عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    31-Jan-2020

مشوار كلية الطب رحلتي من الابتدائية للأستاذية وترقيت للأستاذية!!

 أ. د كميل موسى فرام

وترقيت للأستاذية!!
الراي - ليشهد التاريخ، أوثق، أنه بيوم الإثنين الموافق للرابع عشر من تشرين الأول 2019 كانت ولادتي الثانية، فهناك موعد للقاء تلفزيوني على شاشة التلفزيون الأردني بتمام الساعة الثامنة والنصف صباحا، ووصلت قبل الموعد المحدد بنصف ساعة، لأبدأ الاستعداد لدخول الأستديو، ومن شروط ذلك أن يكون الهاتف الخلوي مغلقاً، وقد استمتعت بالحديث عن طرق أختيار جنس الجنين وتحديد عدد أطفال العائلة، وما أن خرجت من الاستديو، وأثناء استراحة قصيرة لتناول فنجان قهوة الصباح، لأعيد نشاط تلفوني الخلوي، وإذا بكمية لا بأس بها من الرسائل النصية في ذاكرة الهاتف تعطي اشارة تحذيرية، وما أن فتحت للاطلاع لأجد تهنئة خاصة من الصديق الزميل الأستاذ الدكتور محمد القضاة/ عميد كلية الآداب، ورسالة مشابهة من الأخ الوفي الصديق الأستاذ الدكتور محمد الشريدة/ عميد كلية الدراسات العليا، وثالثة من الصديق الداعم والنموذج الفاعل البحثي الأستاذ الدكتور علي أبو غنيمة/ عميد كلية الهندسة، ورسالة منقولة من الصديق الحريص الوفي الأستاذ الدكتور فياض القضاة/ عميد كلية الحقوق السابق، وواحدة من الزميل الوفي الأستاذ الدكتور زياد الحوامدة/ عميد كلية التأهيل، وجميعها تحمل عبارة مبارك الأستاذية المستحقة ومرسلة بالفترة الزمنية بين الثامنة والثامنة وعشر دقائق صباحا، حيث انهمرت دموع الفرح بصورة عفوية، دموع الانتصار بعد معركة قهر ظالمة مع جيش من الأقزام الحاقدين، الذين تعمدوا رصف العقبات وتفصيل الأذية، وبعد أن استقرت أعصابي وفرحتي تترجم ثورة النصر، بادرت بالإتصال الهاتفي بوالدتي السيدة منيرة مارديني وشقيقتي إكرام لنقل الخبر السعيد، ثم اتصلت بزوجتي المهندسة ريندا غريب وأبنائي فرح ورند وموسى، وبقية أفراد عائلتي الصغيرة في الحصن والولايات المتحدة.
لا يمكنني ترجمة أجواء السعادة التي تتلحفني منذ حصولي على «الأستاذية»، هذا اللقب الأكاديمي الجامعي الذي ترجم جهودي العلمية والبحثية، بل وترجم أمنيتي الشخصية التي كافحت لأجل الحصول عليها فصرفت من سنوات العمر باحثا وكاتبا ما يقارب أربعين عاما لهذا الهدف، ومثال حي على ترجمة الأحلام لأصحابها إن هم سعوا لذلك، فاللقب الأكاديمي يمثل الانجاز الوحيد بمسيرة الفرد الذي يعتمد على نشاطه وعطائه وقدرته على البحث والتجديد والابتكار بمجال تخصصه، وبذات الوقت فهو الوحيد الذي لا يمكن شراؤه أو امتلاكه بالقدرات المادية أو المساعدات من الغير، أو استخدام ثقافة وسلاح الواسطة والمحسوبية، أو الاعتماد على أمجاد وراثية، خصوصا ضمن نظام الترقية الحازم الدقيق المتبع في الجامعة الأردنية وبشروط محددة تعتمدها، لأنه بواحد من أبجديات الجامعة الأم يتمثل بمثالية السلوك ليكون عبرة وأنموذجاً لاقتداء الآخرين، وربما ما يميز ترقيات الجامعة الأردنية درجة السرية الكاملة بمراحل التقييم بخطواتها الداخلية