عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Feb-2021

انتخابات 61.. وبايدن لم يهاتف نتنياهو لغاية اليوم

 الغد-يديعوت أحرنوت

 
بقلم: ناحوم برنياع
 
5/2/2021
 
حاضرت تسيبي لفني في نهاية كانون الأول في الزوم لمنتدى 555، دائرة سياسية من مؤيدي الوسط-اليسار. وعرضت على سامعيها صيغة متدرجة للتصويت في الانتخابات: بداية نسأل من مع ومن ضد نتنياهو. الأحزاب المؤيدة لنتنياهو تشطب. في المرحلة الثانية نسأل من مستعد لأن يجلس مع نتنياهو ومن يرفض: هذا يشطب من القائمة حزبا آخر أو اثنين. في المرحلة الثالثة نسأل مَن مِن الأحزاب مع إسرائيل يهودية وديمقراطية. وهذا يشطب من القائمة حزب جدعون ساعر. فأعضاؤه عملوا على قانون القومية؛ ورفضوا أن يدرجوا فيه تعهدا بالمساواة كما تفترض وثيقة الاستقلال. “بين الأحزاب المتبقية، ستصوتون للحزب الذي تتفقون معه، حزب يقوده أناس تؤمنون بهم”، قالت. “لا معنى لحجم الحزب، أنا أعرف هذا من تجربتي، فقط لحجم الكتلة”. اذا تبنينا طريقة لفني، فيتبقى لمصوتي الوسط-اليسار أن يتردووا بين ثلاثة أحزاب -يوجد مستقبل، العمل وميرتس. ربما أيضا أزرق أبيض، إذا لم يختفِ حتى الانتخابات.
لفني سترقب الانتخابات من الخارج: المفاوضات التي أجرتها مع يئير لبيد انتهت بلا شيء. هي من تطلب مقعدا مضمونا. أملت في أن يؤدي انضمامها الى خروج ما تسميه “معسكرنا” من الاكتئاب الذي يعيشه، وأن تعيد الحماسة. وتوصل لبيد الى الاستنتاج بأنه يمكنه أن يتدبر بنفسه من دونها. ويحتمل أن يكون محقا: فهو يعد في هذه اللحظة الزعيم المعروف، المصداق، الواثق. خائبو أمل أزرق أبيض ممن توقفوا لدقيقة لدى بينيت ولدقيقتين لدى ساعر سيشعرون براحة أكبر في موقفه.
العمل وميرتس سيكافحان في سبيل حياتهما حتى صندوق الاقتراع. سقوط أحدهما الى تحت نسبة الحسم، والأخطر كلاهما، سيقرب كتلة نتنياهو من الـ61 المنشودة. حاول بعض من شيوخ المعسكر في الأسابيع الأخيرة دفع الحزبين الى قائمة مشتركة، كتلة فنية يحررهما من ربقة نسبة الحسم. فشلت المحاولة. وكل طرف يعلق الذنب بالطرف الآخر. نيتسان هوروفيتس من ميرتس يدعي أنه طلب التفاوض فرفض؛ ميراف ميخائيلي من العمل تدعي بأن الرافض والمتملص كان هوروفيتس.
قائمة المرشحين التي انتخبت في العمل تبدو كقص -لصق لقائمة المرشحين في ميرتس: هناك حاجة الى مجهر كي تميز الفروق. تعمل ميخائيلي بأن تعيد بناء العمل كحزب كبير، حزب وسط، شقيق لميرتس، ولكنها تحرص على السكن في شقتين منفصلتين. في المدى البعيد قد تكون محقة ولكنها ليس مؤكدا أنها ستنجح في المدى القصير. هوروفيتس أعلن بأنه ليس له اهتمام بالارتباط حين بات العمل يعد حصانا ميتا. وقد وقع في خطيئة الاعتداد الزائد والعمى السياسي. فلم يتمكن من رؤية الوليد.
هل يوجد معنى لكل الأسماء التي تأتي بعد رئيس القائمة؟ نعم ولا. لا، لأن الناخب لا يهمه حقا من هو رقم اثنين ومن هو رقم ثلاثة. فهو ينتخب الحزب ورئيسه. نعم، لأن المجموع أيضا يقول شيئا ما. عندما أقام رفائيل ايتان، رافول، حزب تسومت، أسموه البيضاء والأقزام السبعة. وفي نهاية الأسطورة إياها صفى الأقزام البيضاء.
