عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Apr-2024

«الكارثة والبطولة» في غزة*احمد ذيبان

 الراي 

في الأدبيات الصهيونية ما يسمى بذكرى «الكارثة والبطولة» أو يوم «هشوآه» باللغة العبرية، وهي مناسبة تحييها دولة الاحتلال وبعض اليهود في العالم يوم 27 نيسان من كل عام، وترمز الى ما يسمى بـ «الهولوكوست – المحرقة » النازية، التي يقول مؤرخون يهود بأنه قتل فيها، خلال العهد النازي ستة ملايين يهودي، بهدف تصفية اليهود في العالم حسب مشروع وضعه النظام النازي باسم «الحل النهائي» عقابا لهم، لأن النازيين يعتبرون اليهود هم الذين صمموا هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وما لحق بها من دمار على كافة الأصعدة! ودلالات التسمية «الكارثة والبطولة» تعني عمليات الإبادة من جهة، والشق الثاني من التسمية يعني عمليات البطولة والتمرد، التي قام بها اليهود في بعض «الغيتوهات»، ومن أشهرها «غيتو» وارسو الذي كان يقطنها 380 ألف يهودي.
 
لكن ثمة شكوك كبيرة فيما تروجه الحركة الصهيونية، عن عدد الستة ملايين الذين قتلوا في «المحرقة»، وصدرت العديد من المؤلفات لمفكرين ومؤرخين ومثقفين ورجال قانون غربيين، وكان أول كتاب نشر حول انكار حدوث الهولوكوست بعنوان «الحكم المطلق»، للمحامي الأميركي فرانسيس باركر الذي كان من الذين أوكل إليهم عام 1946 مهمة إعادة النظر في محاكم نورمبرغ، وأظهر أثناء عمله امتعاضه مما وصفه بانعدام النزاهة في جلسات المحاكمات، ونتيجة لانتقاداته تم طرده من منصبه! كما صدرت مؤلفات أخرى تنكر حدوث الهولوكوست، لهاري بارنز أحد المؤرخين والأكاديميين الأميركيين، وتلاه المؤرخين الأميركيين جيمس مارتن وويلس كارتو.
 
وفي فرنسا قام المؤرخ بول راسنييه بنشر كتابه «دراما اليهود الأوروبيين»، وللمفارقة فإن راسنيير كان معتقلا في السجون الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، لكنه أنكر عمليات الهولوكوست! وربما الكتاب الأكثر شهرة في هذا الصدد هو «الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية» للفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، الذي صدر في تسعينيات القرن الماضي، وتحدث فيه عن مجموعة من الأساطير بنيت عليها السياسة الإسرائيلية من بينها «أسطورة الهولوكوست»، وعرض فيه مجموعة من الحقائق العلمية والتاريخية تشكك بوجود غرف غاز، وأن عدد 6 ملايين مبالغ فيه جدا، وبسبب هذا الكتاب تم تقديم غارودي للمحاكمة عام 1998 بتهمة التشكيك بالمحرقة، بضغوط من اللوبيات اليهودية وحكم عليه بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ! وكانت الشكوك التي طرحت في تلك المؤلفات، تشير إلى أن الهدف من تضخيم عدد اليهود الذين قتلوا في المحرقة، تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين وانشاء دولة إسرائيل!
 
ولأن الشيء بالشيء يذكر أجد من المناسب، اسقاط تعبير «الكارثة والبطولة» على ما تقوم به إسرائيل، من حرب وحشية منذ نحو ستة أشهر على قطاع غزة، ولا يعنيني رقم الستة ملايين، الذي يخضع للشكوك حسب مؤلفات صدرت في دول داعمة للكيان الصهيوني، فضلا عن كون الرقم مصادره يهودية فقط! وتم تضخيمه من خلال سيطرة اللوبيات اليهودية في الدول الغربية على وسائل إعلام شهيرة، بهدف الاستمرار بابتزاز ألمانيا خاصة ودول الغرب عامة، لتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية وتعويضات متواصلة لدولة الاحتلال!
 
ولم يكن في ذلك الوقت خلال الحرب العالمية الثانية مصادر محايدة تتحدث عن حقيقة «المحرقة»، لكن لأن التاريخ يكتبه المنتصرون وهم الحلفاء، وأهمهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي، تم استثمار «المحرقة» لدعم الكيان الصهيوني.
 
إن ما ترتكبه دولة الاحتلال من مجازر مروعة تستهدف البشر والحجر، بدون تمييز بين أطفال ونساء وكبار السن وشبان، فضلا عن عمليات التدمير الممنهج لكل مقومات ومرافق الحياة، جدير بأن يوصف بـ"محرقة» حقيقية مع سبق الإصرار، وبالمقارنة النسبية مع عدد الضحايا الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الثانية، من جنود وسكان الدول المتحاربة وهم يعدون بعشرات الملايين، فإن الكارثة التي لحقت ولا تزال بقطاع غزة تفوق ما حدث في الدول المتحاربة في ذلك الوقت، ونحن هنا أمام دولة مدججة بأحدث أنواع الأسلحة الأميركية والغربية، تهاجم شعبا أعزل بعقلية «ثأرية» بغرض الانتقام والتهجير والتطهير العرقي، ولم تكتف بالقتل فقط بل تستخدم سلاح التجويع أيضاً، من خلال منع وصول المساعدات والمستلزمات الطبية ما يؤدي الى ارتفاع عدد الشهداء والمصابين، ثم أن فصائل المقاومة التي تقاتل قوات الاحتلال تستخدم أسلحة بسيطة! ورغم حجم الكارثة فان شعب غزة صابر وصامد في وطنه ويرفض الهجرة إلى الخارج، وهو الجدير بوصف «الكارثة والبطولة"!.