عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Mar-2019

الموصل القدیمة.. قصة مدینة تأسر الروح
عمان-الغد- عند زیارتك مدینة الموصل (شمالي العراق)، لا سیما الجانب الأیمن من المدینة، تتراءى أمامك أزقة ضیقة ومنازل مھترئة یعود عمرھا إلى أجیال ماضیة، وبعضھا لمئات السنین، وبحسب (الجزیرة نت)، تخبئ ھذه الأزقة الضیقة بین جدرانھا تاریخ ھذه المدینة العریقة، وتسكنھا العائلات الموصلیة الأصیلة.
تقع المدینة القدیمة في الموصل على ضفاف نھر دجلة من الجھة الغربیة، إذ تحاذي المنطقة النھر على مسافة أربعة كیلومترات تقریبا.
وتعرف بأنھا قلب الموصل، الذي توسعت منھ المدینة لتكون المدینة العراقیة الثانیة في عدد السكان.
حازم محمود -أحد سكان الموصل القدیمة- یصف المنطقة القدیمة بأنھا منبع مدینة الموصل، ومنھا توسعت.
ورغم تعرض المدینة القدیمة لدمار كبیر إبان العملیات العسكریة بین القوات العراقیة ومقاتلي تنظیم الدولة الإسلامیة العام 2017 ،فإن محمود عاد إلى داره بعد نحو عام على انتھاء المعارك.
محمود -الذي یتجول یومیا في المدینة القدیمة- یرى أن روحھ معلقة بھذه المنطقة، إذ إن فیھا من التاریخ والعراقة ما یشده إلیھا ویجبره على عدم مغادرتھا.
ولد محمود وترعرع بین ھذه الأزقة الضیقة، ویقول للجزیرة نت إن تاریخ عائلتھ في ھذه المنطقة یمتد لأكثر من مئتي سنة.
تضم المدینة القدیمة عشرات المعالم التاریخیة الإسلامیة والمسیحیة والیھودیة، ولعل أبرز معلم تاریخي في المدینة ھو الجامع النوري الكبیر ومنارتھ الحدباء، التي بنیت في العھد الأتابكي، ودمرت عام 2017 خلال الحرب.
الحاج عمار حدید (ستون عاما) كان مؤذنا لسنوات طویلة في الجامع النوري الكبیر قبل تحولھ إلى ركام، ورغم فقدان عمار أحد أبنائھ في العملیات العسكریة، فیرى أنھ لا مكان یتسع صدره فیھ إلا في المنطقة التي ولد وعمل فیھا.
ویحكي حدید قصة المدینة القدیمة للجزیرة نت، قائلا إن أغلب من یقطنون الموصل حالیا ینتسبون لبیوتات المدینة، ومنھم عائلة حدید والدباغ وأفندي والجلبي والنقیب والباشا والأغوات وعشرات العائلات الأخرى.
ورغم تشابھ العمران في بیوتات المدینة القدیمة وأزقتھا، فإن حدید یؤكد أن بیوت العائلات الموصلیة كانت تتمیز بالإیوانات والقبب التي تختلف كل واحدة عن الأخرى بلمسات فنیة ومعماریة ما زال بعضھا واضحا للعیان.
ویأسف حدید على ما آلت إلیھ حال المدینة القدیمة في السنوات الأخیرة، نتیجة الإھمال الحكومي، وما تعرضت لھ المنطقة في الحرب الأخیرة.
أستاذ التاریخ في جامعة الموصل الدكتور أحمد قاسم جمعة یؤكد أن تاریخ الموصل القدیمة یعود إلى آلاف السنین، إذ إن الأبحاث التاریخیة كشفت عن أن منطقة القلیعات تضم تحتھا أولى القرى الزراعیة التي یعود تاریخھا إلى الألف السادس قبل المیلاد.
ورغم قدم الموصل، فإن جمعة یرى أن المنطقة القدیمة وأزقتھا وفنھا المعماري تأثرت بالحضارات والأطوار المعماریة التي توالت على الموصل، خاصة الحضارة الإسلامیة بدولھا المتعددة.
ویؤكد جمعة أن التاریخ الإسلامي في الموصل بدأ عام 16 للھجرة (637 للمیلاد) عندما بني فیھا المسجد الجامع (جامع المصفي) ودار الإمارة الإسلامیة وسوق السراجین.
وما یمیز الموصل القدیمة -حسب جمعة- أن جمیع دورھا كانت بنیت من الطوب والآجر (الجص)، ونظام العقدة التي بنیت بھا البیوت وسقوفھا دون أي تسلیح، الأمر الذي یعد فنا معماریا متمیزا في البناء لم یعد الكثیر من البنائین الیوم یجیدون تقلیده.
وتضم المدینة القدیمة بین أزقتھا وحاراتھا 365 معلما تاریخیا وحضاریا من مختلف العصور والدیانات؛ كالمسجد النوري والإمام الباھر والإمام محسن، والتي فجرھا تنظیم الدولة بحجة وجود قبور فیھا، فضلا عن سور نینوى والكنائس وقلعة باشطابیا والإعدادیة الشرقیة وقره سراي وغیرھا، بحسب مدیر بلدیات نینوى عبد القادر الدخیل.
ویبلغ عدد البیوت في المدینة القدیمة نحو 12 ألف بیت قدیم، بحسب الدخیل، الذي یؤكد أن شركة إیطالیة أعادت رسم التخطیط العمراني للمدینة عام 2008 ،وفق المنظور التاریخي للمنطقة، إلا أن الحكومة لم تطبق ذلك على أرض الواقع.
ویعتقد الدخیل في حدیثھ للجزیرة نت أن كلتا الحكومتین المركزیة والمحلیة تفتقران لرؤیة حقیقیة في إعادة إعمار المنطقة والحفاظ على الإرث الحضاري فیھا من الاندثار.