قائمة حزب العمل، من رقم 3 فأدنى، هو مثال جيد. يوجد فيها حسن؛ ينقصها وزن. رون خولدائي وعوفر شيلح كان يمكنهما أن يكثفاها، كل ومزاياه. ولكن أيا منهم لا يسعده أن رقم 2: خولدائي لأنه لم يجرب ذلك، وشيلح لأنه تحت لبيد جرب ذلك أكثر مما ينبغي، جرب وانطفأ. لكل واحد منهم توقعاته، شروطه، اضطراراته. لقد اضطرت ميخائيلي لأن تتخذ قرارات قاسية في وضع صعب، دون وقت للتردد: فالساعة تدق.
عندما سيترسب الغبار وراء قطار القوائم ستعود الدراما الى حجومها الطبيعية. مع كل الاحترام للمرشحين، فليسوا هم قصة هذه الانتخابات. صراع الانتخابات يتلخص كله في رقم واحد: 61. 61 لإغلاق ملفات نتنياهو أو 61 لمواصلة حكم القانون؛ 61 للديمقراطية أو 61 لبيبيقراطية.
في نظري كان الحديث المهم هو دور نتنياهو الكاسح في ارتباط سموتريتش وبن غبير. الارتباط نفسه طبيعي. سموتريتش يسند مجرمي تدفيع الثمن بأثر رجعي. أما بن غبير فيؤيدهم مسبقا. الاختلاف الأخلاقي بينهما يقاس بالميلليمترات. ولكن يوجد معنى لا بأس به لحقيقة أن رئيس وزراء إسرائيل استغل قوة منصبه، أعطى وعودا تقترب من رشوة الانتخابات، ضغط وأقنع، من أجل ماذا؟ من أجل خطوة تستهدف إدخال الكهانيين الجدد الى الكنيست.
يُعرف السياسي بفعله الأكثر تطرفا. مثلما يعرف ترامب بالتأييد الذي أعطاه ويعطيه لميليشيات فاشية، يعرف نتنياهو بالرعاية التي يعطيها لخلفاء كهانا. في أميركا انتهى هذا بهجمة إرهابية على مجلس الكونغرس.
نتنياهو ليس المذنب الوحيد. الصمت على خطوته مذنب بقدر لا يقل. بينيت، غير المستعد لأن يجلس مع بن غبير، مستعد لأن يجلس في حكومة بن غبير أحد وزرائها. هذه هي القوة المفسدة للعادة.
كان لنتنياهو نجاحان كبيران آخران في الطريق الى إغلاق القوائم: شق أو على الأقل إضعاف القائمة المشتركة وشطب البيت اليهودي. أما أزرق أبيض فكان قد حله قبل ذلك: وهو يبدأ حملة الانتخابات بالقدم اليمنى.
بايدن لا يهاتف
جو بايدن لم يرفع حتى اليوم الهاتف لنتنياهو. المكالمة التاريخية ستعقد على ما يبدو الأسبوع المقبل. وهي ستندرج ضمن سلسلة مكالمات المجاملات التي سيجريها بايدن مع زعماء في الشرق الأوسط. نتنياهو؛ نتنياهو والرئيس إردوغان. الموعد هو الرسالة. فالبيت الأبيض يريد أن يقول للإسرائيليين بعامة ورئيس وزرائهم بخاصة: أنتم حلفاء، أنتم هامون في نظرنا ولكن ما كان لن يكون. الثقة بكم لن تعطى تلقائيا؛ ولا الخط المباشر الى إذن الرئيس. أثبتوا أنكم جديرون بالثقة وبعدها نرى.
الكثير من المشاعر توجد في إدارة بايدن تجاه إسرائيل. من جهة التزام عاطفي عميق بأمن إسرائيل كما يرونه؛ من جهة أخرى غضب على كل ما فعله بهم نتنياهو في عهد أوباما. نتنياهو يتماثل في الحزب الديمقراطي مع ترامب: كلما نزلنا الى مستوى أدنى وأوسع في السلم الحزبي، هكذا تكون الضغينة أكبر. وهي تشمل غير اليهود واليهود. لقد حذر أميركيون وإسرائيليون نتنياهو من أن ترامب لن يبقى الى الأبد. أما هو فرفض أن يسمع.
