عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jan-2021

كان بالإمكان أفضل مما كان*جهاد المنسي

 الغد

أما وقد أنهى نواب المجلس التاسع عشر إطلالتهم الأولى على الناخبين والمتابعين من خلال مناقشة البيان الوزاري لحكومة الدكتور بشر الخصاونة التي طلبت ثقة أعضاء المجلس على أساسه، وبعد أسبوع كامل من المناقشات والخطابات، وحصول الحكومة على ثقة 88 نائبا من أصل 128 نائبا حضروا الجلسة، فإنه يمكننا القول بعد ذلك والاستماع لخطابات 121 نائبا أنه كان بالإمكان أفضل مما كان.
لا نقول ذلك تعقيبا على رقم الثقة الذي حصلت عليه الحكومة، فالمعلوم أن الحكومات تحصل على الثقة مهما اختلفت تركيبة المجلس النيابي، ومهما دخل فيه نواب يمتلكون رؤى مختلفة عن رؤية الحكومات، فالحكومات بالعادة تحصل على ثقة النواب، بيد أن أرقام الثقة تختلف بين حكومة وأخرى ومجلس نيابي وآخر، المهم فيما ذهبنا اليه ما سمعناه تحت القبة من كلمات ومداخلات، وقياس عمقها السياسي والاقتصادي.
الحقيقة أنه اذا استثنينا بعض الكلمات التي لا يصل عددها الى 10 كلمات أو يزيد قليلا، فإن خطابات النواب تكرار لخطابات سابقة سمعناها تحت القبة خلال السنوات العشرين الأخيرة، ولم نجد فيها جديدا يضاف، وأغلبها بدت فضفاضة دون حلول واقعية؛ إذ كنّا نأمل ونحن أمام مجلس نيابي جديد يضم 75 % من النواب الجدد أن نسمع خطابات مختلفة وتشخيصا أعمق لواقعنا السياسي والاقتصادي والتعليمي والصحي والشبابي والاجتماعي والجندري، يشخص الواقع ويقدم مقترحات لمشاكلنا، رؤية تختلق حلولا إبداعية وتقدم أفكارا نوعية للمرحلة المقبلة.
ما سمعناه خلال أسبوع كامل كان عبارة عن استذكار رجال رحلوا وتذكير بما فعلوا وما قدموا، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أزمة حقيقية تتمثل في غياب رجال دولة عن عقل نوابنا الجدد.
كنّا نأمل بأن نسمع حديثا في عمق الإصلاح السياسي المنشود، وليس عناوين مفرغة دون تلمس حقيقة الأزمة، فالجميع يمكنه المطالبة بقانون انتخاب جديد، والجميع يمكنه نقد القانون الحالي، ولكننا -إلا ما ندر- لم نستمع لتشخيص واقعي لما تعرض له الإصلاح المنشود من متعرجات أثرت عليه وشدته دوما للخلف دون تقدم؛ إذ إننا لم نسمع أفكارا جدية تضعنا أمام الواقع بكل تفاصيله، فالكلمات النيابية التي استمعنا اليها لم يقل أصحابها عن سبب تعثر الإصلاح المنشود ومن يتحمل مسؤوليته، لم نسمع عن أفكار لبناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات والقانون وسيادة الدستور، وإنما اكتفت الكلمات بالحديث في العموميات دون الدخول في التفاصيل.
سمعنا خطابات راديكالية، تحمل في ثناياها رؤى مناطقية وجهوية ومطالبات تنتقد عدم توزير أبناء هذه المحافظة أو ذلك اللواء، ومن ثم يخرج علينا من طالب بتوزير أبناء منطقته لينتقد حجم الفريق الوزاري، فكيف لنا كمتابعين أن نستقر على رؤية تقييم موضوعية للنائب الذي يدعو لتوزير ابن محافظته أو لوائه وينتقد حجم الفريق الوزاري؟
سمعنا كلمات حول الوضع الاقتصادي ولكننا لم نسمع حلولا، وإنما رأينا مطالبات مناطقية تعجز عنها الموازنة وهي في قمة عنفوانها، فما بالنا بالموازنة الحالية التي تئن وجعا وعجزا، فلم تقدم حلولا تخرجنا من التفكير خارج إطار صندوق النقد الدولي، وتضع أمامنا رؤية اقتصادية متكاملة أو تقدم لنا مدارس اقتصادية أخرى تدعونا للذهاب اليها.
غاب الكلام -باستثناء كلمات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة- عن المرأة ودورها في المجتمع، والشباب وما نريده منهم، والتعليم وطريقة تطويره، والبحث العلمي وأهمية دعمه، والثقافة وضرورة إخراجها من سباتها الحالي، غاب من يقول ويطالب بأهمية التوثيق لتاريخ الأردن الحديث الذي يدخل مئويته الثانية، غابت كلمات العدالة والمساواة، وحضرت رتوش تشخيصية منسوخة من كتاب أو مقال أو دراسة.
نعم، هناك الكثير الذي يمكن أن يقال، لعل وعسى بتصحيح المسار، فنقاشات الثقة بالحكومة والكلمات التي قيلت فيها كان يمكن أن تكون أفضل مما كان، وأن يقدم للناخب رؤى مختلفة عما قدمه نواب مجالس سابقة وليس كلاما مكرورا.