عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Sep-2023

في عيد المولد ليتني كُنت*إسماعيل الشريف

 الدستور

«قيل للقعقاع الأوسي: قل لنا شيئًا عن الجنة يشوقنا إليها. قال: فيها رسول الله».
أحبك ولم تكتحل عيناي برؤيتك، أسأل الله أن أكون أحد أحبابك، الذين آمنوا بك ولم يروك.
دعوتُ الله قبل سنوات طويلة، بعد قراءتي لسيرتك الطاهرة بأن أراك، رأيتك وكأنَّك وهج من الفضة!
كل من قابلك أو سمع عنك أحبّك، حتى أعداؤك يحترمونك، الآلاف قد ضحوا بأرواحهم وأموالهم وأسرهم ووطنهم من أجلك، جلسوا بين يديك مصغين طائعين وكأن الطير فوق رؤوسهم، ليتني كنت أحدهم!
أتخيل مشاهد وشخصيات تلك القامات التي ساهمت في صناعة سيرتك العطرة:
والدُك عبد الله بن عبد المطلب الذي وضع أهمّ بذرة في تاريخ الإنسانية، وآمِنة بنت وهب التي أضاءت النور في عز ظلمة العرب، وعبد المطلب الذي رَبَّاك، وخديجة التي دثرتك حين جاءك خبر السماء أول مرة، وحليمة السعدية التي أخَذَتْكَ على حياءٍ لترضعك حتى لا تعودَ خاليَ الوفاضِ، فأصبحَت الأكثر ثراءً في بني سعد.
أتمنى أن أكون واحدًا من الأشخاص الذين تحدّثت معهم أو شاهدوكَ، أو الذين كان لهم دورٌ في ملحمتك الخالدة.
ليتَنِي كُنْتُ ورقة بن نوفل؛ وأنتَ تقف أمامي مُندهِشًا، وأنا أقول: ما جاء أحدٌ بمثل ما جئت به إلَّا عودي. أو الراهِب بحيرى؛ وأنا أتفقَّدُ علاماتِ النبوة على جسدِك الطاهِر. أو أبا بكرِ الصديق؛ ونحن ثانِي اثنَينِ في الغارِ، تَبوح لي بمكنُونات نفسِك. أو أحد الذِين بايعوكَ أو وضَعوا أيديهِم تحت يدك يوم الحُديبة.
حلمتُ أنَّني سعد بن أبي وقاص، وأنت تقول لي: «ارمِ بأبي وأمي»، أو علي بن أبي طالب، وأنت توصيني بأن أنام في فراشك ليلة الهجرة، أو سواد بن غزية، وأنا أُقبّل بطنك.
وأتخيل نفسي أحيانًا كَعب بن زُهير وأنا في حضرتِك، وتُهديني بُردتَك بعد أن أنشدتُ قصيدة البردة أمامكم، فأصبحت البردة رمزًا للخلافة، أو طلحة بن عبيد الله أحيط بكم وأتلقى الضربات عنكم، وتُشلّ يدي فتقول: هذا شهيد يمشي على الأرض.
يا ليتني سمعته يتكلم وملأت عينيّ منه، وتوضأت من وضوئه، ولمست أظافره المقصوصة، وسرقتُ شعيرات منه، يا ليتني كنت أحد الأنصار، أقف أمامه بعد معركة حنين وهو يقول: «أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله؟» كنتُ من الذين صرخوا بأعلى صوتهم: دعهم يأخذون الإبل والمال! نريد أن نذهب بك يا رسول الله.
لو شهِدتُ الرسول لكنتُ من أهل الصُّفَّة، يُطعِمني الرسول من طعامه ويستأنِس بي، وأسمع أحاديثه ثم أرويها لقومي، أو كنت عَدّاسًا فأمد أمام الرسول طبقًا من العنب وهو في قمة ضعفه ويأبى أن يطبق الجبلين على الطائف، فيقول: «لَعَلَّ الله يخرِج من أصلابهم من لا يُشْرِك بالله.»
أعلمُ أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - يُبَادِلُني المحبة بمحبة، فقد ذكرني مرةً وهو وسط أصحابه حين بكى فسألوه: ما يبكيك يا رسول الله؟ فيجيب: «اشتقتُ لأحبابي»، قالوا: أولسنا أحبابك؟ قال: «أنتم أصحابي، أحبابي قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني.»
السلامُ عليكَ يا رسول الله، فما زلتَ حيًّا بيننا، نحبك ونحب من يحبك، مالنا وأولادنا فداؤك يا رسول الله، قلتَ لنا: «موعدنا الحوض». وأنتَ أصدقُ الصادقين.