عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Nov-2019

ذكاء المسافة بين الأزواج.. حياة تتجدد وخلافات تتضاءل

 

مجد جابر
 
عمان -الغد- “الحب هو ذكاء المسافة. ألّا تقترب كثيراً فتُلغي اللهفة، ولا تبتعد طويلًا فتُنسى”.. تلك المقولة للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي خطتها في إحدى رواياتها، لتنقل في كلمات قليلة ما تحتاجه العلاقات دائما من “ذكاء” بالتعامل، وصولا لاحساس بالسعادة.
سعي الأزواج نحو تحقيق السعادة الزوجية لا يأتي من فراغ، إنما تحتاج لإصرار من قبل الطرفين، وقدرة على تجاوز الخلافات الصغيرة وتخطي العقبات وفهم احتياجات الآخر رغبة في الاستمرار وتحقيق التوازن في العلاقة.
ووفق مختصين، فإن من الأهمية إعطاء المساحة للطرف الآخر، وهو بذات الوقت يولد حالة من الاشتياق بين الطرفين ويبعد الروتين عنهما، بل ويجدد الحياة بينهما.
حالة من الملل والضجر يشعر بها مهند عبدالله الذي لم يمر على زواجه أكثر من عامين، والسبب هو أن زوجته تصر دائما على مرافقته بأي مكان يرغب في الذهاب اليه، وتغضب كثيرا عندما يقرر الخروج مع اصدقائه، وحتى بزياراته العائلية لا تقبل إلا أن ترافقه، وهو الأمر الذي أوجد لديه حالة من الغضب جعلته يرغب في قضاء وقت بمفرده يشعر فيه بنوع من الراحة والخصوصية.
عدم تفهم زوجته بأن الزوج يحتاج احيانا أن يكون بمفرده، دفعه في أحد الأيام أن يقوم باخبارها بأنه “مناوب” في عمله، ويقنعها بأنه لا بد من أن تقضي هذا اليوم عند أهلها، إذ استغل هذه الفرصة وعاد ليقضي هذا اليوم في بيته بمفرده دون أن يقوم بعمل شيء سوى الشعور ببعض الحرية وأنه يملك وقتا خاصا لنفسه.
ويضيف مهند بأنه يشعر بتأنيب الضمير على ذلك لأنه قام بالكذب عليها، غير أنه “يقنع ذاته” بأنه حاول مرارا وتكرارا أن يوصل لها فكرته إلا أنها رفضت حتى الاستماع، خصوصا أنها لا تقبل أبدا بوجود مساحة وحرية بين الطرفين.
سناء محمود هي واحدة أخرى تعترف بحبها الشديد لزوجها وسعادتها بعد الارتباط به، كانت تعتقد أنه سيغنيها عن أي شيء في الدنيا، غير أن انفصالها التام عن محيطها الخارجي وصديقاتها، أثر عليها كثيرا.
سناء تدرك حب وتعلق زوجها بها فهو لا يحرمها من شيء، لكنه يرفض خروجها مع صديقاتها بتاتا، وحتى عندما تذهب لزيارة أهلها يقوم بمرافقتها، ولا يتركها تقوم بأي زيارة أو نشاط اجتماعي بمفردها، لذلك بدأت تشعر بالضجر، فهي تحتاج أن تزور صديقاتها واقاربها أو الخروج معهم دون مرافقة، لكنه يرفض ذلك، رغم محاولات اقناعه.
بدأت سناء تشعر بوحدة كبيرة وبأنها منقطعة تماما عن العالم الخارجي وأن حياتها في الماضي كانت أجمل بعيدا عن “الروتين” الذي تعيشه الآن، وعدم تفهم زوجها لها ولاحتياجاتها.
وبلغ إجمالي عدد عقود الزواج العادي والمكرر المسجلة لدى المحاكم الشرعية 70734 عقداً خلال العام 2018، بانخفاض نسبته 9 في المائة عن العام 2017، والذي سجل فيه 77700 عقد، في حين كان عدد العقود المسجلة في 2016 لدى المحاكم الشرعية في مختلف المحافظات 81343 عقداً.
وكانت قد كشفت دائرة قاضي القضاة، عن تراجع عدد عقود الزواج المسجلة في المحاكم الشرعية خلال العام 2018 بمعدل انخفاض 20 عقداً يومياً عن العقود المسجلة في 2017، و30 عقداً يومياً عن 2016.
دكتورة الإرشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية، سلمى البيروتي، تشير إلى أن ذكاء المسافة بين الأزواج أمر مهم جدا، ولا يجب تجاهله، مبينة أن كل طرف من الطرفين لا بد أن يدرك أن الزواج لم يتم لكي يحدد الآخر ويضعه ضمن قالب محدد وتوقعات يريدها هو.
لذلك، لا بد من أن يتم مناقشة هذا الأمر قبل الزواج حتى تتضح كمية المساحة لدى كل واحد منهما، مبينا أنه لا بد من أن يكون لدى الأزواج نشاطات مشتركة يقضونها سويا، لكن بذات الوقت أن يكون لدى كل طرف مساحة خاصة به وهو ما يسمى بالميزان الخاص بالحاجات الأساسية، هذا كله لا بد من الاتفاق عليه قبل الزواج، وفق البيروتي.
وتؤكد البيروتي على أن ضغط الشخص على الطرف الآخر أمر خاطئ جدا، ولا بد من ان يعطى كل شخص مساحة يشعر من خلالها بوجود متنفس لهذه العلاقة، ولا بد من أن يكون هناك دائرة من العلاقات والاصدقاء وفي نفس الوقت يكون الشريك مطمئن لهذه الدائرة، حتى لا يفتح بابا للمشاكل لاحقاً.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة أنه من المفاهيم الخاطئة أن الزواج “دائرة مغلقة” يقوم من خلالها الأشخاص بالغاء محيطهم كاملا، بحيث يصبح كل واحد منهم هو محيط الآخر، وهو الأمر الذي يخلق حالة من الملل والضجر بين الزوجين.
ويلفت مطارنة إلى أن كل شخص له كيانه المستقل وحياته ونشاطاته، مبيناً أن الزواج يشكل حالة خاصة لها قدسية ومتطلبات وحقوق وواجبات، فالرجل والمرأة كلاهما له عمله، حياته، أصدقائه، لذلك لابد من وجود دائماً هذه المساحة بين الطرفين.
ويعتبر مطارنة أن الأصل في العلاقة الزوجية هي الثقة، والعلاقة يجب أن تكون راقية بمستواها الفكري، لذلك عندما يكون لكل شخص انشغالاته يصبح وجودهما معاً بمثابة فرصة لمشاركة تفاصيل ما حدث معهما، وهو بنفس الوقت يولد حالة من الاشتياق بين الطرفين.
ويعتبر مطارنة أن “الاجازة الزوجية” أمر مهم تتجدد من خلالها العلاقة والحياة الزوجية، مبيناً أنه مهما اعتبر الطرفان أن الدائرة المغلقة هي الأسلم والأفضل ستكون في النهاية النتيجة سلبية ومملة.