الإدارة الأميركية لا تعتبر الاستيطان في منطقة "ج" انتهاكا للقانون
الغد-نادية سعد الدين
خلافا لتصريحات الإدارة الأميركية التي تؤكد رفضها ضم الاحتلال للضفة الغربية أو أجزاء منها، إلا أن التزامها الصمت حيال الأنشطة الاستيطانية غير المسبوقة واستيلاء المستوطنين على الأراضي الفلسطينية المحتلة وطرد سكانها منها، يشكل غطاءً سياسياً ويشجع الحكومة المتطرفة على المضي قدماً في مشروعها الاستيطاني بدون مساءلة دولية.
ويُعد قرار الإدارة الأميركية بإلغاء جميع العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة على مستوطنين وجماعات استيطانية متطرفة أحد أبرز أسباب انتشار عنف المستوطنين على نطاق واسع في مختلف أنحاء الضفة الغربية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعكّست ثلاثة شواهد وقعت مؤخراً حقيقة السياسة الأميركية من الاستيطان، حينما زعم السفير الأميركي لدى الكيان المُحتل "مايك هاكابي" بأن بناء الاحتلال لـ 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية "لا يُعد انتهاكاً للقانون أو ضماً ولا إعلان سيادة، لكونها تقع في المنطقة "ج" وليس في مناطق خاضعة للسلطة الفلسطينية"، وفق مزاعمه التي تشكل تشجيعاً واضحاً للاستيطان على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وأردفت الإدارة الأميركية هذا الموقف بالتزام الصمت حيال زيارة قام بها وفد ضمّ نحو ألف "قس إنجيلي أميركي" لموقع أثري على تلة محاذية لمستوطنة "شيلو" في فعالية حملت رسائل سياسية ودعماً مباشراً لمطالب المستوطنين بفرض سيادة الاحتلال على الضفة الغربية.
وخلال التجمع الرئيسي في الموقع، خاطب القسّ "مايك إيفنز" المشاركين مُلوحاً بكتاب التوراة، وقال إن "هذه كلمة الرب؛ فالضفة الغربية هي أرض الكتاب المقدس، فلا تضغط على إسرائيل لتقديمها لأعداء اليهود"، بحسب مزاعمه، وفق ما ورد في تقرير المكتب الوطني الفلسطيني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.
وقد تزامن ذلك مع ترويج المستوطنين لمشاريع قوانين في 20 ولاية أميركية، من المتوقع طرحها للتصويت مطلع العام المقبل، وتنص على استخدام مصطلح "يهودا والسامرة" بدلاً من الضفة الغربية في وثائقها، حيث تم سن القانون في ولاية "أركنساس"، فيما يجري العمل على التشريع في ولايات أخرى، في ظل تحرك يقوده رئيس مجلس الاستيطان في شمال الضفة الغربية الليكودي "يوسي داغان"، لانتزاع اعتراف أميركي بـ"يهودا والسامرة"، وفق التقرير. واعتبر "المكتب الوطني الفلسطيني" أن الإدارة الأميركية تتواطأ مع حكومة الاحتلال، وتغضّ الطرف عن مخططاتها الاستيطانية المتواصلة، بما يشكّل غطاءً سياسياً لتصعيد الاستيطان.
وأشار إلى أن القانون الدولي والشرعية الدولية يقفان في مواجهة مشاريع الاحتلال الاستيطانية وممارسات المستوطنين، لافتاً إلى وثيقة الأمين العام للأمم المتحدة "انطونيو غوتيريش" التي أرسلها مؤخراً لأعضاء مجلس الأمن حول التوسع الاستيطاني غير المسبوق في الضفة الغربية، بما يزيد من ترسيخ الاحتلال غير الشرعي وانتهاك القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، داعياً إلى وقف فوري للنشاط الاستيطاني.
وطبقاً لمعطيات أممية، فقد تم "منذ بداية العام تهجير زهاء ألف شخص في المنطقة (ج) التي تشكل نحو 60 بالمائة من الضفة الغربية، وهي منطقة يحتكر فيها الاحتلال تقريبًا سلطة إنفاذ القانون والتخطيط والبناء".
ويأتي في هذا السياق، تنفيذ مخطط استيطاني جديد في منطقة الأغوار بهدف ترسيخ سيطرة الاحتلال عليها وتعزيز الاستيطان فيها، بالتزامن مع مخطط إقامة مستوطنة جديدة على أراضي مطار القدس الدولي شمال القدس المحتلة.
وقد اعتبرت محافظة القدس أن المخطط يشكّل تصعيداً خطيراً لسياسة الاستيطان، ويستهدف بشكل مباشر فصل شمال القدس المحتلة عن امتدادها الفلسطيني وضرب التواصل الجغرافي والديمغرافي الفلسطيني بين القدس ورام الله، وفرض وقائع استيطانية جديدة تقوض أي أفق سياسي قائم على حل الدولتين.
ويشتمل المخطط بناء نحو 9 آلاف وحدة استيطانية في قلب فضاء حضري فلسطيني كثيف، ما يشكّل تهديداً مباشراً للحيّز الحضري الفلسطيني المتكامل شمال القدس المحتلة، ويعمّق سياسة الفصل والعزل المفروضة على المدينة ومحيطها.
ويستكمل الاحتلال مخططه الاستيطاني بتخصيص ميزانية كبيرة لإقامة مشاريع استيطانية على أطراف حي جبل المكبر الفلسطيني في القدس المحتلة وسط منازل الفلسطينيين في الحي، عقب الاستيلاء على مساحات كبيرة من أراضي الفلسطينيين لإقامة مستوطنة "نوف تسيون" وبناء نحو 90 وحدة استيطانية في المرحلة الأولى، ومن ثم إضافة مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة في المرحلة الثانية، فيما تتضمن المرحلة الثالثة إقامة 140 وحدة استيطانية جديدة ومئات المشاريع الاستيطانية المرافقة لها.