عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Oct-2019

الأکراد یقتلون بسلاح إسرائیلي - بقلم: ساھر فاردي
ھآرتس
 
في نھایة الأسبوع في مدینة أكاكالا على الحدود الجنوبیة التركیة، استعدت كتیبة دبابات لمھاجمة روجبة التي تقع في شمال سوریة. منذ اندلاع الحرب الأھلیة في سوریة، ومواطنو الحكم الذاتي في روجبة التي یعیش فیھا اكراد وسوریون واشوریون وتركمان ویزیدیون معا، عانوا من ھجمات وجرائم حرب نفذت من قبل داعش وسوریة وتركیا. ابعاد الكارثة في الھجوم التركي الحالي، الذي بدأ بعد أن بدأت الولایات المتحدة في سحب قواتھا من المنطقة، غیر معروفة بعد. صحیح أنھ حتى كتابة ھذه السطور فان عدد المدنیین القتلى یقدر بالعشرات أو المئات، وھناك تقاریر تتحدث عن مئات آلاف المدنیین الذین اضطروا للھرب من بیوتھم، عدد منھم ھم لاجئو حرب یھربون من اجل النجاة بحیاتھم.
الثمن الحقیقي للھجوم التركي، المتمثل بحیاة الابریاء، سواء بصورة مباشرة أو عن طریق اعادة تعزز قوة داعش، سیتبین فقط فیما بعد. ما نعرفھ الآن ھو أن ارتال الدبابات التي یدور الحدیث عنھا تتشكل من دبابات تم صنعھا في اسرائیل.
بین الاعوام 2005 – 2010 زودت إسرائیل تركیا بـ 170 دبابة من طراز ”سبرا 3-60-ام تي“ كما یسمیھا الاتراك، في صفقة تقدر بـ 688 ملیون دولار. الحدیث یدور عن دبابة أمیركیة في الأصل قامت إسرائیل بتحسینھا لغرض التصدیر. ھذه الدبابات الإسرائیلیة لم تكن الوحیدة التي ستقصف سكان روجبة في الھجوم الحالي. الجیش التركي یملك ایضا دبابات من انتاج الماني، وردا على الھجوم، اعلن الالمان السبت الماضي بأنھم سیوقفون على الفور أي صفقة لبیع السلاح لتركیا.
السؤال الذي یقف امامنا نحن الإسرائیلیین الآن ھو ماذا بعد. الاجابة السھلة ستكون الانضمام الى دول غربیة كثیرة مثل ھولندا وفرنسا والآن المانیا، والإعلان عن وقف بیع السلاح لتركیا، إعلان لن یقتضي أي شيء من دولة إسرائیل، لأنھ تقریبا مضى عقد ولم یتم عقد صفقات سلاح فیھ بین الدولتین. إن حساب حقیقي للنفس الذي یجب أن تثیره ھذه القضیة فینا، ولا یقل عن ذلك، حسب أي معاییر اسرائیل تقوم ببیع السلاح لدول في ارجاء العالم لا یوجد ولا یمكن أن یوجد معیار كامل لبیع السلاح. السلاح مخصص للمس بالاشخاص. ومثل المنتجات الاخرى ھو ینتقل من ید الى أخرى أو یبقى في نفس الایدي في الوقت الذي تتغیر فیھ السیاسات. لا یوجد ولن یوجد في أي یوم أي امكانیة لضمان أن السلاح الذي تم بیعھ لاھداف معینة لن یستخدم في نھایة المطاف لخرق حقوق الانسان بشكل شدید. ولكن یمكن انشاء جھاز، على الاقل یأخذ في الحسبان الاعتبارات الإنسانیة والاخلاقیة. وھذا ھو نفس الجھاز الذي یمكن الآن المانیا من الاعتذار عن الخطأ والتوقف عن بیع الدبابات لتركیا، صحیح أن الأمر ھو متأخر جدا، لكنھ ما یزال افضل بكثیر من لا شيء.
وھذا ما ھو موجود امام اسرائیل الیوم في ھذا المجال، لا شيء. لا یوجد في إسرائیل تشریع یلزم وزارة الدفاع بأن تأخذ في الحسبان اعتبارات مثل خرق حقوق الانسان بشكل شدید وحتى لیس جرائم حرب وجرائم ضد الانسانیة، عند مصادقتھا على بیع السلاح أو التدریب العسكري. لا یوجد في اسرائیل اشراف أو حتى حد ادنى من الشفافیة بخصوص تجارة السلاح والمعلومات العسكریة: لمن، كیف، لماذا وكم نبیع. اذا كانت المعلومات المتوفرة لدینا عن بیع الدبابات التي تسحق الآن شمال سوریة، فنحن نجمعھا من تقاریر تركیة، لأن اسرائیل لا تكلف نفسھا عناء تلبیة الامور الاساسیة المتفق علیھا، التي تقتضي ابلاغ المسجل لدى الامم المتحدة عن تصدیر واستیراد السلاح التقلیدي.
ھذا یمكن تغییره. فالكنیست الـ 22 التي أدت القسم فقط في ھذا الشھر یمكنھا ویجب علیھا أن تقوم
بعملھا وتسن قانون یلزم بتعامل جدي مع اعتبارات حقوق الانسان عندما یدور الحدیث عن التصدیر الامني. باستطاعتھا سن معاییر وقیود وانظمة رقابة واستشارة مدنیة. ویجب علیھا تطویر ثقافة الشفافیة التي تمكن من اجراء حوار عام وعدم السماح لصناعة السلاح بمواصلة الاختباء وراء ستار ”الدفاع عن أمن الدولة“، الذي لیس لھ أي صلة بالتجارة الاقتصادیة. لن یتضرر أي طفل اسرائیلي من الشفافیة في سیاسة التجارة الاسرائیلیة بالسلاح، لكن ربما حیاة طفل سوري أو فلبیني أو كامیروني یمكن انقاذھا بفضل دمقرطة سیاسة السلاح الذي نصدره.
یبدو أن الواقع في الوقت الحالي في روجبة لن یغیره أي تشریع كھذا. البیع تمت المصادقة علیھ في العام 2002 مثلما تمت المصادقة علیھ في المانیا، والدبابات كانت ستتقدم حسب سیاسة اردوغان الھجومیة على أي حال. إن محاسبة أنفسنا الذاتیة كمواطنین في دولة عظمى للسلاح، یجب القیام بھا آجلا أم عاجلا. وكلما بكرنا في القیام بذلك وكلما بكرنا في القول بأنھ في الحرب ایضا توجد معاییر اخلاقیة بالحد الأدنى وھناك جرائم نحن غیر مستعدین للمشاركة فیھا – فاننا نستطیع تقلیص حجم الدمار. سیاسة بیع سلاح تأخذ في الحسبان حیاة البشر ولیس فقط اعتبارات اقتصادیة وسیاسیة، كان یمكنھا منع استخدام السلاح الاسرائیلي في قتل الشعب في غواتیمالا وفي قمع السود في جنوب افریقیا وفي الجینوساید في رواندا. في ھذه الایام لم یزل الوقت غیر متأخر لمنع تسلیح اسرائیل للانظمة القاتلة في مینمار في الفلبین وفي الكامیرون. لیس ھذا الأمر المثالي، لكنھ الحد الأدنى الضروري.