بعد قرار فتح محال تجارية.. روح المسؤولية تطغى على تصرفات الأردنيين
ربى الرياحي
عمان – الغد- جسد الأردنيون مشهدا يدل على وعيهم ومدى التزامهم وحرصهم على سلامتهم وسلامة الوطن الذي يكنون له كل الحب والانتماء. ويظهر ذلك جليا في الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وعكست مدى مسؤولية المواطن والتزامه بالقرارات الحكومية بعد السماح بفتح الدكاكين والمحال التجارية مع إمكانية تأمين الاحتياجات الأساسية من المواد التموينية والخضار والفواكه. وقد جاء هذا المشهد بعيدا عن الفوضى والتزاحم والتهافت التي شهدتها عملية توزيع الخبز قبل أيام.
وكان رئيس الوزراء عمر الرزاز، أعلن الثلاثاء الماضي، عن السماح بفتح البقالات الصغيرة ومحال المواد التموينية الأساسية ومحال بيع الخضار والفواكه والمخابز والصيدليات ومحال بيع المياه اعتبارا من أول من أمس من الساعة العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء وحتى إشعار آخر.
وبموجب القرار، يسمح للمواطنين قضاء احتياجاتهم سيرا على الأقدام وبشكل منفرد للأعمار بين 16 و60 عاما بعد استكمال تزود هذه المحال بالمواد والسلع واستكمال جاهزيتها. وأكد رئيس الوزراء استمرار منع حركة المركبات منعا باتا باستثناء المصرح لهم بذلك، داعيا المواطنين ومقدمي الخدمة في المحال المصرح لها بفتح أبوابها إلى الالتزام بتعليمات السلامة والصحة كالابتعاد مسافة كافية وارتداء الكمامات والقفازات الواقية.
إدراك المواطنين حجم الخطر الذي يحيط بهم وحشد كل الجهود والإمكانات للسيطرة على الفيروس، دفعهم للتعامل مع الوضع بإيجابية أكبر وانتظام مع التأسيس لثقافة جديدة فيها من الوعي والجدية والهدوء ما يكفي للتغلب على الكثير من التصرفات السلبية التي قد تكون مؤذية للجميع وسببا في زيادة عدد الإصابات.
تقيدهم بإجراءات الوقاية واتخاذ مسافة الأمان الكافية والابتعاد عن الفوضى والعشوائية والاحتكاك المباشر، كانت المظاهر المتسيدة على المشهد رغم وجود بعض التجاوزات والأخطاء ببعض المناطق، وقد كان لهذه القرارات أثر كبير في خلق روح المسؤولية لدى المواطنين والاقتناع بأن الالتزام بالحجر هو للمصلحة العامة، وخاصة بعد تمكينهم من تأمين احتياجاتهم، الأمر الذي أسهم فعليا بإشعارهم بالطمأنينة والأمان.
ويقول الأخصائي الاجتماعي الأسري مفيد سرحان “في هذه الظروف الطارئة التي نعيشها تكون الحاجة للتحلي بالمسؤولية أكثر إلحاحا وهي مطلب وضرورة”، مبينا أننا نعيش جميعا في مركب واحد وما يتخذ من إجراءات هدفه الحفاظ على صحة الجميع، وعدم انتشار فيروس كورونا.
ويلفت “إننا في المجتمع الأردني نتميز بارتفاع نسبة المتعلمين، وهذا يجب أن يعكس الوعي، وخصوصا في هذه الظروف الاستثنائية وأن نلتزم بالحرية المسؤولة لنقدم للعامل نموذجا نفتخر به ويقينا بإذن الله من هذا الوباء”.
وللأسرة دور كبير في غرس قيم تحمل المسؤولية والانضباط والالتزام وأن يكون الآباء قدوة حسنة للأبناء، و”أن ننشر جميعا هذه الثقافة وألا نتجاوب مع أي ممارسة خاطئة”، والتركيز على نشر النماذج الإيجابية والملتزمة التي تعكس وعيا كبيرا من المواطن.
ويذهب إلى أن قرار الحكومة بفتح البقالات والمخابز لساعات خلال النهار سيسهم في منع التجمعات والاختلاط، وقد لوحظ ذلك بعد تطبيق هذا القرار، لافتا إلى أن أي إجراء رسمي لا يمكن له النجاح من دون تعاون الجميع.
ويذهب الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة إلى أن الإنسان الأردني واع رغم تجاوزات البعض في الأيام الماضية وإحداث الإرباك والفوضى أثناء عملية توزيع الخبز، مرجعا السبب في ذلك إلى شعورهم بالضغط والخوف والقلق من عدم القدرة على تأمين حاجتهم وحاجة أولادهم من الخبز، الأمر الذي كان له تبعات خطيرة في تزايد فرص الاختلاط والتجمع.
وخلافا لذلك، تم ملاحظة التزام الغالبية بعد السماح بفتح البقالات الصغيرة، لافتا الى أن البقاء على منع حركة المركبات قرار صائب يحد من التجول العشوائي والمستهتر، ويقلل من التجمهر، بالإضافة إلى وجود الرقابة الأمنية داخل الأحياء والتشديد على الإجراءات اللازمة للحماية وتغليظ العقوبات على المتجاوزين.
وينبغي على الأهل، وفق مطارنة، الانتباه لأبنائهم ما دون 16 وتوعيتهم لضرورة بقائهم في المنزل والامتثال لقرارات الحكومة، مبينا أن الإنسان إذا منح المساحة للتفكير وشعر بالخطر، يبدأ ينضبط ويلتزم، ويوقن بأن كل هذه الإجراءات يتم اتخاذها لتحقيق المصلحة العامة، وبالتالي يصبح لدى المواطنين جميعا حرية مسؤولة ووعي مجتمعي بكل ما يحدث حولهم، ونجاح هذا كله يعتمد على نقطة مهمة، وهي شعور الناس بالاكتفاء الغذائي داخل منازلهم، وبأن كل متطلبات الحياة موجودة لديهم، الأمر الذي يساعدهم حتما على تحمل فكرة الحجر والتعاون معا للخروج من الأزمة بأسرع وقت ممكن.