردن ليس بحاجة إلى هذا العدد الكبير من الوزراء، في ضوء غياب الحزبية عن ضوابط التشكيل.
وضمن ذات السياق، ورغم القناعة بضرورة إعادة توزير أعضاء من الحكومة السابقة، فإن التمسك بمسؤولين عن ملفات يحمّلها الشارع المسؤولية عن معاناتهم يعتبر مؤشرا على ثبات السياسة الحكومية على ذلك النهج، ويثير القلق لدى الناس، بدلا من زرع التفاؤل بإمكانية حدوث انفراجات يمكن أن تريحهم وتضع حدا لمعاناتهم.
بالطبع لم نفقد الأمل.. ونرى أن القادم أفضل بإذن الله.