عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Feb-2020

المزاج العام ووسائل التواصل الاجتماعي - سيف االله حسين الرواشدة

 

الراي -  فرضت وسائل التواصل الاجتماعي قواعد جديدة للتأثير وانتشار المعلومات وكسب التأييد، وأعطت فرصة للأغلبية الصامتة والمهمشة لإيصال صوتها ومشاركة شكواها مع الاخرين، والانتشار الواسع والسريع للمعلومات والاخبار فرض نوعاً من الشفافية والحاجة للتبرير على الحكومات والساسة، لكنه أيضا اعطى فرصا أكبر لانتشار الشائعات والتلاعب بالرأي العام، فأي خبر على وسائل التواصل قد يبدو مهمًا جدًا دون أي مبرر.

لهذه التطبيقات جانب مظلم على الشخصية الإنسانية، فإتاحة خيار الاعجاب الذي أضافه «الفيسبوك» عام ٢٠٠٩ حول الكثير من المشاركات من نطاق التعبير عن الرأي الى حصد الإعجاب على طريقة ما يطلبه الجمهور، كذلك خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تتحكم بمدى واتساع قاعدة الجمهور الذي يتعرض للمنشور وفترة الترويج التي يحصدها، تفضل الصور على الكلمات، والجمل القصيرة على المقالات، وكذلك المنشورات التي تستقطب الجمهور وتشعل النقاشات على ما قد يجتمع الناس عليه، هذا كله يزيد من فرصة انتشار الأفكار المتطرفة السطحية بمقابل اهمال أي طرح?عميق ومفصل أو أي فكرة جامعة لا تثير اختلافات عنيفة حولها، إضافة الى أن هذه الخوارزميات تختار المنشورات التي تظهر للمستخدم بناء على تفضيلاته السابقة وهذا يخلق بعد فترة من الزمن فقاعة وهمية توحي للمستخدم أن الجميع يوافقه الرأي وأنه يمثل الاكثرية ولا تصله المعلومات إلا من مصادر تتقاطع مع ميوله، مما يخلق فجوة بين الواقع الافتراضي والحقيقة.
في عام ٢٠١٢ أضاف «الفيسبوك» خيار المشاركة للمنشورات، وسبقه «تويتر» في عام ٢٠٠٩
لهذا، هذا الخيار غيّر شكل انتشار المعلومات الى الابد، وطريقة عرضها أيضًا، والحسبة بسيطة هنا، فالمنشور العادي يصل لحوالي ٢٠ ٪من المتابعين للحساب وفي حالة مشاركته مرة واحدة فقط فإن هذا الرقم يتضاعف فورًا، وهذا أغرى الكثير من الصحف والشبكات الاعلامية لصياغة العناوين المضللة والاشاعات التي تثير فضول الناس لحصد انتشار أوسع.
أما خيار التعليق على هذه المواقع دون اشتراط اظهار أي معلومة شخصية صحيحة مثل الاسم أو الصورة فهي بمقدار ما حملت من الحرية لمن يعاني من القمع، فقد جردت النقاش من آدابه وحولته الى تراشق اتهامات وشتائم، فالنقاش وجه لوجه مع شخص يعرف اسمك وشكلك يختلف تمامًا عن نقاش تنخرط فيه من خلف الشاشات التي توفر قناعًا سميكًا لتختفي خلفه، ناهيك عن خيار الاعجاب المتاح للمشاهدين لهذه التعليقات الذي عزز فيها تطرفها وسخريتها وحرمها من تبادل للأفكار أو تعبير عن النفس.
وسائل التواصل اليوم هي أهم أدوات تشكيل الرأي العام وأهم مصدر للحصول على المعلومات، وهي متنفس للشارع وباب للتعبير والتواصل بين الافراد أنفسهم وبين الدولة والمجتمع لكنها كغيرها من الأدوات تحتمل الخير والشر، تحتاج الى توعية لمستخدميها عن آليات عملها وقوانين تنظمها توازي بين الحرية والمسؤولية.