الغد
هآرتس
بقلم: عاموس هرئيل 29/9/2025
لقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب (أمس) هو الرابع منذ عاد ترامب لمنصبه في كانون الثاني (يناير) - هذا اللقاء يبدو أنه الأكثر دراماتيكية منها جميعها. هذه المرة، أكثر مما في اللقاءات السابقة، الطرف الأميركي هو الذي يخلق التوقعات العالية. أول من أمس، غرد ترامب: "هناك احتمالية لشيء ما كبير في الشرق الأوسط. للمرة الأولى الجميع أظهروا الاهتمام".
بعد لقاء ترامب مع زعماء الدول العربية والإسلامية في الأسبوع الماضي، سرب المزيد من التفاصيل عن خطة الـ21 نقطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة واستئناف الخطوات السياسية في المنطقة. للمرة الأولى، يبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بنثر الآمال العبثية والوعود غير الملزمة بشأن الاحتمالية المتزايدة لصفقة تبادل قريبة. أيضا عودة جارد كوشنر، صهر الرئيس، إلى المشاركة المحمومة يمكن أن تدل هذه المرة على جدية ترامب والإدارة الأميركية في الدفع قدما بهذه الخطة.
الرسالة الرئيسية التي يطلقها نتنياهو، مؤخرا، من خلال إحاطات من قبل مكتبه هي أنه في الواقع توجد هنا خطة مع حقوق إنتاج إسرائيلية: رئيس الحكومة والمقرب منه الوزير رون ديرمر شاركا في صياغة كل حرف في نقاط ترامب. باستثناء أن هذه التسريبات يمكن أن ينظر إليها بشكل سيئ لدى الرئيس الذي لا يحب مقاسمته في الفضل، وبالتأكيد لا يريد أن يظهر مثل دمية لنتنياهو. مشكوك فيه إذا كان هذا الادعاء دقيقا. من الواضح أن نتنياهو ما يزال يحظى بنفوذ استثنائي على ترامب، بما يتجاوز القوة الحقيقية لإسرائيل. ولكن الصيغة التي تتم مناقشتها الآن، إذا تمت الموافقة عليها فهي بعيدة عن أن تشكل انتصارا كبيرا لرئيس الحكومة. عمليا، الحديث يدور عن صيغة محدثة لخطة بايدن في منتصف السنة الماضية، التي وافق نتنياهو عليها وبعد ذلك تهرب من تنفيذها بذرائع عدة.
بعد ذلك، في اللقاءات الثلاثة السابقة في ولايته الحالية، ترامب تساوق مع نتنياهو. إذا صمم في هذه المرة على التمسك بموقفه، فإنه سينفذ خطة أجزاء كبيرة فيها لا تشبه ما وعد رئيس الحكومة به قاعدته السياسية خلال سنتي الحرب. على الأقل حسب التسريبات، لن تكون هناك هزيمة نهائية لحماس، ولن يكون هناك نزع كامل للسلاح في القطاع، في المقابل سيكون هناك انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع. حتى الوهم الخطير لليمين المسيحاني، الذي شجعه نتنياهو، بشأن تهجير فلسطيني وعودة المستوطنات الى القطاع لن يتحقق.
في المقابل، نتنياهو بالذات أكد، في الفترة الأخيرة، نضاله لمنع مشاركة السلطة الفلسطينية في الحل المستقبلي في القطاع. هذا، كما يبدو، ليس صدفيا: السلطة ستأخذ دورا محدودا ونتنياهو يمكنه عرض ذلك كإنجاز توصلت إليه إسرائيل بفضل علاقته القريبة مع ترامب. حماس لم ترد بعد بشكل مباشر على خطة ترامب الجديدة التي لم تطرح رسميا. سيتم استخدام ضغط كبير على حماس من قبل الدول العربية من أجل الرد بالإيجاب. الصعوبة الرئيسية بالنسبة لحماس هي إطلاق سراح جميع المخطوفين من دون انسحاب فوري وكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع.
في المقابل، التنازلات المطلوبة من إسرائيل بالصيغة الحالية لـ21 نقطة ستكون صعبة جدا على الاستيعاب من قبل جزء واسع في ائتلاف نتنياهو. ليس فقط التنازل عن الترانسفير والاستيطان. ترامب أعلن أنه لن يسمح بضم مستوطنات كتعويض لإسرائيل في الضفة الغربية. أيضا هناك نية لتحرير قريب لـ200 سجين فلسطيني محكومين بسبب أعمال قتل، وهي خطوة سيستصعب اليمين استيعابها. هذا ما يزال فقط على مستوى السيناريو، لكن إذا وضع ترامب أخيرا كل ثقله على نتنياهو فيمكن حدوث أمرين: رئيس الحكومة سيتعين عليه الاستجابة، والائتلاف سيتفكك.
توجد لنتنياهو طريقة ثابتة: إغراق رؤساء أميركا المتعاقبين بمشكلاته الداخلية، على أمل (الذي لم يتحقق في أي يوم) أن يأخذوا ذلك في الحسبان ويظهروا مرونة أخرى من ناحيتهم. هناك احتمالية غير سيئة في أن يحاول التسويف مع ترامب بإعطاء إجابات على صيغة "نعم، ولكن". وبعد ذلك يأتي التملص كما فعل مع سلفه جو بايدن خلال أكثر من سنة في الحرب. ولكن، من المفضل أن يتذكر ترامب بأنه لا يوجد لدى نتنياهو أي مانع حقيقي للمصادقة على صفقة تبادل حتى بحكومة انتقالية. مشكوك فيه أن تتدخل المحكمة العليا، ويئير لبيد أيضا سبق ووعد نتنياهو بشبكة أمان مبررة للصفقة. في حين أن بني غانتس ظهر كمن يتواجد على بعد خطوة أو خطوتين من القفز عائدا إلى الائتلاف، بعد انفصال فعلي عن أصدقائه في المعارضة.
المهم حقا هو أن الحرب يجب أن تنتهي. منذ زمن، وبالتأكيد منذ القرار السياسي الذي اتخذه نتنياهو، خرق وقف إطلاق النار واستئناف القتال في آذار (مارس) الماضي، فإنه تجري في القطاع حرب عبثية من دون جدوى. أحداث الأيام الأخيرة وفيها القرار الذي يمثل جنون العظمة لنتنياهو بأن يفرض على الجيش إسماع خطابه في الأمم المتحدة لسكان القطاع بمكبرات الصوت، فقد تجسد الحاجة الملحة لوقف القتل، تحرير المخطوفين وإعادة الجثامين لدفنها.
في توقيت يصعب تصديق أنه جاء صدفة قبل يوم من لقاء ترامب ونتنياهو، أعلنت حماس، أول من أمس، أنها فقدت الاتصال مع اثنين من المخطوفين الأحياء. حماس قالت إن الاتصال معهما ومع حراسهما انقطع بسبب عمليات الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة. حماس تطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض الأحياء في المدينة، إلى جانب وقف الطلعات الجوية التي تجمع المعلومات من قبل المسيرات الإسرائيلية، ووقف هجمات سلاح الجو لمدة يوم من أجل العثور عليهما، في هذه المرحلة تصعب معرفة الحقيقة. إذا كان حقا تم فقد الاتصال معهما أو أن الأمر يتعلق فقط بمناورة حرب نفسية، إلا أنه في ظل غياب معرفة مؤكدة بشأن ما حدث، ستجد إسرائيل صعوبة في تجاهل طلب حماس، بالتأكيد إزاء الضائقة التي توجد فيها عائلاتهم أصلا.