عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jul-2020

الانفجارات أعاقت البرنامج النووي الإيراني لأكثر من سنة - بقلم: عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
سواء كانت التقديرات أن إسرائيل تقف وراء الانفجار صحيحة أم لا، فان الضرر الذي وقع في منشأة إنتاج أجهزة الطرد المركزي سيؤدي الى تأخير لأشهر وربما لسنوات للبرنامج النووي الإيراني. ومهما كان الأمر، فانهم في إسرائيل في أقصى حالات التأهب للرد، بما في ذلك بواسطة هجوم سايبر – المصدر).
سايمون هندرسون هو باحث مخضرم وأحد اعضاء معهد واشنطن لابحاث الشرق الاوسط. في مقال نشره أول أمس في موقع “ذي هيل” الأميركي قدر بأنه “يبدو أن هناك نوعا من الحرب النووية قد بدأت في الشرق الاوسط”. أشخاص كثيرون، كتب هندرسون، يقدرون بأن إسرائيل هي التي وقفت وراء الانفجار في منشأة أجهزة الطرد المركزي في نتناز في يوم الخميس الماضي. صور الاقمار الصناعية من الموقع تدل على أن المنشأة التي فيها تم إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتطورة، قد دمرت في اغلبها خلال الانفجار.
الايرانيون يعتمدون اليوم على أجهزة طرد مركزية قديمة من نوع “آي.آر1” لتخصيب اليورانيوم. ولكن هذه الأجهزة لا تكفي من أجل تخصيب يورانيوم بمستوى عال يتناسب مع انتاج قنبلة نووية. التقدير الاستخباري، كتب هندرسون، يقول بأن إيران بدأت مرة اخرى في انتاج اجهزة طرد مركزية متطورة أكثر من نوع آي.آر 2، المطلوبة لهذا الغرض.
بعد الانفجار، قدر هندرسون، فان منشأة الإنتاج هذه لم تعد تستطع أن تستخدم لهذا الغرض – ومشكوك فيه إذا كان يوجد لدى إيران أي بديل. البرنامج النووي الإيراني تم تأخيره لأشهر، إذا لم نقل لسنوات. هذا التقدير يشبه في جوهره تقديرات مشابهة اقتبست من رجال استخبارات مختلفين مؤخرا، والتي تراوحت بين سنة – سنتين.
بين الأعوام 2009 – 2013 جرى نقاش صاخب في القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو دعا في حينه إلى هجوم إسرائيلي على منشآت نووية في إيران. نتنياهو الذي عمل طوال معظم هذه الفترة بدعم من وزير الدفاع اهود باراك ووجه بمعارضة كاسحة من رؤساء أجهزة الأمن في إسرائيل.
الخلاف تركز في نموذج العملية التي تم اختيارها – مهاجمة جوية صاخبة بحيث لا يكون بالامكان الحفاظ على مسافة للتنصل منها. كبار ضباط الجيش الإسرائيلي والموساد والشباك خافوا من أن الهجوم سيؤدي فقط الى تأجيل المشروع النووي لفترة قصيرة نسبيا؛ وأنه يمكن أن تتعقد العملية بحيث تؤدي الى حرب مع إيران وحزب الله، ستتضرر فيها بصورة شديدة الجبهة الداخلية الإسرائيلية؛ هكذا، ستتسبب بشرخ غير قابل للالتئام مع ادارة براك أوباما في واشنطن. والنهاية معروفة: نتنياهو تراجع والهجوم تم تأجيله. في العام 2015 قاد الرئيس اوباما توقيع الاتفاق مع إيران حول تجميد برنامجها النووي.
اليوم يجلس رئيس آخر في البيت الأبيض هو دونالد ترامب. واذا كان هندرسون والآخرون على حق فان إسرائيل تقريبا عن علم أو بدعم أميركي، وجدت حل يتجاوز هذه المشكلة، ازاء التقدم الايراني الجديد نحو القنبلة النووية. بدلا من هجوم جوي بصورة واضحة حدث انفجار خفي لا يظهر تماما سلسلة القيادة التي تقف خلفه. الضرر الذي حدث هو نفس الضرر – لكن الثمن يمكن أن يكون أقل بكثير. هذا بالتأكيد لا يشكل نهاية للمشروع النووي، المنتشر بصورة متعمدة في مواقع كثيرة، بعضها يوجد عميقا تحت الارض. ولكن ربما يكون قد تضرر هنا شريان رئيسي.
