الراي
لا تتردد الكثير من التنظيمات السياسية في تعليق الكثير من أخطائها، على مشجب المقاومة، بما في ذلك بعض ممارساتها الخارجة على القانونِ.
وبداية لا بد من الإقرار بأن مقاومة العدو حق مقدس، رفعه الإسلام في بعض الحالات الى مرتبة فرض العين على كل مسلم ومسلمة، ومنها احتلال جزء من أرض المسلمين، على قاعدة (اذا دنس شبر من أرض المسلمين صار الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة).
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي يعلن الجهاد (المقاومة)، ويقوده.. وهل من حق اي فرد ان يعلن النفير والجهاد لوحده، وهل من حق كل مجموعة من الناس ان تفعل ذلك، خاصة في ظل وجود الدولة؟
قراءة السيرة النبوية، وسير الخلفاء وتاريخ الدولة الإسلامية الممتد كلها تؤكد ان ولي الأمر، هو من يعلن الجهاد، سواء للفتح، او لمقاومة المحتل، وليس في الفقه الإسلامي ما يبيح غير ذلك، وان الجهاد الفردي يكون في ارض ليس فيها دولة، كما في واقعة ابا جندل وغير ذلك، وفي فترة الاحتلال الصليبي، لبلادنا وخاصة فلسطين، وهي فترة تكاد تتطابق مع ما تعيشه امتنا في هذه الايام من تمزق وتردٍ اجتماعي وسياسي، وتسابق لموادعة العدو، بل ان حكام الدويلات العربية والإسلامية كانوا يتسابقون للتحالف مع الصليبيين ضد بعضهم البعض، ومنهم من ?نازل للصليبين عن قلاع وحصون ثمنا لتحالفه معهم ضد أبناء دينه وجلدته، وبالرغم من ذلك كله لم يفتِ عالم او فقيه بجواز مقاومة الاحتلال بمن فيهم العز بن السلام سلطان العلماء الذي كان سلطانه على جموع العلماء، وجماهبر الأمة اشد من سلطان الحكام عليهم، حتى انه عندما كان يختلف مع الحكام ويهدد بترك دمشق او القاهرة، كان يخرج معه العلماء وجمهور الناس، فيضطر الحاكم، الى النزول على رأي العز. ومع ذلك فإن العز على كرهه للصليبين، وسعيه لطردهم مما كانوا يحتلونه من اراضي الامة وفلسطين على وجه الخصوص، فانه لم يفكر بتأسيس تنظيم ?سلح، ولم يفتِ لأحد بجواز ذلك، بل ظل يربي الناس على ثقافة الجهاد من جهة ويحرض الحكام على تعبئة الأمة وتنظيم صفوفها للجهاد، ومقاومة الاحتلال وتحرير الاراضي المحتلة تحت راية الدولة.
فايهما افقه وأكثر ورعا؛ سلطان العلماء، العز ابن عبد السلام، ام مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، عندما شكل الجهاز الخاص المسلح بحجة المشاركة بمقاومة العصابات الصهيونية، ليتحول هذا الجهاز الى جهاز اغتيالات، ومصدر للفوضى والاضطراب في مصر، دفع البنا نفسه حياته ثمنا لها، بعد أن قال عن الذين حملوا السلاح من اعضاء جماعته ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين.