عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Dec-2019

محمد حمدان ضيف شومان - د. مهند مبيضين

 

الدستور- أصابت مؤسسة عبدالحميد شومان هذا العام ببرنامجها العلمي «ضيف العام»، واجادت في الاختيار، وهو تقليد درجت عليه منذ زمن، وتطور اليوم في صورة أكثر إيجابية، وكان ضيف العام قامة تربوية أردنية فلسطينية عرفت معنى الكفاح، وذا يدٍ مبسوطة للكرم، ونفس حبورة، ولطافة معهودة، وذكاء وفطنة، ومحمد حمدان يتصدر اليوم قائمة المتبرعين من حُر ماله لوزارة التربية والتعليم في بناء مدرستين واحده في عين الباشا والأخرى في ماركا.
تحدّث في التكريم اصدقاء المحتفى به، ممن عاصروه شاباً ومدرساً وعالماً ومؤسساً أكاديماً مثل ناصر القحطاني وخالد الكركي وعبدالسلام العبادي ونجمه عطيات ومحمد الصباريني ومروان كمال ومعاوية ابراهيم وآخرين. 
يُكتب عن محمد حمدان في مناسبتين، الأولى: كونه ظلّ مثقلاً بطيبته وتربيته النبيلة ومتحفزاً للتغيير والمشاركة ببناء وطنه، وقد اجاد في ذلك، والمناسبة الثانية في كونه واحداً من النخبة السياسية والإدارية الأردنية، وتفرد بنزاهته وقدراته الفذة على البناء والتأسيس وسرعة العمل، وطنياً وعربياً وهو ما أشار إليه د ناصر القحطاني في سرد تجربة الدكتور محمد حمدان ببناء وتأسيس الجامعة العربية المفتوحة، التي كانت أوسع مشروع تعليم عالٍ عربي مرن ومفتوح، لكنها غير مخدومة اعلاميا كما يجب لكي يعرف الناس ميزاتها.
ولد د. محمد حمدان في حي المنشية من مدينة يافا العام 1935م، لأسرة من أصول تعود لمدينة طولكرم، وكان رب الأسرة يملك مكتب سفريات. وفي الخامسة من عمره كان موعده للذهاب إلى الروضة لمدة عامين لم يكن ذلك مألوفاً، ثم اتم دراسته الابتدائية في المدرسة العامرية.
بعد النكبة، رحلت الأسرة لنابلس ليلتحق بالمدرسة الصلاحية بنابلس، ويتم دراسة العام 1952م، حاصلا حصل على المرتبة الأولى في امتحان  شهادة الثانوية على طلبة الضفتين، وكان هدفه بعدها مساعدة والده الذي انتقل بعد النكبة من «مالك للسيارات وصاحب مكتب إلى سيارة يملكها ويعمل عليها لأجل أسرة مكونة من 13 فرداً في ظروف صعبة».
العام 1952م وبعد شهرين على ثورة تموز (يوليو) سافر للقاهرة ذهب مبعوثاً، وقُبل في التخصص الدقيق لـ الرياضيات البحتة وظن بادئ الأمر أن القسم لا يمكن أن يفتح لطالب واحد «كنت أدرس في مكتب الأساتذة وحدي، وكانت المناهج قوية، وكانوا يستقدمون لنا علماء من جامعات بريطانية، و كانت الظروف أفضل من اليوم».
يؤكد د عبدالله الزعبي، مدير عام كلية المجتمع العربي، تفوق حمدان في القاهرة:» كان ابو احمد متفردا في الرياضيات ومدبرا ويتقاضى من المنحة مبلغ 20 جنيه ويوفر منها ويرسل لوالده في فلسطين» . وفي العام 1957م تخرج من جامعة القاهرة بمرتبة الشرف، فطُلب لوزارة التربية، ليعين بدار المعلمين بعمان، ثم عُين مديراً لها، لم يطل المقام، إذ جاء عرض من الجامعة الأميركية في بيروت ليدرس الإحصاء الرياضي بين عامي 1965-1976م، ثم عاد للجامعة الأردنية أستاذاً مساعداً وترقى إلى بروفيسور، ومن ثمّ توالت خبراته الجامعية والسياسية عميداً ورئيساً ومستشاراً ووزيراً ورئيس مجلس امناء، وفي كل ذلك المسار الطويل كان نموذجاً في الخلق، والرفعة والنبل وحب وطنه والانتماء للبسطاء مع صلة الرحم والتصالح مع الذات.
فوق كل ذلك، لم يطلب حمدان أن يكتب عنه كثيراً، ولم يحول مناسبة التكريم لمديح شخص، بقدر ما كانت إعادة بناء سردية الرجل المثابر النظيف، في إطار الزمني الوطني وأزماته حيث الجامعة الأردنية 1978 وحركتها الطلابية، ولكونه ورث في رئاسة اليرموك ذاكرة وإرثا سلبيا بعد أحداثها العام 1986 وليظل فيها حتى هبة نيسان 1989.