أو الخارجية منها بمرحلة تقييم الأبحاث العلمية المقدمة من قبل متخصصين بمجالاتها، يتم اختيارهم بدقة وسرية من قائمة تُختزن بلمفات الرئاسة ولا يمكن الاطلاع عليها أو حتى الاقتراب منها بأي وسيلة كانت، فالحصول على لقب الأستاذية مشوار ممتد عبر سنوات العمر، يرصف بالتعب ويروى بعرق السهر، يحتاج لخطة حياتية مُحْكَمةٍ لا يمكن العبث بفقراتها أو حروفها، تمثل بواحدة من نتائجها الالزامية ضرورة الاضافة بالمعرفة في حقلها وهي تعكس جهود الابداع بتناسب طردي لدرجة استخدام خلايا الدماغ للفرد بوظائفها بتناسق وترتيب يمكنها من براءة الاختراع، وأدرك جيدا أنني لست الوحيد الحاصل على هذه الرتبة، فهناك زملاء قذ سبقوني بمختلف حقول المعرفة، وأدرك أيضا أنني لن أكون الأخير في القائمة، فمجال البحث والنشر والاجتهاد شامخ وجاذب بأبواب مفتوحة، ولكنني أدعي لنفسي أنني قد سجلت تاريخ ولادة جديداً لولادة متعسرة بسبب طريق الكفاح الطويل وعثراته بهدف تأخيري عن الانظمام لمنظومة العلماء وهنا أكون قد برهنت وأثبت.
نعم! منذ صدور قرار مجلس العمداء الموقر في الجامعة الأردنية بتاريخ 2019/10/14 بترقيتي لرتبة الاستاذية، وأنا أعيش حالة فريدة من السعادة المقرونة بالفرح بعد استعراض شريط حياتي بترجمة حلم نُقشت حروفه الأولى بأيقونة العمر بتاريخ 1977/10/10 عندما دخلت كلية الطب بجامعة القاهرة، وتجددت معالمه بتاريخ 1988/07/01 عندما قُبلت بالدراسات العليا في الجامعة الأردنية بتخصص النسائية والتوليد، ثم خُلدت فقراته بالعزم على بُردى العمر بتاريخ 1993/01/03 عندما عُينت مساعداً للتدريس بكلية الطب تمهيدا للايفاد؛ الخطوة الفعلية الأولى بالمسار الجامعي الأكاديمي، وأصبح جزءاً من الواقع عند ابتعاثي بتاريخ 1996/06/29 ،فكان لي شرف التعيين برتبة أستاذ مساعد بتاريخ 1998/09/23 بعد عودتي وانهاء متطلبات التخصص الفرعي بجراحة الأورام النسائية في جامعة سيدني/ استراليا، ومن ثم ترقيت للرتبة التالية وهي أستاذ مشارك بتاريخ 2008/04/21 بعد فترة تأخير قصرية لمدة خمس سنوات عمرية ضمن مخطط فاشل كعرابينه ورعاته لتعطيل مسيرتي، وأخيرا، ترقيت لرتبة الأستاذية بعد المحاولة الثالثة ضمن قوانين الجامعة الصارمة بهذا الخصوص والمتعلقة بمنح الدرجات العلمية الأكاديمية بهدف المحافظة على المستوى المتقدم الذي يليق بالجامعة ومركزها العالمي وترتيبها بين أفضل الجامعات لأن الترقيات العلمية تعتمد أساسا على البحث العلمي وأوصول المعرفة شريطة نشر تلك الأبحاث بمجلات علمية محكمة والمصنفة بالدرجة الأولى وتعتمدها الجامعات العالمية المرموقة التي تصنع العلماء والمخترعين، فيكون لهذه الأبحاث نصيب وافر من الاستشهادات بالأبحاث المتعلقة بمجالاتها، فهناك معادلة تناسب طردي بين قيمة البحث وأهميته وبين عدد الاستشهادات التي استخدم فيها مقرونة بترتيب المجلة المتخصصة التي نُشر فيها البحث العلمي، رحلة عشق طويلة سأوثقها عبرة للجيل القادم، وسعادتي تتجلى اليوم حيث نشرت لتاريخه منذ ترقيتي ثلاثة أبحاث وصنوهم بطريقه للنشر وللحديث بقية.