عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Nov-2020

القاسم تراجع السلطة الفلسطينية عن قرارات سابقة رسالة حسن نوايا لواشنطن

 الغد-نادية سعد الدين

بادرت السلطة الفلسطينية إلى التطوع بإظهار حسن النوايا للرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، الذي يراهن المسؤولون الفلسطينيون عليه كثيرا، عبر قرار عودة مسار العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي يُشكل مُقدمة لاستئناف المفاوضات الثنائية منذ ست سنوات.
ويرتبط مسار العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية، في الجانب الأكثر جدلية منه، بعودة التنسيق الأمني، عقب انقطاع دام خمسة أشهر ونيف، بما يشي بموافقة السلطة على استلام أموال الضرائب المستحقة لها من الجانب الإسرائيلي، والتي تقدر قيمتها التراكمية بنحو 750 مليون دولار.
غير أن هذه الموافقة الفلسطينية لن تكون مجانية، إذ تشترط سلطات الاحتلال خصم رواتب أسر الشهداء والأسرى المعتقلين لديها من القيمة الإجمالية لأموال المقاصة، وهو الأمر الذي شكل رفضا فلسطينيا قاطعا، مما أسس لموقفها التالي برفض استلامها بالكامل.
ويبدو أن الموقف الفلسطيني الصلب لم يدم طويلا، في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تعاني منها، فبعد قرار عودة مسار العلاقات الثنائية، فإن السلطة إما أن تكون وافقت على استلام المستحقات مجزوءة في ظل مواصلة الإقتطاع لاستئناف التنسيق الأمني، وهو الخيار الأرجح، أو تحويلها كاملة بعد التعهد بعدم دفع رواتبهم، أو تحويل مستحقاتهم تحت اسم المساعدات وليس بند الرواتب، كتسوية للأزمة القائمة بينهما.
واعتبر خبير القانون الدولي، الدكتور أنيس القاسم، لـ”الغد”، أن تراجع السلطة عن موقفها السابق “يدلل على رضوخها للشرط الإسرائيلي، ولكنها قد لا تعلن عن ذلك صراحة أو تجد له مخرجا للحفاظ على ماء الوجه”.
وقال القاسم في حديثه لـ”الغد”، إن “السلطة لا تستطع العيش بدون أموال المقاصة، فقد تسبب صمودها بالرفض قرابة الستة الأشهر إلى حدوث ضائقة مالية صعبة، مما اضطرها للموافقة على تسلمها مع تحديد طريقة معينة بحيث لا تكون الأموال المرسلة إلى أسر الشهداء والأسرى تحت اسمهم مباشرة”.
وتوقف عند السؤال الذي تقدم به رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، في رسالته إلى الجانب الإسرائيلي حول ما إذا كان ملتزما بالاتفاقيات الموقعة، بينما أجابه بعد مرور 40 يوما بأنه ما يزال يعتبرها الإطار القانوني للعلاقات بين الطرفين، حيث يدأب على جمع أموال الضريبة ولكن السلطة هي من رفضت استلامها.
ورأى القاسم أن “السلطة كانت تبحث عن أموال السلطة كهدف رئيس من بين ثنايا سؤالها، فهي التي بادرت بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، بما قد يكون قرار التراجع عنه رسالة موجهة لبايدن، الذي بعث رسولا إليها مؤخرا، وذلك لتأكيد الاستعداد الفلسطيني لاستئناف المفاوضات”.
المُراهنة على إدارة بايدن الجديدة
ويشار هنا إلى أن قرار السلطة بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة جاء عقب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن مخطط الضم، الذي يستهدف الاستيلاء على أكثر من 30 % من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بينما التقارير الصادرة عنها تشير إلى أنه لم يلغ بل يصار إلى تنفيذه عمليا عبر وتيرة الأنشطة الاستيطانية والتهويدية المتصاعدة للقدس وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما الحديث عن قرار تجميده مؤقتا، فيعني بالنسبة لسلطات الاحتلال تكثيف أنشطة التوسع الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة وفي البؤر الاستيطانية التي تسعى “لشرعنتها” حاليا.
بينما تُراهن السلطة الفلسطينية مجددا على إدارة الرئيس بايدن الجديدة، بعد سنوات من العلاقات السيئة مع إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، والتي وصلت حد القطيعة بعد سلسلة قرارات اتخذتها ضد القضية الفلسطينية، وخالفت فيها السياسية التقليدية للإدارات الأميركية المتعاقبة حول الاستيطان والصراع العربي- الإسرائيلي.
وقد بلغت حدود تفاؤل السلطة بإدارة بايدن الجديدة حد الحسم بأن ما يسمى “صفقة القرن” الأميركية باتت ملغية، خلافا لرأي مراقبين يستبعدون تنصل الرئيس الديمقراطي المنتخب منها، ولكنه قد يؤجل تنفيذ بعض عناصرها أو يتجاوزها، لاسيما الخاصة منها بالاستيطان.
وباستثناء تأييده “لحل الدولتين”، فمن المستبعد أن يقوم بايدن، عند تسلمه المهام بالبيت الأبيض، بإلغاء القرارات الأساسية التي اتخذها ترامب، والمتعلقة بالاعتراف الأميركي “بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي”، ونقل سفارة بلاده إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية، وضم مرتفعات الجولان السوري المُحتل.
وفي هذا السياق؛ قال النائب بالمجلس التشريعي الفلسطيني، أشرف جمعة، إن “العقود السبعة الأخيرة، قد أثبتت انحياز كافة الإدارات الأميركية بكافة مسمياتها، ديمقراطية كانت أو جمهورية، للاحتلال الإسرائيلي، وترجيح كفته في كل المواقف، التي اشتد فيها الصراع على كافة الأصعدة، سواء الدبلوماسية أو العسكرية وخلافه”.
وأضاف جمعة، على حسابه الخاص عبر “فيسبوك”، إن “إدارة بايدن لن تغرد خارج سرب السياسة الأميركية العامة، ولن تختلف كثيرا عن سياسة ترامب، الذي كان يتعامل بقفاز حديدي، بينما ستكون هي بقفاز حريري”، وفق تعبيره.
وكان عضو اللجنتين التنفيذية والمركزية، عزام الأحمد، قال إن “صفقة القرن والإدارة الأميركية، سيصبحان خلفنا ابتداء من 20 كانون الثاني (يناير) 2021”.
فيما كان حسين الشيخ قد هاجم منتقدي عودة العلاقات مع الجانب الإسرائيلي، والتي جُوبهت برفض فلسطيني واسع، نظرا لخطورتها على القضية الفلسطينية، وذلك بعدما أعلنت القيادة الفلسطينية عن وقفها في 19 أيار (مايو) الماضي.
وكان الشيخ، أعلن، مؤخرا، عودة مسار العلاقة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بعد تلقي رسالة منها تؤكد فيها التزامها بالاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، وقد أعقب ذلك إعلانه، الخميس الماضي، عن اتفاق باستلام كافة المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية منها. وقد رفضت السلطة الفلسطينية استلام أموال المقاصة التي تجبيها سلطات الاحتلال نيابة عن السلطة وفق اتفاقات دولية، مما نتج عنه أزمة مالية لم توف بسببها الحكومة الفلسطينية بالتزاماتها بدفع رواتب موظفيها.