الدستور
لم تقم القيامة التي ترقبها البعض أو توقعها. بل ولن تشتعل حرب عالمية ثالثة بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني بصواريخ أمريكية قرب مطار بغداد، وسيعود الذهبان الأصفر والأسود إلى استقرار الأسعار في ظرف يومين. فمعنى أن الرد سيكون في المكان والزمان المناسبين، هذا لا يعني حسب ما تفهمه ذاكرتنا الجمعية إلا أنه إبشر بطول سلامة يا ترمب.
ولربما يكون أن نشر صورة يد سليماني المبتورة والمختمة بخاتم ياقوت مميز، تشير إلى البدء الفعلي والعملي بتقليم اليد الإيرانية التي طالت ونالت في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان والعالم. ولكن هذا الرأي يحيلنا إلى سؤال مدبب مخاتل معروف الجواب، وهو لماذا تأخر الأمريكان في هذا الإجراء؟ لماذا انتظروا حتى تشرد السوريون وتشظى اليمن وغرق العراق.
يبدو أن السياسة الأمريكية ما زالت تقتفي أثر المسالخ وطرائق الجزارين، وتتخذ من تعاملهم مع الذبيحة فلسفة عمل لها ونهج. أي إستراتيجية النفخ قبل السلخ. فالجزار ولكي يسهل عليه سلخ جلد الخروف عقب ذبحه ينفخه بشكل مفرط، ويملؤه هواء حتى يتضخم. وكذا فعلت وتفعل أمريكيا مع كثير من أعدائها، فهي وعلى دار السنوات الثلاثة الماضية عمدت إلى النفخ والتضخيم في المسألة الإيرانية، ولربما حان حين السلخ.
الفضاء الازرق (فيسبوك) كعادته في كل الملمات والحوادث المماثلة تشظى وانقسم بين شامت وشاتم، وبين مادح وقادح. وبين متشف وناقم. وظهرت أطياف من الرح والترنح. فمنهم من رحب بمقتل سليماني وعده ربحا للإنسانية وإنصافا وعدالة ربانية، ومنهم من تمنى أن لو كان مقتله بيد عربية. ومنهم من قال إنه نفق كما ينفق الطغاة في غزواتهم. ومنهم من ذكرنا بيده الحمراء في مخيم اليرموك، ومعرة النعمان، وحلب وبغداد واليمن.
ولأن السياسة بنت كلب كما يقول صديق مسن، فإنه علينا أن نقرأ الرسالة الأمريكية جيدا من عملية الاغتيال. ليس أن قرار التصفية أصدره ترمب وهو يلعب الغولف، ولا لأنه غرد بعده قائلاً أن العملية كان عليها أن تكون في وقت أبكر. بل علينا أن نلمح الدية الخفية التي بعث إلى الإيرانيين تحت سجادة السويسريين. فهي تشير إلى أن الخسارة على الأرض قد يعوضها ربح في المفاوضات. وها نحن ننتظر.