عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jan-2025

أوقات مثيرة للاهتمام‏

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

‏سكوت ريتر‏* - (سكوت ريتر إكسترا) 11/1/2025
‏"أتمنى لكَ أوقاتا مثيرة للاهتمام".‏
 
 
‏هذا القول المنحول، الذي يقال إنه لعنة والمنسوب إلى الصين، يبدو أكثر من مرجح في الواقع إنه نتاج خيال رجل إنجليزي. لكنه، مع ذلك، دقيق- خاصة إذا كان فهم المرء لتعريف عبارة "مثير للاهتمام" يتخذ نهجًا أكثر كآبة تجاه ما هو قادر اليوم على "إثارة الفضول أو الاهتمام" أو "لفت أو أسر الانتباه".‏
 
 
وفق أي معيار، كان 2024 عامًا "مثيرًا للاهتمام". فقد بدأناه بصراعَين جاريين -"العملية العسكرية الخاصة" الروسية في أوكرانيا؛ والإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة في غزة.‏
‏ولكن كانت هناك صراعات أخرى أيضًا من تلك التي دارت تحت أفق الحدث بالنسبة لمعظم الأميركيين. في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدت النتائج المتنازع عليها التي أسفرت عنها انتخابات معيبة كانت قد أجريت في كانون الأول (ديسمبر) 2023 إلى اندلاع قتال جديد في الجزء الشرقي من تلك الدولة المضطربة، في استئناف لثلاثة عقود من الحرب التي أودت بحياة الملايين، والمسؤولة حاليًا عن نزوح حوالي 7.2 مليون مدني.‏
وفي السودان استعرت حرب أهلية بكل الوحشية التي يمكن حشدها عندما يصبح الصراع قائمًا على الإثنية. ومع مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، كانت للصراع في السودان كل علامات الإبادة الجماعية.‏
إنها ‏أوقات مثيرة للاهتمام، في الحقيقة.‏
‏ولكن بعد ذلك أغلق الحوثيون خطوط الملاحة المرتبطة بإسرائيل في خليج عدن، ولم تشن إيران ضربة صاروخية واحدة، بل ضربتين ضد إسرائيل، وأصبحت الأمور أكثر إثارة للاهتمام.‏
في الوقت نفسه، وجد "النظام الدولي القائم على القواعد" الذي تقوده الولايات المتحدة نفسه أمام تحد غير مسبوق من منتدى جديد متعدد الأقطاب، (بريكس)، الذي عقد قمته السنوية في مدينة قازان الروسية، حيث أظهر مرة وإلى الأبد أن الجهود الغربية لعزل روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا في العام 2022 قد فشلت.‏
‏والصين، استعرضت عضلاتها في المحيط الهادئ، وأكدت سيادتها على تايوان والجزر المتنازع عليها، والكثير منها من صنع الإنسان (من صنع الصينيين) في جنوب المحيط الهادئ، واستمرت كوريا الشمالية في توسيع ترسانتها الصاروخية الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية.‏
في الولايات المتحدة، سعت الحملة القانونية ذات الدوافع السياسية إلى إحباط التطلعات الرئاسية لدونالد ترامب بينما نفذ الحزب الديمقراطي انقلابًا بحكم الأمر الواقع، استبدل فيه العجوز الخرِف جو بايدن بكامالا هاريس غير الكفؤة من دون أي من الزخارف العادية للإجراءات القانونية الديمقراطية الواجبة.‏
‏ثم فاز دونالد ترامب- بطريقة مقنعة، ملقيًا بالمؤسسة الأميركية بأكملها في حالة من الذعر.‏
‏ودفعت إدارة بايدن، التي تسعى إلى ترسيخ إرثها السياسي بطريقة لن يتمكن ترامب من نقضها بسهولة، بالولايات المتحدة إلى حافة حرب نووية مع روسيا.‏
لسبب وجيه ينظر المولود الجديد، العام 2025، إلى العام 2024 بخوف وفرَق.‏
‏لكنه عندما يحول نظره إلى الأمام، تصبح الأمور أكثر "إثارة للاهتمام".‏
‏يواصل بنيامين نتنياهو حكم دولة إسرائيلية تميزها ممارسة الإبادة الجماعية وتمكّنها إدارة ترامب القادمة التي ملأت مناصبها السياسية العليا بأناس هم الأكثر تعصبًا للصهيونية.‏
ولم يؤد دونالد ترامب اليمين الدستورية كرئيس بعد، لكنه قلب العالم رأسًا على عقب بتهديدات باستخدام القوة العسكرية لغزو واحتلال وضم غرينلاند (وهي أرض للدنمارك، التي هي، ظاهريًا، حليفة لحلف شمال الأطلسي!) وبالاستيلاء على قناة بنما، التي نقلت الولايات المتحدة السيطرة عليها إلى الحكومة البنمية في العام 1999.‏
‏وتعهد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن لا فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني السابق، ولا فلاديمير بوتين، الرئيس الشرعي لروسيا، يعملان على نفس الموجة عندما يتعلق الأمر بوقف الأعمال العدائية، مما يعني أن الحرب في أوكرانيا ستستمر لأشهر قادمة.‏
يدعي ترامب أنه يريد استئناف علاقته الرومانسية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لكن كيم أصبح مرتاحًا في علاقة دافئة مع بوتين.‏
‏ويلوح شي جين بينغ واقتصاده الصيني العملاق بشكل كبير في الخلفية، وهو ما وصفه الرئيس ترامب باعتباره أكبر تهديد للولايات المتحدة، وبالتالي التحدي الأكبر الذي يواجهه.‏
ما تزال الحروب القديمة مستعرة، واحتمال نشوب صراعات جديدة هو واقع دائم الوجود.‏
‏لا عجب إذن أن العام الوليد المسكين، 2025، يرتجف فرَقًا! ‏
‏سيكون العام 2025 مثيرًا للاهتمام جدًا.‏
‏إننا نعيش في أوقات مثيرة للاهتمام حقًا.‏
*وليام سكوت ريتر الابن Scott Ritter: ضابط استخبارات سابق في سلاح مشاة البحرية الأميركية. خدم في الاتحاد السوفياتي السابق لتنفيذ معاهدات الحد من الأسلحة، وفي الخليج العربي/ الفارسي خلال عملية "عاصفة الصحراء" وعمل عضوًا في اللجنة الخاصة للأمم المتحدة التي تشرف على نزع ‏‏أسلحة الدمار الشامل‏‏ في ‏‏العراق‏‏ من العام 1991 إلى العام 1998 واستقال منها احتجاجاً، وأصبح فيما بعد أحد منتقدي السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. قبل الغزو الأميركي للعراق في آذار (مارس) 2003 صرح ريتر بأن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Interesting Times