عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Mar-2021

الحوار المطلوب*بلال حسن التل

 الراي

مرة أخرى تتعالى الأصوات المنادية بإطلاق حوار وطني في بلدنا، وهي دعوات تؤشر إلى استمرارنا في الدوران في الحلقة المفرغة، وبغياب المؤسسية في بلدنا، وبالتالي حرمان مسيرتنا الوطنية من التراكمية في الإنجاز، ذلك أننا خلال الفترة الماضية أجرينا الكثير من الحوارات الوطنية، حول نفس المسائل في كثير من الأحيان، خاصة فيما يتعلق بقوانين الإصلاح السياسي، وفي طليعتها قانون الانتخاب وقانون الأحزاب، ولا أريد أن أعود بالذاكرة إلى الحوار الوطني، الذي أسفر عن الميثاق الوطني الذي أنُجز مع بدايات استئناف الحياة الديمقراطية في بلدنا في بدايات تسعينيات القرن الماضي، فلدينا لجنة الحوار الوطني التي شكلت عام 2011 ومخرجاتها، ولدينا قبل ذلك لجنة الأجندة الوطنية ومخرجاتها عام 2005، ناهيك عن الكثير الكثير من أشكال الحوار المستمر في بلدنا ومخرجات ذلك كله، مما يؤكد أن القضية ليست قضية حوار، ولا قضية نصوص، بل هي قضية إرادة لدى الجميع في تبني المخرجات التي تم التوافق عليها, ومن ثم احترام النصوص التي وضعت من خلال تنفيذ محتوياتها باعتبارها ما تم التوافق عليه وطنياً, هذه واحدة.
 
أما الثانية فهي من هي المؤسسة التي ستقود الحوار الوطني؟ وهل هي محل ثقة، تستطيع من خلالها جذب الناس إلى طاولة الحوار والاقتناع بها؟.
 
أما الثالثة فهي من يتحاور مع من؟ فهل لدينا نُخب سياسية حقيقية ولديها رؤية واضحة، مترجمة في خطط وبرامج عمل محددة، يمكن الحوار معها وحولها؟ وهل لدينا أحزاب سياسية لها ثقل حقيقي على الأرض. وقبل ذلك أين هو الحزب الذي طرح برامج تفصيلية حول القضايا التي يعاني منها الوطن اقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وسياسياً، وهل لدينا مؤسسات مجتمع مدني غير خاضعة في معظمها لتأثيرات التمويل الأجنبي وأجنداته إلا فيما ندر، حتى ما يسمى بالحراك هل يستطيع أحد أن يحدد لنا هويته السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ وهل له هياكل تستطيع فرز قيادات قادرة على المشاركة في حوار وطني حقيقي، أم أن الجميع يردد منذ سنوات نفس العبارات ونفس الشعارات حول الإصلاح السياسي، وحول قانون الانتخاب العصري، وحول تمكين الأحزاب العاجزة بذاتها عن تمكين نفسها، وعن إثبات حضورها عبر إقناع الناس واستقطابها لأنه ليس لديها ما تقدمه للناس وتقنعهم به.
 
أعتقد ومعي كثيرون من المهتمين بالشأن العام، أننا لسنا بحاجة إلى حوار وطني فضفاض, يُنتج وثائق عمومية بمقدار حاجتنا إلى حوارات متخصصة بين أهل الاختصاص، يُنتج برامج عمل لحل المشاكل التي نعاني منها، وأولها المشاكل الاجتماعية، ومشاكل التنشئة الوطنية وواقعنا التعليمي والثقافي لأن هذه المشاكل هي التي تفرز مشاكلنا السياسية والاقتصادية التي هي بالأساس مشاكل مفاهيم وسلوك صار لابد من يصححهما.