هذا لا يمنع نتنياهو من أن يتولى منصب رئيس الوزراء: إسرائيل ليست جمهورية موز. ولكن هذا يجعل إعادة الثقة مهمة أكثر تحديا. إسحق رابين اجتاز دون دور الانتقال من إدارة بوش الأب الى إدارة كلينتون. وكانت المشكلة المستوطنات. الرئيسان ورابين سعوا الى أهداف مشابهة. ليس هكذا في موضوع إيران.
روب مالي، 58، عين الأسبوع الماضي في منصب المبعوث الأميركي الخاص الى إيران. كان مالي ممثل إدارة أوباما في المفاوضات التي انتهت بالتوقيع على الاتفاق النووي مع إيران في 2015. التعيين ليس صدفة. فهو يعبر عن تطلع بايدن لإعادة أميركا الى الاتفاق. الطاقم ذاته، الفكرة ذاتها التي تقول محظور السماح لإيران بالوصول الى القنبلة ولا يوجد سبيل لعمل ذلك إلا بوسائل دبلوماسية.
مالي أعرفه وأقدره. التقيت به لأول مرة في 1996، عندما كان العضو الأصغر في طاقم السلام لدى كلينتون. التقينا عندما كان موظفا في الإدارة وأدى وظائف كبيرة في معاهد بحث. ونحن صديقان. سيرته الذاتية استثنائية. أبوه، شمعون مالا، كان يهوديا مصريا، شيوعيا، صحفيا وإحدى الشخصيات البارزة في عصبة اليهود الذين أيدوا جبهة تحرير الجزائر. وكان في العصبة أيضا أريك رولو، الصحفي الأبرز في فرنسا. ورثى مالي اهتمام والديه بالعالم العربي والإسلامي. قليلون يعرفون الشرق الأوسط وإسرائيل مثله. مقالات كتبها في المسألة الفلسطينية لم توفر النقد عن إسرائيل. يخيل لي أنه كلما كبر في السن، اتجه نحو الوسط. فقد تبنى نهجا براغماتيا، يسعى الى الحل. هو رجل عمل. قبل بضع سنوات جاء الى البلاد مع زوجته وأبنائه الثلاثة. كانت هذه زيارة لغرض التعلم. تجولوا في البلاد وفي الضفة. التقوا بالناس، وسجلوا انطباعاتهم. قدرت انفتاحه، رغبته في التعلم والتعمق.
هاجم بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين اختيار مالي بدعوى أنه مناهض لإسرائيل. أعتقد أنهم مخطئون بحقه. هوة تفصل بين بايدن ونتنياهو في مسألة النووي الإيراني. وهي ما يجب أن تعالج.
بايدن مقتنع بان أميركا ملزمة بأن تعود الى الاتفاق. هذه هي السياسة التي يوليها على طاقم المفاوضات. إسرائيل تتحدث بأصوات عدة. رئيس الأركان أفيف كوخافي يعتقد أنه يوجد وقت. ومحظور التوجه الى اتفاق لا يلبي كل مطالب إسرائيل. وفي هذه الأثناء على إسرائيل أن تستثمر في استئناف الخيار العسكري. رئيس الموساد يوسي كوهن، مثل معلمه وسيده مئير داغان يؤمن بالعمل السري. كوهن سيعين مدير المشروع الإسرائيلي في الموضوع الإيراني. وهو يعمل في هذا المنصب منذ الآن.
نتنياهو ارتكب في الموضوع الإيراني كل الأخطاء الممكنة. فالصراع الصاخب الذي خاضه ضد الاتفاق بما في ذلك خطابه البائس أمام مجلسي الكونغرس لم يحبط الخطوة بل العكس خلف رواسب قاسية في قيادة الديمقراطيين. وأفترض أنه عميقا في قلبه يعرف أن هذه الأخطاء لا يمكن تكرارها مرتين.
الأميركيون هم أيضا يرتكبون وسيرتكبون الأخطاء. الإيرانيون أكثر تصلبا وتجربة منهم في المفاوضات. ومع ذلك، فهم أكثر وعيا اليوم مما كانوا قبل ست سنوات. وسيتعين على يوسي كوهن أن يمارس عليهم سحره: من دون ضجيج، من دون نشر، من دون حروب علنية.