حسب رجال استخبارات في الشرق الأوسط وفي الغرب، الذين تم اقتباسهم في “نيويورك تايمز” فان الانفجار في نطنز ليس نتيجة هجوم سايبر، بل نتيجة قنبلة تم تهريبها الى داخل المنشأة. من عمل هناك حقق إنجازا ثلاثيا: توقيت مناسب، قبل أن يتم ادخال أجهزة الطرد المركزي المتطورة الى منشأة تحت أرضية محمية، معلومات استخبارية متطورة وقدرة عملياتية نادرة. هذا الأمر يقتضي بنية تحتية عميقة مثيرة للانطباع. فقط قبل سنتين ونصف نشرت إسرائيل علنا وبصورة نادرة إنجازا موازيا في طبيعته – سرقة الارشيف النووي الإيراني في عملية معقدة للموساد.
حالة تأهب قصوى
الانفجار في نطنز كان هو الحادث الرئيسي في سلسلة انفجارات وحرائق حدثت في إيران على مدى أسبوع. سلسلة غامضة من الأحداث اصيب فيها حسب التقارير منشأة لانتاج الصواريخ وعيادة ومصنع ومحطة لتوليد الطاقة، في مناطق مختلفة وبعيدة في ارجاء الدولة. إسرائيل لم ترد رسميا على أي نشر. نتنياهو تجاهل سؤال حول ذلك في مؤتمر صحفي الخميس الماضي. وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل، بني غانتس، قال إن إسرائيل لا تقف بالضرورة من وراء كل حدث في المنطقة.
وقد تولد الانطباع بأنه ليس بالضرورة أن تكون هناك علاقة ملزمة ومسؤولية مشتركة عن جميع الأحداث. ولكن تسلسل الأحداث المدوية خلق ضغطا على النظام في طهران من اجل أن يرد. ايضا هكذا هو وضعه صعب – العقوبات الاقتصادية التي تقودها ادارة ترامب شلت الاقتصاد في إيران، ووباء الكورونا وازمة النفط فعلت فعلها. وطهران لم تنجح بعد في الرد على اغتيال أميركا للجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني (يناير) الماضي في بغداد.
في نهاية الأسبوع ذكر رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال احتياط عاموس يادلين، ردود إيرانية محتملة منها هجوم سايبر مثل الذي تم احباطه قبل شهرين عندما حاول الإيرانيون المس ببنية المياه التحتية في إسرائيل – واطلاق صواريخ من سورية. ايضا مؤخرا يتم في إسرائيل الحفاظ على أقصى حالات التأهب التي تشمل استعدادا لهجمات سايبر.
في السابق كان سليماني هو الذي قاد عدة محاولات رد فاشلة، بواسطة اطلاق صواريخ من سورية بعد هجمات إسرائيلية مكثفة ضد اهداف ايرانية في الاراضي السورية. ايضا قبل أسبوعين وقع هجوم جوي واسع على الأراضي السورية، الذي نسب لإسرائيل، وفيه اصيبت حسب ما نشر مخازن سلاح وقواعد إيرانية.
في أيلول (سبتمبر) 2019 أظهرت إيران قدراتها المدهشة عندما هاجمت مواقع لصناعة النفط السعودية بصورة دقيقة بمساعدة صواريخ كروز وطائرات بدون طيار. ولكن هذه كما يبدو وسائل قتالية يجب الترويج لها لمدى اقرب الى إسرائيل من اجل تهديدها بمساعدتها. يمكن الافتراض أن الاستخبارات الإسرائيلية تتابع كل حركة كهذه من اجل الاستعداد وفقا لذلك.
حتى قبل اسبوع، انشغلوا هنا بصورة مكثفة بامكانية أن يقود نتنياهو عملية ضم في الضفة الغربية، بحيث تؤدي الى توتر اقليمي. في هذه الاثناء يبدو أن الضم دخل الى التجميد، لكن درجة الحرارة الاقليمية ما زالت ترتفع. وهذا يحدث بسبب التوتر بين إيران وإسرائيل حيث توجد في الخلفية ازمة اقتصادية غير مسبوقة في لبنان. حزب الله يقع تحت ضغط عام شديد، احتكاك عسكري مع إسرائيل يبدو الآن وكأنه الأمر الأخير الذي يحتاجه أو يريده سكرتير عام حزب الله، حسن نصر الله. ولكن ليس دائما يمكن توقع اتجاه التطورات.